غزة تختنق


بهدوءٍ تام مصنوع وبتجاهل كامل متعمّد من وسائل الأعلام المحلية والعالمية ، وبتواطؤ محلي وإقليمي ودولي ، يتم إحكام الحصار على قطاع غزّة ، المحاصر أصلاً منذ سنوات . ليتم إكمال الدائرة من الجهات الأربع ، إضافة للحصار من البحر والجو وتحت الأرض .

غزّة تُعاقب من العالم كلّه تقريباً ، بسبب خيارها الديمقراطي . فصمدت طوال هذه الفترة ، وهذا ما أذهل العالم ، وأشعرهم بعجزهم وقصر إجراءاتهم مهما اشتدّت . فليس هناك أشد قهراً وشعوراُ بالضآلة من ظالمٍ وهو يرى عدم مبالاة المظلوم واستهتاره بظلمه وكل إجراءاته .

هذه الشريط الضّيق في خاصرة آسيا ، الأشد اكتظاظاً ، والأكثر فقراً ، والأقل مساحةّ ، يُرافق ذلك ارتفاع عدد العاطلين عن العمل مع قلّة مصادر الرزق المتاحة ، وزيادة نسبة الإعالة ، بمعنى وجود فرد واحد يُعيل عددا كبيرا من الأفراد .

ومع كل هذه الظروف الصعبة فقد حافظ على كرامته ، عندما خنع الآخرون . وعلى مستوى دخل مقبول رغم شح الموارد وقلة المساعدات , فغزة تعتمد على الخارج تقريبا في كل شيء إلا بعض الإنتاج الزراعي والأسماك والصناعات الخفيفة .

وبسبب الحصار المحكم الذي فُرض على القطاع وبشكل مزاجي ودون مواعيد ثابتة ، فقد ابتكر الغزّيون ، والحاجة أم الاختراع ، أساليب ووسائل جديدة لكسر الحصار والحصول على احتياجاتهم من السلع والبضائع . فكانت الأنفاق التي استعملت كوسيلة بديلة لنقل البضائع . وأصبحت طريقة جديدة لفتح باب العمل لعدد كبير من الأفراد والتجار .

بالتّأكيد فانّ الأنفاق ليس الوسيلة المثالية للتبادل التجاري بين الدول ونقل وإيصال كل ما يحتاجه الناس . ولكنها وسيلة المضطر ، وما كان اللجوء إليها إلا عندما انقطعت السبل الأخرى . فكما أن للأنفاق فوائد فان لها مخاطر أيضا ، حيث إمكانية تهريب أشياء ضارة وممنوعة كالمخدرات وسواها ولكن يبدو أن الحكومة في غزة كانت تفرض سيطرتها بشكل جيد على الأنفاق .

وكانت محاولات لإغلاق الأنفاق في عهد حسني مبارك باستخدام الجدار العازل بداخل الأرض وتوقف العمل به بعد الثورة إلا أن إغلاق الأنفاق زادت وتيرته في عهد مرسي بعد حادثة مقتل الجنود المصريين في رمضان . وبعد قيام الانقلاب تسارعت العملية وبدأ عمل منطقة عازلة على طول الحدود بين مصر وغزة .

من الواجب التذكير بأن قطاع غزة كان تحت الحكم المصري حتى علم 1967 حيث أصبح تحت الاحتلال الإسرائيلي وبقي شوكةً في حلقة ومصدر إزعاج له حتى انسحب منه من جانب واحد
إنّ التزام إسرائيل بتوفير احتياجات السكان يجب أن يستمر وان لا يتأثر بالانسحاب الشكلي والذي جعل من عزة سجن كبير . كما أن التزام مصر الأدبي بمساعدة غزة يجب أن يستمر أيضا وأن لا يتأثر ذلك بتغيّر نظام الحكم في مصر أو من يحكم في غزة . فحياة ومصالح الشعوب أهم وأبقى من الأنظمة والحكومات .

فغزة مقيلة إن استمر الحال على ما هو عليه على كارثة إنسانية من حيث نقص الأدوية ومشتقات البترول التي تستخدم أيضا لتشغيل محطات توليد الكهرباء ، والمواد الغذائية الأساسية الضرورية لحياة الناس .

مطلوب تدخُّل الجامعة العربية والدول الأعضاء لفتح المعبر لدخول البشر والبضائع كذلك أن تضغط الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدول الغربية على إسرائيل كي تلتزم بفتح المعابر لإيصال ما يحتاجه القطاع .

غزة جزء عزيز من الوطن العربي تمكّن بوسائله البدائية ولكن بعزيمة أبناءه من الصمود وصد أكثر من عدوان يستحق المساعدة والتسهيل لا الحصار والخنق .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات