عند الامتحان


مجموعة خواطر تواردت على الذّهن بمناسبة إعلان نتائج الثانوية العامة . هذا الامتحان الذي تتعالى أصوات باستمرار لالغاءه دون ذكر البديل المناسب ، وان ذُّكر فهو امتحان آخر ، أو أكثر من امتحان . بمعنى آخر فانه لا غنى عن الامتحان ، فهو على علاّته الطريق الأوثق والأدقّ لمعرفة مستويات الممتحنين وللتمايز بينهم . علماً أنّ هناك من ثابر واجتهد وبذل جهداً إلا أنه لم يُوفّق أو لم يحصل على معدل يتناسب مع جهده ، بينما نجح وحصّل معدلا مرتفعاً الأقل اجتهادا وجهدا ، ولله في خلقه شؤون .

والامتحان معنى عام ليس شرطا أن يتكون من أسئلة وأجوبة محددة وقاعات ومراقبون وأوراق وأقلام . فالحياة مجموعة امتحانات علينا اجتيازها والنجاح بها إن أردنا التّقدّم والاستمرار . وفي هذه الامتحانات نكتشف أن هناك قوانين ونتائج تختلف عن الامتحانات التي تعرّضنا لها أثناء مراحل التعليم المختلفة . فالنّاجحون هنا قد يكونوا فاشلون هناك . فكم من متفوّق في مراحله الدّراسية تقدّم عليه بمراحل كثيرة من هم أقلّ منه . فجامعة الحياة لها طريقتها وأدواتها في القياس والتّقييم .

لقد تعودنا على الامتحانات مجهولة الأسئلة والتي يكون الإجابة عليها بكلمات قصيرة . ولكن هناك ما يسمى بالامتحان المفتوح وهو من أصعبها . ونحن في حياتنا نعيش في امتحان مفتوح علينا البحث والعمل والاستعداد لنتمكن من الإجابة في يومٍ تخرس فيه الألسن وتجيب الأيدي والأرجل والجلود .
وفي علاقتنا بالأقارب والأصدقاء يجب تعريض هذه العلاقات لمواقف واختبارات لنكتشف أن كثيرا ممن نتعامل معهم لم يكونوا على قدر الثقة التي وضعناها فيهم والمنزلة التي وضعناهم بها . فما أكثر الاخوان حين تعدّهم .... .

وهناك أحداث تكشف البشر ، فمن كان يظن أن حزب الله وقائده سيسقط هذه السقطة الكبيرة فيتحوّل من حزب مقاوم وساعٍ لحرية ونُصرة المستضعفين فإذا به ينقلب على نفسه ومبادئه ليُقاتل المطالبين بحريتهم من نظام مستبد قاتل . وكذا فعل كتّاب وسياسيون ونُشطاء يتعاملون بمعايير مزدوجة ، فما يرفضونه هنا يقفون معه ويُناصرونه ويبرروه هناك .

كما وأن الانقلاب العسكري في مصر أسقط ورقة التوت عن النّخب السياسية والشخصيات والأحزاب . فالعلمانيّون كانوا يُظهرون خلاف ما يُبطنون ، فثبت أنّهم يُعادون الإسلام بالكليّة ، وفي سبيل تحقيق ذلك لا مانع لديهم من التحالف حتى مع الشيطان طالما يُخلصهم من أي مظهر إسلامي . ومثلهم الليبراليون الذين كانوا يدّعون بأنّهم حماة الحريّة ودعاة الديمقراطية ، فإذ كل ذلك له مفهوم خاص عندهم . فالحرية التي يدعون إليها هي حرية الفن الهابط والسلوك المشين والفكر المنحرف ، أمّا ديمقراطيّتهم فخاصّة بهم ، فهي ليست ما يختاره الشّعب بل ما تريده النّخب . والصناديق إن لم تأت بهم فإنهم ينقلبون عليها .

وظهرت الانتهازية والمصالحيّة الضّيقة التي تتعامل بها أحزاب سياسية ومثقفون وإعلاميون . وممن كُشفوا ورسبوا في الاختبار شيوخ الأعلام الذين يتنقّلون في القنوات الفضائيّة فاشتهروا ولكنهم نكصوا عن تحديد موقف يُحتّمه عليهم ما يحملون من علم . ولله در القائل عند الامتحان يُكرم المرءُ أو يُهان .

بدأنا بنتائج امتحان الثانوية العامة وانتهينا بمصر أم الدنيا والحديث دائما ذو شجون .



تعليقات القراء

الله محيي الجيش الحر
الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر
03-08-2013 05:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات