حْراث الجِمال


مثل يقال عندما تكون نتائج عمل الشخص كارثيه وفي غير مكانها وتصبح جزء من المشكلة وليس حل لها ، ويأخذ به الفلاحين أكثر من أهل المدينة لقرب تجربتهم اليومية معه في مواسم الحراث وبذر الأرض وإنتظار المطر كي يقوموا بالحصاد في نهاية الموسم .
وهذا ينطبق على ديوان المحاسبة لدينا ألذي يقوم بعمله على مدار العام لينتهي به الأمر بتقرير يرفعه للملك وللسلطات التنفيذية كي تأخذ بما جاء فيه وخصوصا في جانب الهدر في المال العام الذي يمثل عصب ديوان المحاسبة وفي نفس الوقت عامود بقاء الدولة كدولة تقدم خدماتها للشعب بكل نزاهة وشفافية وبعيدا عن تغول الشخصنة والذاتية في إدارة شؤون هذا المال العام .
وقد يكون ديوان المحاسبة يقوم بعمله على أكمل وجه ويضع الأمور في نصابها الصحيح ويقدم المشورة في وقف الهدر في المال العام عن طريق إطلاع السلطة التنفيذية في البلد بهذا المنافذ التي تم من خلالها هدر هذا المال العام والحرص على إيقافها ومنع مزيد من التجاوزات فيها ، وحقيقة الأمر أن ما يقوم به ديوان المحاسبة إذ ما أخذ على أرض الواقع هو فعلا كحراث الجمال الذي لاينفع الأرض ولا الزرع بل يزيد المشكلة عن طريق إعطاء الأخرين معلومات جديدة عن الطريقة التي يتم منها خلالها هدر المال العام وتجاوز نقاط الضعف فيها والاستفادة من أخطاء الأخرين الذي كشف أمرهم وهم يهدرون المال العام .
وقد يكون دور ديوان المحاسبة هنا في وضع حقيقة ثابتة بين يدي من يهدر المال العام تتمثل في فتح عينيه للطرق التي يمكنه الخروج من تهمة الهدر تلك وأن يأخذ ما يريد من المال العام ويكرم نتيجة لذلك ويرفع من شأنه ويصبح مثالا وقدوة لغيره من موظفي القطاع العام في البلد ، وهنا نتحدث عن واقعة حقيقة تمت في بلدية الزرقاء خلال العام الماضي وتدور أحداثها بأن ديوان المحاسبة كشف قيام أحد مهندسي البلدية ويعمل بمنصب إداري عالي بالعمل في شركة خاصىة لمدة تزيد عن عام ، وكان هذا المهندس يتقاضى راتب من الشركة الخاصة وراتب من البلدية وطالب ديوان المحاسبة هذا الموظف بإرجاع كافة الرواتب التي تقاضها من البلدية عن وظيفته التي لم يعمل بها وتتجاوز هذه المبالغ العشرين ألف دينار .
وتم تحويل ملف تجاوزات هذا الموظف لرئاسة الوزراء لأنها الجهة المعنية بإدارة ملف البلديات أثناء غياب العملية الانتخابية ، وكانت المفاجئة أن قامت رئاسة الوزراء بإعفاء الموظف من دفع المبلغ بقرار رئاسي وإعادته للعمل في البلدية وبمنصب أعلى من منصبه السابق ، وهنا يتحقق ما سبق ذكره عن دور ديوان المحاسبة بأنه يقدم للموظف الفاسد الطريقة الاسلوب الذي من خلالهما يتمكن من هدر المال العام دون أن تطاله أية مسؤولية وعن طريق حماية نفسه عبر متنفذين في قلب السلطة التنفيذية ، والسؤال هنا من الذي يلعب دور الجمل في حرث أرض الوطن السلطة التنفيذية أم ديوان المحاسبة ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات