ثلاث أجيال .. الأختلاف الفكري


لا يوجد بالأردن ولا بمجتمعه تعمق حزبي مبني على اساس برامج ... نحن سياستنا تتمحور بشكل عام سياسه عامه .. ذات الخطوط العريضه ... يحكمنا دستور وقوانيين وتعلميات .. وهي غير مستمده من حزب او فكر او مدرسه او نظريه ... اي سياسه مدنيه تراكميه تم صقلها بالتدريج بين فتره وفتره لتتناسب مع متطلبات التغير المجتمعي المحلي والعالمي .. وقد تخللها بعض التشريعات التي يحمكها الدين وضمن المرونه المتاحه التي تتناسب مع الواقع كون الاسلام صالح لكل زمان ومكان ......

الازمه بالاردن هي ازمة فكر... وليس صراع على سلطه ... او نفوذ .. او مصالح ... كون هناك ( نظام رأسمالي ) فالدوله لا تصنع فقيرا أو غنيا لأن النظام الرأسمالي يتيح لكل الافراد ان تمارس نشاطها الاقتصادي بأريحيه وتحقق الربح وضمن القوانين والتشريعات ... انت تثبت نفسك بجدارتك وعملك وممكن ان تنتقل من ( طبقه الى طبقه ) بكيفيه ادارة شؤون حياتك واعمالك ... لكن الدوله توفر لك البيئه الحاضنه وتوفر قدر استطاعتها ما هو مطلوب منها خدماتيا ووضع معيشي واقتصادي مقبول ضمن الامكانيات... اذا الاختلاف ليس مادي ..... فنحن اجمالا لا نحتاج الى مبادرات او احزاب او تنظيمات تتسلق على الاولويات الاخرى وصولا الى الاقتصاد دون الوقوف على كل درجه من درجات السلم على ان يكون الانطلاق اساسا من اساس ثابت من المبادئ الفكريه المتفق عليها بالاجماع والتي هي اصلا موضع خلاف.. والتي هي من يقوم عليها باقي المجالات ... لذا اجد وحسب وجهة نظري ان المجتمع الاردني اجمالا هو شعب يتكون من ( ثلاث اجيال ) وعليه أود ان اشير الى ما يلي ...

1- الجيل الأول والذي تجاوز ال ( 50) سنه الى 100 مائه عام هو اجمالا جمع بين جيلين ( القديم والحديث ) وهنا تكمن الخطوره او بمعنى هنا تكمن ( المعضله ) .. نشأ تناقض بين ما عاشه بحقبه زمنيه معينه كانت بها السياسه العامه تقليديه بسيطه بعيده عن التعقيد لقلة الاحداث .. وكان يحفوها القوميه والوطنيه والحميه العربيه وبين السياسه الحديثه التي قلبت الامور رأسا على عقب وخاصة بظل العولمه والانفتاحيه مما زاد حياة الفرد تعقيدا ليقف سائلا نفسه هل اقسم نفسي جزئين ؟ .. هنا ظهر التناقض وهو لب المشكله الذي نتج عنه الأن ما نعيشه من اضظراب سياسي وأزمة فكر .

2- جيل الشباب واعمارهم تتراوح ما بين 20 سنه الى 40 سنه .. وهنا هو بوضع افضل بكثير لأنه عايش حقبه زمنيه واحده وهي السياسه الحديثه بتطوراتها ... وهنا التقى مع الجيل الأول بنصفه الثاني اما النصف الأول ظهر التعارض والاختلاف وهي موضع صراع ونقاش وجدال .

3- الجيل الثالث وهو ما دون ال 20 سنه .. لقد ابتعد كثيرا عن الجيل الأول فهو لا يحمل افكارهم نهائيا ويعارضهم مائه بالمائه فكريا ( انسى العادات والتقاليد والعقيده ) هذه ليست موضع خلاف بين كافة الاجيال ... هذا الجيل هو قريب جدا بنسبة 95 بالمائه من الجيل الثاني ونقاط الاختلاف بينهما لا تكاد تذكر او تشكل ازمه فكريه .

والأن ..............

ما المقصود بالمبادرات او الاحزاب او التنظيمات ؟ .. ستجمع الناس على ماذا ؟ .... هناك دستور وقوانيين وتشريعات .. وهناك العادات والتقاليد والعقيده .... وهناك مسوغات واضحه تبين الحقوق والواجبات .. اذاً الاجماع سيكون بلا شك على ما مدى تحقيق تقارب فكري بين الاجيال للوصول الى نقاط مشتركه والتي على اساسها سيتم اعاده بلوره الحياه السياسيه الحاليه لتجمع بين الاصول السياسيه الثابته التي ترسخ مفهوم العروبه والعقيده كأساس تنطلق منه فروع السياسه الاخره ( داخليه وخارجيه ) .

اختلاف الافكار على ماذا ؟ .. ما هي الازمه الفكريه الموجوده حاليا بين الاجيال ؟ ... اذا كانت المسأله مبنيه على ( وعي اجتماعي ومعرفي وعقائدي وثقافه سياسيه واقتصاديه ...) هنا تحل نصف المشكله ... اما اذا كان هناك تضارب معرفي فهنا تكمن المشكله .... من المؤسف ان الثلاث اجيال يوجد بينهما من هو ( جاهل معرفي ) ... وهنا لا يمكن ان يصلا الى تسويه فكريه ترضي الجميع وينهى الأمر ... وللخروج من هذه الاشكاليه نحتاج قبل ان نمارس نشاطنا الفكري والمحاججه والتحاور وعمل مبادرات واحزاب وتنظيمات يجب علينا ان نعيد النظر بالمفاهيم التي يحملها المجتمع .. ما هي المفاهيم التي يحملها المجتمع ؟ .. بلا شك وهذا واضح ان المواطن الاردني .. هنا اخص المواطن الاردني وليس العربي بشكل عام .. وان التقت الشعوب العربيه بصفات وافكار مشتركه فيما بينهما واختلفت بأخرى مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصيه كل دوله ومجتمع .. ولكن هنا اود ان اخص بالذات مجتمعنا الاردني ...

المفاهيم تراكميه .. منه ما هو حقائق ثابته ومنها ما تعرض للتشويش وسوء التقدير ومنها تراكمت تاريخ بحسناته وسيئاته ... ومنها ما يخضع للنزعه الانسانيه والدينيه ... الاردن مر بحقبات زمنيه كثيره حملت بين طياتها الكثير من الاحداث والظروف والتحديات ... الاجيال الثلاث وبألاخص الجيل الثاني والثالث لا ذنب له مما انتجه التاريخ ... ولا يحمل وزر التاريخ ونتائجه... ولا يحمل وزر اقواله وافعال الاشخاص الذي صنعوا التاريخ ...عندما فتح عينيه على الدنيا وجد الوضع امامه كما هو ... والأن .... لا يمكن ان تعيد الساعه الى الوراء .. ولا يمكن ان تغير من مجرى التاريخ الذي مضى ... ستتعامل مع الموجود كمسلمه حتميه بحته ... انت لا تملك سوى ان تغير من الواقع الحالي نحو تاريخ افضل للاجيال القادمه ... كيف ؟

اذا بقينا نتعامل بعقلية ( الذي مضى ) وننحكم للتاريخ واحداثه لن نتحرك ( سم ) واحد وسيبقى الخلاف الفكري موجود ... هذه جزئيه من الخلاف .. الجزئيه الاخرى هو الاختلاف ( بالمرجعيه ) .. الاساس التي سينحكم بها الناس .. هل هي مرجعيه دينيه ؟ .. ام مدارس فكريه ونظريه ( دنيويه ) ؟ .... ام هي ( خليط بين الاثنين ) ؟ ... ام هي انشاء واصدار وخلق واستحداث ( مدرسه فكريه اخرى جديده ) ؟ ....

لجذب الناس الى تبادل الافكار والنقاش والجدال والتحاور بمختلف الاعمار لن يفضي الى شيء .. لأن كل المتحاورين والمتبادلي الافكار ترسخ بأنفسهم مبدأ ومفهوم وقناعه معينه لا يمكن ان يتزحزح عنها ( سم ) .. وبالتالي النقاش سيكون عقيم وبدون فائده وسيقود الى مضيعة الوقت وتعمق الخلاف والى طريق مسدود .

من اجل السيطره على هذا الأمر ومن ناحيه تنظيميه ان اجد ان المجتمع اذا تم تقسيمه ( عمريا ) الى ثلاث مجموعات بغض النظر عن الدين واللون والجنس والعرق والانتماء الحزبي او الفكري او المنصب .. حيث كل ( جيل ) يمثل مجموعه وهذه المجموع تنتخب من يمثلها ويتم صياغه برنامج لها بما تحمله من افكار وتؤمن به .. بغض النظر عن ماهية الافكار .. ويتم التقاء ممثلي الاجيال الثلاث للخروج بمنظومه توافقيه يتم على اساسها تحديد السياسه العامه او سن القوانين او التشريعات بكافة المجالات .

هنا يتم الفصل فكريا والغاء عنصر ( التأثير ) والتبعيه بين جيل وجيل هذا اولا .... احترام افكار كل جيل والاخذ بها ... معرفة النقاط المشتركه المتفق عليها والمختلف عليها ... ترسيخ مبدأ احترام رأي الاغلبيه ... الوصول الى اليه توافقيه بين الاجيال الثلاث ... االانتهاء من العشوائيه والفوضى الفكريه المنتشره والمتوزعه هنا وهناك ... احترام الماضي واخذ العبره منه فقط بدون رواسب والتعامل مع الموجودات والامكانيات الان بالحاضر ومن ثم الرسم للمستقبل بنهج موحد .

بهذه الحاله .. من يعزف او يبتعد عن هذه الاليه او عدم الانضمام الى مجموعته حسب ( العمر ) والتكلم بصفه جماعيه موحده ومنظمه هو بلا شك سيعطي انطباع بأنه لا يريد ان يخوض العمليه الديمقراطيه بشكلها الصحيح وانما سيظهر للجميع انه من عوامل الفوضى الفكريه بالمجتمع والتشتيت ولا يسعى الى الاستقرار والتوافق الفكري للخروج من الأزمه الفكريه .

هذه الاليه تخضع للدوله من ناحيه التنظيميه واللقاءات وبرعايتها واذا تم وضع ( استبيان ) لتقوم كل مجموعه او ممثليها بتعبئتها ومن ثم فرز الاجابات لمعرفة افكار وتوجهات كل مجموعه بشكل مبدئي ليتسنى للدوله بوضع جدول اعمال اللقاء والتحاور ومعرفة نقاط التوافق والاختلاف .... والتي على اساسها يعطي انطباع عن مكونات المجتمع الاردني فكريا وماذا يريد وما لا يريد وتتضح الصوره للمجتمع الاردني اكثر دقه والتي من خلالها يتم معرفة الرأي العام الداخلي ومنه تنطلق العملية الديمقراطيه على اسس ثابته وعليه يتم مراجعه او اعتماد ما هو قائم او اجراء تعديل او تغيير او الغاء من ناحية القوانيين والتشريعات وغيره .. وبهذا ينحكم الجميع لهذا النقاش والحوار وما ينتج عنه ويعتمد .. وهذه طريقه اجدها حسب وجهة نظري اسرع واكثر تنظيما وتسرع بعملية الاصلاح والاستقرار الفكري والمجتمعي ومنها ننطلق الى الامام .

هذا لا يعني الغاء الاحزاب او التنظيمات القائمه وانما هي طريقه اخرى تسير بالتوازي مع الحوارات الاخرى الموجوده على الساحه الاردنيه ربما هذا الامر يكون اسرع من اي امر اخر بتحقيق المنشود ويسرع عملية الاصلاح ويرسخ وغزز الديمقراطيه ويريح الجميع واختصار للوقت والخروج من قمم الاختلاف الفكري القائم حاليا بين شد ورخي بين كافة الاطراف .

ملاحظه : انا لست مع اي جيل .. انا لا زلت جنينا .. وموعد ولادتي لم يحن .. واتمنى ان اتي الى هذه الدنيا ويكون الجميع متفق .. واتمنى ان ارى الجميع يذهب الى صناديق الاقتراع بكل انسجام ووفاق .. لعل وعسى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات