الدستور الأردني منسوخ عن العثماني


لا أعرف من أين جاءت المعلومة القائلة أن الدستور الأردني لسنة 1953 من أصل بلجيكي او أوروبي وقد ردد هذه الاشاعة بعض السياسيين الأردنيين الذين اشتركوا في وضع الدستور وكلهم ان لم يكن معظمهم قد التحقوا للرفيق الأعلى.

وعودة للموضوع والمتتبع لتاريخ الامبراطورية العثمانية يتبين له أن السلطان عبد الحميد الثاني بتاريخ 7/4/1876 أصدر الدستور العثماني في حفل رسمي كبير وقد نص القسم الأول منه على أن العاصمة هي اسطنبول والديانه الرسمية هي الاسلام, وتناول وضع السلطان و واجباته وامتيازاته وسك العملة باسمه والدعاء له في الخطب, وحقه في تعيين الوزراء وعزلهم واعلان الحرب وعقد الصلح وابرام المعاهدات والقيادة العليا للقوات المسلحة, وعلى ضرورة تصديقه على الأحكام القضائية الصادرة بالاعدام, وخوله أن يسن قانونا او يصدر مرسوما دون موافقه البرلمان, ونص القسم الثاني من الدستور على الحقوق العامة لرعايا الدولة, مثل المساواة أمام القانون, وكفل حرية العبادة لغير المسلمين شريطة أن لا يرتكب أحد في اقامة شعائره الدينية ما يخل بالنظام العام او يتعارض مع الأخلاق, وقرر أن الحرية الشخصية مصونة, ونص على ان التعيين في المناصب الحكومية ميسور للجميع بشرط توفر الكفاءة والمقدره واجادة اللغة التركية, وشدد على تجريم انتهاك حرمة المساكن فلا يسمح لرجل الحكومة باقتحامها الا في الاحوال التي يحددها القانون, وقرر عدم السماح بجمع اموال في صورة ضرائب أو تحت اي تسمية الا طبقا للقانون , كما تناول الدستور السلطات الثلاث, فالصدر الأعظم يتولى السلطة التنفيذية وهو رئيس مجلس الوزراء ويرأس اجتماعاته وتقرر أن يكون شيخ الاسلام عضوا في المجلس, اما السلطة التشريعية فينهض بها البرلمان الذي يتكون من مجلسين, أحدهما مجلس الأعيان أو مجلس الشيوخ يعينهم السلطان ويكون تعيينهم مدى الحياة, ويجب ألا يقل عمر العضو فيه عن 40 عاماً وأن يكون قد ادى سابقا خدمات جليلة للدولة, وان لا يتجاوز عدد اعضاء هذا المجلس ثلث عدد اعضاء المجلس الآخر وهو مجلس المبعوثان أو النواب, الذي يتم اختيار اعضائه عن طريق اجراء انتخابات عامة في جميع انحاء الدولة, حيث يمثل كل نائب 50 الف فرد من رعايا الدولة الذكور, ومدة عضويته 4 سنوات, وكفل الدستور الحصانه البرلمانية لأعضاء مجلس المبعوثان فلا يجوز القبض عليهم او محاكمتهم الا اذا قرر المجلس باغلبية الاصوات رفع الحصانه عن العضو, اما السلطة القضائية فتمارس من خلال المحاكم الشرعية المختصة النظر في قضايا الاحوال الشخصية بالنسبة لرعايا الجولة المسلمين, اما غير المسلمين فتنظر قضاياهم في محاكم خاصة, والى جانب المحاكم الشرعية توجد المحاكم المدنية التي تختص بالقوانين الوضعية, وكفل الدستور صيانة القضاء من اي تدخل في شؤونه, واحتفظ باختصاصات مجلس الدولة التي كان يمارسها من قبل باعتباره محكمة استئناف عليها ان تنظر في الطعون المقدمة ضد القرارات الادارية.

وخلاصة القول لا ادري ان كان نوابنا يعلمون هذه الحقيقة ام لا فإن كانوا يعلموها لا ادري ماذا يمنعهم من سن دستور عربي يتوافق مع القرن الحادي والعشرين ولا ينسخ عن الدستور العثماني الصادر في القرن الثامن عشر رغم التطورات الذي شهدها العالم منذ سنة 1876 اي قبل ثلاثمائه عام يوم كانت الاردن مقاطعة صغيرة من مقاطعات الدولة العثمانية وها نحن لا زلنا نسير على دستورها نفسه مع اختلاف التسميات بالإضافة الى ان الدستور العثماني قد كفل للنواب العثمانيين أكثر بكثير أكثر مما كفله الدستور الاردني للنواب الاردنيين, أما ان كان نوابنا الكرام لا يعلموا ذلك فعليهم ان يرجعوا للماضي القريب ويعملوا ايضا على سن دستور عربي اردني يتوافق مع روح العصر ومع حق الشعوب في اختيار العقد الاجتماعي الذي يلائمها.

حمى الله الاردن والاردنيين وان غدا لناظره قريب.



تعليقات القراء

أسامة
إن القانون الأساسي الذي أعلنه السلطان عبد الحميد الثاني في 23 ديسمبر عام 1876 بعد توليه الحكم هو أول دستور عثماني. وتم اعتماد دستورَي بلجيكا الصادرعام 1831، و بروسيا الصادر يوم 31 يناير عام 1851 نموذجَين أثناء وضع القانون الأساسي الذي أعدته جمعية خاصة(Cemiyeti Mahsusa) ترأسها مدحت باشا تحت إشراف السُلطان عبد الحميد الثاني .
وقد أخذ الدستور المصري 1923 من نفس المصادر.
معظم دساتير الدول العربية تنص على دين الدولة الاسلام على اختلاف مصادرها
22-07-2013 05:20 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات