الشارع الاردني والهم العربي


الشارع الاردني في الايام المنصرمة بدا منشغلا بالصراعات الدائرة في المحيط الخارجي للبلاد , وتحديدا في المحيط العربي , ففي مجالس المثقفين و السياسيين او حتى في المجالس العائلية , واضحا يبدو الاندماج الشديد والاختلاف في الرؤى والفكر وقرائة الاحداث الجارية عربيا , حتى لا يكاد يخلو احد المجالس من التباحث والخلاف بالشأن السوري أو المصري .

الشارع الاردني الذي شغل نفسه في قضايا امته من منطلق انخراطه في الهم العربي الواحد والمصير العربي المشترك , يبدو منقسما في الاراء ما بين تأيد الانظمة الحاكمة حاليا وبين الخيارات الشعبية وتأييد جبهات المعارضة , هذا التعاطف الشديد تبدو تجلياته واضحة حيث يطغى هذا الحديث حتى على الهم الداخلي للمواطن الاردني .

بعيدا عن تلك الخلافات نرى في الشأن الداخلي الاردني , استثمارا حكوميا للمرحلة الحالية في ظل انشغال الرأي العام للمواطن بالقضايا المحيطة خارجيا , فنشهد داخليا موجات الغلاء ورفع الاسعار وفرض الضرائب المتتالية , وتعطيلا للعملية والاستحقاقات الاصلاحية .

هذا الاستثمار وفي هذه المرحلة تحديدا يبدو كنوع من الاستغلال الذي يواجهه المواطن الاردني يوميا , والذي تمارسه السلطة التنفيذية التي نأت بنفسها عن تأمين الحياة الكريمة للمواطنين , عبر تقديم واجباتها من الخدمات الاساسية على اكمل وجه , ومكافحة الفساد المالي والاداري , وتحسين البنية الاقتصادية للوصل لغاية الامن الاقتصادي والاجتماعي التام , وهذا اعزوه في نظري لسبب ضعف السلطتين التشريعية والقضائية وانشغال المواطنين من فئة المثقفين والمفكريين وابناء الطبقات العاملة والشعبية الاردنية في الشأن العربي بعيدا عن الهم الداخلي !!!

لست هنا كي اطالب بعزل المواطن الاردني والنأي بنفسه عن محيطه الاقليمي والبعد القومي لهويته , لكني ارتأيت ان من واجبي ان اذكر بالقضايا الجوهرية التي تكاد تغيب عن الخطاب الشعبي الاردني , فمثلا لم تعد المجالس كسابق عهدها مهتمة بالقضية الفلسطينية التي تعد اهم القضايا للعرب وللاردنيين تحديدا لما تشكله هذه القضة من بعد وعمق للاردن بمواطنيه .. نحن نشهد في هذه الايام مزيدا من الانتهاكات في حقوق الفلسطينيين ومزيدا من تهويد الارض والمقدسات الاسلامية , ومزيدا من الخطط الشيطانية التي تحيكها لامتنا تلك الايدي الصهيونية القذرة .

حتى الشـأن الداخلي الاردني يكاد يغيب في حوارات المجالس العامة , فموجات الاستغلال الحكومي لجيوب المواطنين ومحاولات سد العجز الذي خلفته ايدي الفاسدين واللصوص على حساب قوت المواطن اليومي وعلى حساب ابسط متطلبات المعيشة التي يحتاجها الانسان , ومعضلة اللاجئين السوريين , والفقر والبطالة واعدام الثروات الباطنية وسوء استغلالها .

انا اوجه ندائي لكل مثقفي هذا الوطن وابنائه للانشغال في الهم الاردني والالتفات لخطورة المرحلة الراهنة التي نعيشها , بدلا من البحث عن مزيد من الخلافات ما بين نظام ومعارضيه , وبين دولة شقيقة و مسلحين مأجورين , بالخلاصة في الشؤون العربية لن يختلف اثنين من العقلاء على تأييد خيارات الشعوب , فلنترك للشعوب العربية حرية تقرير مصيرها , ونلتفت بدورنا للحركة الوطنية الاردنية الرافضة للمس بقوت المواطن اليومي , والمهتمة بالقضاء على الفساد والمفسدين الذين انهكوا قوام هذا الوطن وعاثوا فسادا بمقدراته .

الاصلاح يبدأ من الداخل دائما , فدعونا نلتفت قليلا الى الشأن الداخلي ونوحد الصف الاردني بعيدا عن الخلافات بشان الازمات العربية , من أجل النهوض العظيم الذي نرجوه لهذا الوطن في ظل الرخاء والامن والامان الاقتصادي والمجتمعي والسير الواحد نحو الامام من أجل رفعة هذا الوطن وهذه الامة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات