تعال تفرج يا سلام


إنقسمت شاشات التلفاز أربع أو ستة شاشات وأصبحت المتابعة تتطلب مهارة عالية في المراقبة وتتبع الأحداث وإمتلاك ذاكرة جيدة لتتبع الصور إن كانت قد سبق وبثت قبل هذه اللحظة أو أنها طازجة، وتتطلب كذلك عين مراقبة لحركة الاشخاص وما يحيط بهم من مباني ولوحات إرشادية في الشوراع والصورة التي تحمل على عصي من خشب وما يلسبه المشاركين في المشهد من جموع بشرية ، ولابد من متابعة السمع جيدا لخلفيات الصوت المرافق للمشهد ..خطب دينية أو أغاني وطنية .

وفي زاوية الشاشة العليا يمين تكتب كلمة من خمسة حروف تعني " مباشر " أي ما نشاهده في تلك اللحظة هو ما يوجد على أرض الواقع من أرض الحدث ، وهي كلمة السر التي لايعلم مدى مصداقيتها إلا الله ومسؤول البث في غرفة الكنترول في المحطة الفضائية وهي أداة اللعب بمشاعر المشاهدين الذين وقعوا في فخ كلمة من خمسة حروف وسياسات وخطط إعلامية يحكمها رأس المال ورجال العسكر ومجموعة من المشيخات الخليجية وممالك عربية ترسم المشهد التلفزيوني كما تريد أن تكون النتيجة التي تسعى للوصول لها .

وبالأمس إشتغل صندقة دنيا مصر وبس تعال إتفرج يا سلام على مصر يا سلام ، وبخلاف تقسيم الشاشات لأرباع وأخماس واسداس لم يتبقى رجل أو إمراءة من مصر إلا وتم تجيره لأحد طرفي الصراع على نيل مصر الذي ستعود ملكيته بالمستقبل القريب لدولة المنبع أثيوبيا والمصريين يتغنون بمذبحة هذا النيل ، والشيء المثير هنا في صندوق مصر العجائبي أن من سيقتل مصر مجموع الاشياء التي أوصلتها لتصدر قيادة الأمة العربية على مدار ستين عاما .

وفي بدايتها شاشة التلفزيون التي كانت مصر مصدر إلهام لأجيال عديدة من تلفزيونات الوطن العربي ، وكانت مصر مركز تصدير الطاقات الفنية ذات الخبرات العالية واليوم هي نفس الشاشة التي قتلت مصر بعد أن شاهدها مئات الملايين من العرب والعجم وفي داخلها مصريين يتقاتلون بأقبح لغات الأرض وصفا للكراهية للأخر وبغضا وحقدا وبقية مصطلحات التخوين وبيع الوطن وتجيير الفشل في وجود إثنان منهم يتفقان على نقطة واحدة تجمع أهل مصر مع نيلها .

وثانيها اساتذة العلم والمحللين وبقية زمرة الرجال المجييرين لكلا طرفي المعركة ، اساتذة جامعات تخرج من تحت أيديهم اجيال من شباب مصر والامة العربية قلبوا بليلة صندوق عجائب مصر لرداحات وراقصي نوادي ليلية يلمون النقوط بعد إنتهاء الحفلة من على شاشة صندوق عجائب مصر يا سلام ، ورجال دين جييروا القرآن وآياته والاحاديث السنية لكلا طرفي الصراع وتوقف عندهم الدين ولم يتبقى منه سوى صفات الكافرين والخائنين والركع السجود في محراب الأخرين غير الله .

وأخيرا كان لراقصات مصر وهز وسطهن دورا في صندوق عجائب مصر يا سلام ، مجموعة من مذيعات الشاشات بدون حجاب أو بحجاب مارسن الرقص على جرح مصر ونيلها بكل غنج ودلال وقلة أدب ، وكما تقول أمي أن القحبة ليست فقط من تفتح قدميها وبالأمس كانت كل قحاب مصر على شاشاتها يردحن ويتغنين بسقوط نيل مصر .

وفي نهاية صندوق مصر يا سلام كان الدم يمتزج باللون الأخضر لأشعة الليزر وبصور فراعنة مصر الجدد وهي تعلوا رقاب عبيد فرعون القديم ، وكأن المصريين لايعرفون سوى الشخص الواحد القادر على أن يقودهم من رقابهم كي يبنوا له صرحا يصل لرب موسى ، ويستمر صندوق مصر بعرض عجائبه كل ليلة عبر شاشات تلفزيون قسمت أجزاء كما ستقسم مصر .



تعليقات القراء

مراق طريق
الموضوع بالفعل يستحق هذا الاعلان--تعال اتفرج يا سلام على عجيب الزمان--وبالفعل راينا العجائب
28-07-2013 11:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات