( الانسجام العسكري والسياسي والشعبي )



الكاتب : برهان جازي



في أي دوله بالعالم يتم التحاق الافراد بالجيش او الاجهزه الامنيه اما بالتجنيد الاجباري او طوعا .... وينتسب الفرد الى هذه المؤسسات مقسما اليمين على الولاء المطلق واتباع التعليمات والانظمه والقوانين المعمول بها ... ولكن ...

- في اميركا مثلا شاهدت بأحدى القنوات الفضائيه لقاء مع احد الجنود الامريكان تم تسريحه من الخدمه العسكريه لعدم تنفيذه اوامر المسؤول عنه بحربهم مع العراق .. لعدم قناعته من جدوى الحرب .. والسؤال .. كيف لجندي اقسم الولاء للجش اوالاجهزه الامنيه ان ( يتشكل ) له مفهوم اخر بعيدا عن القسم والولاء والطاعه ؟ ... ما الذي استجد عليه ؟ .. هل هناك حرب شريفه عادله وحرب ظالمه سافره ؟ .. بلا شك هناك احدهم على حق والاخر على باطل ... هناك من تجاوز التعليمات والقوانيين والنصوص العسكريه والدستور ؟ .. ايهما يا ترى ؟.
- هل هناك تناقض بين سياسة الدوله ورؤيتها وبين ما يؤمن به الفرد المنتسب الى الجيش او الاجهزه الامنيه ؟ .. اذا كان كذلك .. لماذا انتسبت الى الجيش او الاجهزه الامنيه من الاساس ؟ .
- من خلال متابعتي لبعض الافلام الوثائقيه عن حياة الغرب وكيفية انتسابهم للجيش او الاجهزه الأمنيه لاحظت ان هناك افراد وخلال اجراء لقاءات معهم انهم انتسبوا لهذه المؤسسات بسبب البطاله ؟ .. ففضلوا الالتحاق بهذه المؤسسات لوجود امتيازات نوعا ما جيده تنقلهم من عالم البطاله الى عالم فيه استقرار وبداية حياه .. اذا المسأله كانت مبنيه من الاساس على النظر الى الامتيازات وليس نابعه من قناعات وانتماء وقتال ودفاع عن الدوله وسياستها .
- البعض يعتقد ان الانتساب الى هذه الاجهزه هي عباره عن ( نزهه ) ووتيره من الحياه الغير قابله للتغيير .. يتمتع بالامتيازات وعندما يجد الجد وتقوم هذه المؤسسات مثلا بحكم ظرف معين مثلا ( حرب ما ) بتحمل مسؤلياتها كامله بهذا الاتجاه وهذا الشيء يعتبر من اختصاصها يظهر ( الصراع ) النفسي داخل الفرد العسكري والتردد بالانخراط مع مؤسسته لاداء واجبه وحمل مسؤولياته القتاليه ليجد نفسه بين الهدف الذي التحق به الجيش وهو هدف شخصي ( كالبحث عن وظيفه ) وبين ( الرساله الحقيقيه والمهام الرئيسيه لتلك المؤسسات ) .. فيحصل التراجع وعصيان الاوامر او السعي لانهاء خدمته من تلك المؤسسات .
- هذا نوع من انواع الصراع النفسي للفرد .. وهناك صراع اخر وهو ( صراع الانتماء ) .. عندما تدخل الدوله بأشكاليه او خلاف مثلا مع دوله او حزب او تنظيم او جهه او طائفه او فئه او مناطقيه هنا ينشأ صراع الى أي جهه سيميل انتماء هذا الفرد .. هل لمؤسسته ام الى الانتماء ( الامتداد ) .. ان كان حزب او عائله او جهه او تنظيم او فكر او قناعات فكريه او توجهات سياسيه وربما تتخد اوجه انتماءاته بناءا على المعرفه اللاحقه لمعلومات عن سبب الحرب وابعادها او عن طريق التلقين والتعبئه وربما ( الاغراء ) يدفعه بتغيير انتماءه .. وهنا تظهر فجوه داخل المؤسسه نفسها بكيفية التعامل مع هذه الامور ويحدث ارتباك .. وهذه المسأله معممه وليست مقتصره على دوله معينه او جيش معين .
- لنأخذ عينه مثلا الازمه السوريه ... الانشقاقات حصلت .. بدافع طائفي او قناعات او اي امر اخر ذكرناه سابقا .. والسؤال .. هل ينتهي انتماءك لكل شيء بالحياه عند التحاقك بهذه الاجهزه وتخلص بانتمائك لهذه المؤسسه فقط ؟ ... وان تجاوزت هذه المؤسسات نصوصها وبنودها التي انت اقسمت عليها هل تبقى تجاريهم كون انتماءك مطلق لهم ؟ .. ام انت معهم ما داموا مقيدين بقوانين العسكريه ولم يتجاوزوها ولو على حساب انتماءك او ( امتدادك ) الطائفي او الفئوي او القبلي ... الخ ؟ .. هل يحق للفرد العسكري ان يتخلى عن مهامه وينسحب او يتمرد او ينشق او يتقاعس عن ادا ءواجبه من مطلق شخصي وقناعات شخصيه اوقرار فردي او بدافع تحريضي مثلا ؟ .. هل يحق له ذلك ؟ .
- هل الفرد المفكر والمثقف هو من يعيش هذا الصراعات فقط ؟ .. ومن يتمتع بثقافه محدوده ينساق وينفذ الاوامر ( الطاعه العمياء ) لعجزه عن ادراك الامور او التحليل او التفكير ؟ ايهما اكثر ولاءا ؟ ... المثقف ام من لا يحالفه الحظ ويتثقف او العكس او الاثنان معا ؟ ... من هم الاشخاص التي تتأرجح ولاءاتهم للمؤسسه التي ينتمون اليها ؟ ..
- الدول تدرك هذه الامور بلا شك .. ولكن على ماذا تراهن ؟ ... هل تراهن الدوله على ان لا تخوض حروب او نزاعات تنصدم مع انتماءات الافراد انفسهم المنتمين لتلك المؤسسات العسكريه ؟ .. كيف سينفذ القانون وكيف سيتم الدفاع عن الوطن ؟ .. كيف سأمرر للفرد المنتسب لهذه المؤسسات ان ما دام انت اخترت العمل بهذه المؤسسات يجب ان يكون ولاءك مطلق وتنفذ الاوامر ولو على حساب انتماءاتك الاخرى ؟ .. رؤيتي انا كدوله وسياستي تختلف عن رؤيتك انت كفرد .. ماذا لو استغلت الطبقه السياسيه او القاده او الانظمه تلك المؤسسات العسكريه لغايات الحفاظ على سلطاتهم وبعيد كل البعد عن اهداف انشاء تلك المؤسسات مثل ( ليبيا وسوريا )؟ .. هل ستتجاوب تلك المؤسسات لتلك الغايات من باب ( الطاعه العمياء ) والولاء المطلق ؟ .. في هذه الحاله اذا حصل عصيان او التخلف عن اداء الواجب هل هذا سبب كافي يكون مبرر للفرد ؟ .. يحصل تناقض بين ما اتى من اجله وهو الدفاع عن الوطن بالدرجه الاولى ومصالحه وبين الدفاع عن مصالح افراد اخرين .
- اسرائيل تعمل جاهده ان تضم بجيوشها واجهزتها الامنيه قدر المستطاع من ( اللقطاء ) الذي لا انتماءات لهم .. عندما وعوا على هذه الدنيا وهم لا يعرفون الا تلك المؤسسات .. هي بيتهم واهلهم وانتمائاتهم وفكرهم ويغسلون دماغهم على ( الطاعه العمياء ) تجنبا لأي انشقاق او انسحاب او تمرد او تخلف عن تنفيذ الاوامر .. هي تدرك هذه الامر جيدا . لانه ليس غريبا او غير متوقع ... ولكنها تحسب حساب لكل شيء .. اميركا مثلا هناك دائره او فرع داخل تلك المؤسسات العسكريه اذا اراد العسكري ان يتخلى عن واجبه ومهامه ورفضها يقبلون منه الاستقاله او الترميج على شرط ان ينتمي وينتسب ويضم اسمه الى( دائره / مؤسسه) او شيء من هذا القبيل يطلقون عليها اسم ( الجبناء ) .. فهم يخيرونه بين ان يحصل على لقب ( جبان ) ويتسرح من الخدمه او ينفذ الاوامر .. هناك الكثير منهم فضل ان يحمل هذا اللقب ناهيك عن توابع هذا اللقب بين اهله ومجتمعه وبلده ومع هذا منهم من وافق على ذلك على ان ينفذ اوامر تتعارض مع انتماءته الفكريه او اي شيء اخر هو غير مقتنع به وربما حتى لتجاوزها الانسانيه مثلا .. احدهم رفض تنفيذ حكم اعدام ميداني بمدنيين عزل ففضل ان يحمل لقب ( جبان ) على ان ينفذ مثل ذلك الامر الغير انساني .. تصور .
- هناك قصص كثيره من هذا القبيل ... المؤسسات العسكريه تختلف كليا عن المؤسسات المدنيه الاخرى .. كل شيء فيها حساس . لأنهم هم سياج الاوطان .. هم من يوكل لهم اشد واخطر واقصى واصعب شيء بالوجود .. هو الحفاظ على الشعب والوطن .. المسأله فيها ( حياه او موت ) وليست اي شيء اخر بسيط ممكن تجاوزه ... وهل يوجد اغلى من الروح عند الانسان .
- الحالات اجمالا ليست كثيره .. ولا تشكل غالبيه مطلقه ... ولا تؤثر بطريقه او بأخرى بأخلال توازن بأي مؤسسه عسكريه .. ولكنها كقضيه وكأمر موجود ... نعم موجود .. ولكن السؤال ما هو مدى استعداد المؤسسات للتعامل مع هذه الامور ... وهل التوجيه المعنوي يلعب دور كبير وبشفافيه لمعالجه هذه الامور .. هل التوجيه المعنوي مثلا لأي مؤسسه عسكريه يطرح سؤال بسيط وهادئ على كل فرد مثلا .. وهو .. بأقصى الظروف والحالات هل تبقي انتماءك للمؤسسه انتماء مطلق والتي تعمل بها ام ربما هناك تأرجح حسب الوضع وشكل الأمر والظرف ؟ .. لنسمع الاجابه من كل فرد بصراحه ووضوح .. على الأقل لأخذ فكره او احصائيه تخضع للتحليل لكي أعرف طبيعة الافراد وافكارهم والتي على اساسها استطيع من خلالها ان ارتب تشكيلات الافراد بطريقه تضمن لي عدم وجود شرخ او فجوه او عدم سيطره اذا تم عملية عصيان او عدم تنفيذ الاوامر .. افصل حالاتهم وميولهم وابني سياسة تشكيل مؤسستي بناءا على اجاباتهم الصريحه والتي تدخل من باب الاستبيان وبدون عقاب او خوف ولكن من باب الدراسه والتحليل وعلى اساسها ارسم خطط مؤسستي واستراتجيتها واكون مستعد للتحرك والتوزيع والاختيار بحالة حصول اي ظرف طارئ ( حرب .. عصيان .. ضبط الامن .. مظاهرات .. فتنه .. الخ ) .
- ما يحصل وينطبق على الافراد المنتسبين اصلا الى تلك المؤسسات ينطبق على الافراد المدنيين بحالة ( التعبئه العامه ) ... ربما الافراد المدنيين حين دعوتهم للقتال مثلا بجانب تلك المؤسسات ربما تجد نفس الاشياء والصراعات ايضا تحصل بناءا على صراعات وافكار وانتماءات مختلفه .. يجب ان يؤخذ هذا بعين الاعتبار ويدرس جيدا ويكون هناك خطط A.B .C وهكذا .
- المؤسسات العسكريه بكل دول العالم تقريبا تراعي المسأله النفسيه وهذه الامور بين افرادها أولا بأول.. وهناك وحدات نفسيه خاصه تكون تابعه لتلك المؤسسات للاستماع والتحقق ولتصحيح الافكار او التوجهات او الميول بالاقناع والادله منعا للتشويش او التضليل او تجنبا لارباك المؤسسات تلك بساعة الصفر ... يكون كل شيء مرتب ومنظم وحتى انهم يقومون بايستبعاد وترميج كثير من افرادهم اذ1 وجدوا فيما بعد انه غير كفؤ وغير مستعد او همته قلت او طرأ عليها تغيير او اصبح يشكل عقبه او خطر او يحدث بلبله او جاسوس او عميل او يشكل خطر على تلك المؤسسات.
ملاحظ: ما دفعني لكتابة هذا المقال هو البحث بنفسية الفرد ذاته وافكاره والمنتمي لتلك المؤسسات لأنه هو اللبنه الاساسيه لتلك المؤسسات التي على ضوئها تشكلت والتي تحمل مهام كبيره وعظيمه ولها من القوه والنفوذ تستطيع من خلاله ان تغير التاريخ .. وقد لاحظنا ذلك بشكل قريب بالربيع العربي كيف هذه المؤسسات اختلفت موازينها وكيف كان لها دور وكيف تعرضت وتتعرض لضغوط وانقسامات ومنهم من بقي كوحده واحده مثل ( تونس ومصر ) وهذا يشير بطريقه او بأخرى ان هناك عوامل ادت الى تماسك هذه المؤسسات ولنأخذ مثال بعيد مثلا الجيوش والمؤسسات العسكريه ( الالمانيه ) بزعامة هتلر كيف استطاع ان يسيطر على تلك المؤسسات وابدو ولاء مطلق له ومع هذا لم تخلوا من استثنائيات .. هناك عوامل وظروف كثيره غير محسوبه وطارئه قد تؤدي الى مفاجأت ومن هذا المنطلق يجب ان يكون هناك متابعه وتحليل وخطط استعدادا لأي استثنائيات او امور غير متوقعه او متوقعه .. وهذا الامر لا يعفي حتى كل ( التجمعات المسلحه ) وبغض النظر تحت أي اطار تعمل تتعرض لمثل هذه الامور ولكن الذكي من يستطيع ان يعمل توازن فكري وجسدي وحسي وثقافي وانسجام وقناعات وتوافق بين افراد هذه التجمعات . وتبقى وجهة نظر بالنهايه .

والسلام عليكم
Burhan_jazi@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات