الشعب الأردني صبور وأولي الأمر قلوبهم غلف وعلى أبصارهم غشاوة


رغم كل ما يعانيه الأردنيون من عوز وتآكل في مدخراتهم وانخفاض في قيمة عملتهم وقلة مائهم وارتفاع متوقع في سعر كهربائهم وسرقة مقدراتهم ونهب مؤسساتهم فما زال كثيرون منهم يصفقون ويعيشون لأولي الأمر ويذودون عنهم الحمى ويفدونهم بالمهج والأرواح وينبرون للدفاع عنهم رغم معدهم الخاوية وجيوبهم الفارغة .لا أعلم كيف يستمرئ المظلومين ظلم الظالمين ويدافعون عن جلاديهم ؟ بعض الأردنيين ينبري للتهجم على المعارضة والدفاع عن أولي الأمر من كافة مراتبهم وألقابهم الاجتماعية والأسماء البراقة التي اخترعوها لتميزهم عن غيرهم من البشر وتظهرهم على أنهم خارقين أو سوبر بشر وأنهم يرون ما لا يراه بقية الناس . عجيب أمر هؤلاء يدافعون عن الكردي مثلا أو عن البهلوان أو من هم أشد خطرا منهم من الشخوص المستترين بحماية النظام ولا تطولهم الأيدي ولا تدركهم الأبصار؟ يدافعون عن أحد أولياء الأمور ممن استأجر بناية كبيرة فخمة وضخمة من أمانة عمان الكبرى وفي أرقى مناطق عمان بمبلغ مائة دينار فقط في العام ليتم إشغالها لصالح ذلك الشخص وتحقيق مكاسب شخصية من ورائها؟ يدافعون عن بعض أولي الأمر أو وليات الأمر ممن يحكمن بأحد عشر مؤسسة في الأردن تحتوي على جيوش جرارة من الموظفين وهي أي ولية الأمر هذه ليس لها صفة دستورية؟ أم يدافعون عن أصهار وأنسباء أولي الأمر أو رؤساء الحكومات السابقين ووزرائهم وخصوصا وزراء الداخلية والخارجية والمالية والتربية والتعليم العالي وغيرها ممن أسهموا في وصول الأردن للوضع الكارثي الذي نعيشه الان؟
محير ومدهش موقف هؤلاء الأردنيين الذين يصفقون للهوان والذل والاستعباد ويهاجمون الحراكيين والمعارضين ويصفوهم بأكثر وأبشع الأسماء والصفات مشككين في مقاصدهم ومغازيهم. هل هي عقدة ستوكهولم التي بموجبها يستمرئ المظلوم ظلم الظالم ويعشق عذابه وبطشه؟ أم هو غسيل الدماغ والتنشئة على الطاعة العمياء وإيمان العجائز علما بأن الطاعة والإيمان بعلم ويقين واستدلال أفضل من الطاعة والإيمان على جهل. أم أن دفاع هؤلاء المظلومين عن جلاديهم أيضا مأجور وفيه شراء للذمم والمبادئ والمواقف وكما يقولون "يمكن شراء أي شيء أو شخص اذا دفعت السعر المناسب .ألم يدرك هؤلاء المسحجين والمدافعين عن الجلادين أن الرزق ليس على العباد وإنما على رب العباد ؟ألم يسمعوا هؤلاء بشعر عنترة ابن شداد عندما قال :
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ.
الشعب الأردني صبور فعلا على ما ألم به من كوارث طبيعية مثل قحط وقلة مياه وهجرات قسرية وحروب ولكنه يبدوا أنه أشد صبرا وأكظم غيظا على ما ألم به من كوارث من صنع أولي الأمر والنظام والحكومات .فالمديونية والعجز في الموازنة والفساد في الإدارة وتضارب المصالح والتربح من الوظيفة العامة والسطو على الموازنة ومحاباة الأحباء والأقرباء والموالين وأنسبائهم وأصهارهم وتسجيل الأراضي باسم المسؤولين والتعامل مع الأعداء وموالاة اليهود كل ذلك كوارث من صنع النظام والحكومات وما زال كثيرون يدافعون عنها ويفدونها بالمهج والأرواح. نعم الأردنيون صبورون وأولياء أمورهم ومسؤوليهم ووزرائهم قلوبهم في أكنة أو كما قال رب العزة في محكم كتابه العزيز "وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ" سورة فصلت .
أولي الأمر يعرفون تماما ما يريده الشعب الأردني من الإصلاح ومحاربة للفساد ومحاكمة الفاسدين وإحداث تعديلات دستورية تتيح للمواطنين من خلال حكومات تمثلهم ممارسة الولاية على شؤونهم العامة ولكن أولي الأمر ربما قلوبهم غلف وعلى عيونهم غشاوة فيتجاهلون تطلعات الشعب ويصدون عنها ويستبدلونها بالخطابات الرنانة التي لا تغير حالنا ولا تصوب أوضاعنا. على النظام السياسي وقيادته أن تدرك أن صبر الأردنيين ينضب وأنه غيظهم يظهر وأن هممهم تستنهض وكراماتهم تثور وأن ما على النظام إلا استدراك ما يمكن استدراكه فهل من مدكر!



تعليقات القراء

اردني حراكي حر
دائما رائع يا استاذ انيس
19-06-2013 10:37 AM
قلوبهم ميته
لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.
22-06-2013 12:37 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات