أردوغان "الإخونجي" .. وقُبلة " تقسيم " .


من بين ما تم نشره من صور تناولت أحداث ساحة " تقسيم " في أسطنبول وأطلق عليها بدايات الربيع التركي مجموعة من الشباب الاتراك الذين وجدوا وقتا مستقطعا بين زمن قنابل المسيل للدموع وهراوات الشرطة " العثمانية " كي يُقَبلوا بعضهم البعض وبصورة حميمية أعادت لذاكرتنا صور للهبيين في نهاية ستينيات القرن الماضي في اوروبا وامريكا عندما وجد هؤلاء الهبيين وقتا مستطعا كي يمارسوا به غرامهم الشخصي وعشقهم للمواد المخدرة في ساحات الاعتصمات ضد الحرب الفيتنامية .
وإنتشرت تلك الصور كالنار في الهشيم مع جودة عالية في التصوير من حيث النقاء ووضوح الصورة والحرفية في إلتقاطها مما جعلني كمصور أشك بأن هذه الصورة مفتعلة وكأن أخذت لإعلان ، وتوقف الربيع التركي لبرهة عند هذه الصورة وتم البدء بطرح وجهات النظر العديدة كمحاولة لتفسير هذه الصور ودورها وتأثيرها في مطالب المعتصمين في ساحة " تقسيم " وأصبحت المعركة ليست من أجل شجرة قطعت لبناء مجمع تجاري بل معركة تاريخ تركي علماني عمره مائة عام ضد الحكم العثماني الاسلامي وضد حكم السلاطين وبدء بناء تركيا العلمانية .
وبالأمس وبطريقة إستعراضية يرافقها حرفية عالية في التصوير" كالمسلسلات التركية " وإظهار الحشود الكبيرة وذكرتني بلقطات وسط بيروت لخطابات واحتفالات الحريري وحزب الله وقف اردوغان على منصة الخطابة وأمام جموع من مؤيديه يخطب ويؤكد لهم أن تركيا ليست ما يحدث في " تقسيم " بل تركيا هي هنا في " أنقرة " ، وكانت الحشود هم نساء ورجال أتراك ظهرت على ملامحهم خشونة الأرض وأرتدت النساء الحجاب الاسلامي كما أرتدته زوجة أوردوغان عندما إعتلت المنصة مع زوجها .
هما مشهدان في الساحة التركية يظهران حجم الانفصام الفكري الذي يعيشه الشعب التركي ما بين " الحجاب " و" القبلة " في وسط الدخان ومعركة إثبات التاريخ لكلاهما ، ولعل هذه المفارقة هي التي جعلت بعض التقارير الصحفية تخرج من هنا أو هناك لتؤكد على قمعية الدولة التركية مع وسائل الاعلام ، فقد تذكرت بعض الصحف المعارضة لأوردوغان أن الاعلام الموالي للحكومة ليس معنيا بما يحدث في ساحة " تقسيم " بقدر إهتمامه بموسم قطاف المشمش من حقول الفلاحين ، وأعادت بعض التقارير الاعلامية لمنظمات دولية إلى الاذهان القمع التركي لإعلامه المستقل وأشارت إلى أن تركيا من أكثر دول العالم التي بها صحفيين داخل السجون ، وذكرت كذلك أن الحكومة التركية تسيطر على الاعلام التركي سيطرة تامة .
ولولا مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت المفتوح والذي تحاول الحكومة التركية أن تقفل فضائه عبر الاعتقالات للمدونيين والمغردين على صفحاته لما تسربت صور القبلات في وسط ساحة " تقسيم " وبقينا نشاهد السلطان أوردوغان يتبختر على منصة الخطابة في وسط من الحشود إرتدت به النساء الحجاب ، والسؤال هنا هل معركة " تقسيم " هي معركة ما بين قبلة الشارع وحجاب السيدة الأولى في أنقرة ؟ .



تعليقات القراء

طفيلي ساكنها
يبدو أن الإسلام قادم في تركيا وغيرها وكل حملات التشكيك والهمز والتباكي على حرية الهيبيين لم تعد تفيد قطعان اليساريين واللادينيين ونحوهم من خصوم الإسلام شيئا الحقائق عن فكر اردوغان وانجازاته على الأرض تبخر كل حملات المشككين فامأ الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
17-06-2013 02:49 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات