نساء مصر والسي سيد


أثارت قصة تغطية وسائل الاعلام لحكم القضاء المصري على مجموعة من الفتيات بالسجن 11 عاما لمشاركتهن في مظاهرات حولت للتشجيع على الغنف رفضا لحكم العسكر إنتباهي في الطريقة التي تمت تغطيتها في الكثير من وسائل الاعلام ، والشيء الملفت في تلك التغطية هو مسمى المتهمات والصفة التي أعطيت لهن رغم أن الصور الفوتوغرافية التلفزيونية أظهرت للجميع أنهن مجرد فيات تتراوح أعمارهن ما بين 15عاما و19 عاما وأن تم تحويل عدد منهن لدورة رعاية الفتيات والبقية إلى سجون النساء .

والخلاف اللغوي ما بين إمرأة وفتاة جعل الخبر يتم التعامل معه بناءا على الاجندة والسياسة الاعلامية لكل وسيلة ، وفي نفس الوقت موقف تلك الوسيلة الاعلامية " مالكها " من قضية الانقرب العسكري في مصر و الإخوان المسلمين ، وهنا تبرز قضية التحيز الاعلامي وفقدان الموضوعية وتحري الدقة في نقل تفاصيل الخبر للجمهور لأن الجمهور المتلقي للمعلمو هو جمهور دول نامية ما يزال إلى الأن يخلط ما بين مفهوم " المرأة " ومفهوم " الفتاة " ، والوسائل الاعلامية التي أرفقت الصور مع الخبر تجنبت الوقوع في غلطة المفهوم هذا ولعل ابرزها وسائل الاعلام الغربية ، ولكن وسائل الاعلام العربية التي إفتقر الخبر فيها للصورة وقعت في خطأ هذا المفهوم متعمدة لأنها تسير وفق أجندة وسياسية إعلامية تحبرها على التحيز وعدم مراعاة الدقة والموضوعية في تغطيتها للخبر .

والحقيقة المرئية في تغطية هذا الخبر من قبل وسائل الاعلام الغربية بينت للمشاهد أنهن مجرد فتيات صغار يلبسن الرداء الأبيض وتملأ وجوههن الابتسامة ويقمن بتسليم أيديهن للعسكر بكل هدوؤ كي يضع الاصفاد فيهن دون وجل أو خوف ، وبذلك هن يؤكدن حقيقة واحدة هنا أن حكم عسكر مصر قد صبغ قوته العسكرية على القضاء المصري الذي أصبح إمعة في يده وليس بعيدا عن هذا الحكم أن يتم رفض قانون التظاهر الأخير الذي أوصع ثوار مصر واصحاب ثورة 25 يونيه في خانة من سرق الثورة منهم " الأخوان " وربما يحعلهم هذا الشيء يصبحون على قلب رجل واحد ضد حكم الدولة المؤقته وحكم العسكر .

من لايعرف سي السيد من مجموعة قصص نجيب محفوظ ودوره السلطوي في فرض الفضيلة في حدود بيته فقط وممارسته للرذيلة خارج تلك الحدود ، وقصة " السي سيد " تلك لاتبتعد كثيرا عما يدور في مصر وفي حكم " السيسي " والذي ينقصه فقط حرف "د" في نهاية اسمه كي يصبح السي سيد بكامل شخصيته كما رسمها نجيب محفوظ ، فهو في مصر يدير أمور البيت المصري من خلال مجموعة من الأولاد العاملين في دكانته ويوصيهم بالالتزام حرفيا بكل ما يحملونه من كلام لأهل البيت مع الحرص على فرض سلطته كالسي سيد في استخدامهم للكلمات .

وبالأمس تأكد هذا النوذج في المؤتمر الصحفي للرئيس المصري المؤقت ورئيس رئيس الوزراء وبقية صبيان السي سيد عند حديثهم عن قانون التظاهر في مصر ، ولم تخلوا كلماتهم من جمل العسكر وحزمهم وقوة فرضهم للأمر العسكري وكأننا بالأمس كنا نستمع لمؤتر اركان حرب مصر ولكن بلباس مدني وبقيافة دبلوماسية وينقصهم فقط التيجان والنسور وبقية لزوم الرتب العسكرية ، والذي تابع المؤنر بالأمس لت يجد أية جملة تدل على أن هناك ديموقراطية سياسية تجري في غرفة المؤتر ، بل شوهد عدد لايتجاوز اصابع اليدين من الصحفيين الذي أمسكوا بأقلامهم وورقهم كي ينسخوا ما يقول السي سيد عبر صبيانه بكل امانة وصدق ، وفي نفس الوقت لم نشاهد أي جهاز كمبيوتر شخصي أو تكنولوجيا النقل لما يقال في لحظته بإستثناء كاميرا التلفزيون الرسمي ، وذلك كي يتحقق للسي سيد نقل الصبيان لما يقول بكل دقة وحرفية وعدم تجاوز الحدود ، وقصة السي سيد ونصف المرأة المصرية تستحق أن تثبت في صفحات تاريخ ثورة مصر التي فرضت نفسها على الساحة العربية واخرجت أنصاف الرجال وأنصاف النساء من جحورهم واصبحوا يديرون معركة السي سيد مع الفضيلة والرذيلة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات