الدولة الاردنية _ افلاس سياسي ام مالي؟


 تخيم هذه الأيام حالة من الإحباط على الساحة السياسية الأردنية، ونكاد نجزم بان الدولة الأردنية تمر بحالة إفلاس من نوع ما. خصوصا في ظل بروز مشكلة عدم الانسجام بين مؤسسات الحكم في الأردن، وما نتج عن ذلك من حالة التخبط وعدم الاتزان التي تعيشها مؤسسات الدولة المختلفة، وما رافقها من حالة احتقان واضحة يعيشها الشارع الأردني، تمثلت في رفض واضح لمعظم القرارات الصادرة عن الدولة في مختلف المجالات، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على إدارة الدولة وفق سياسة واضحة للتعامل مع الأحداث بشكل مخطط ومقنن بدل اعتمادها على أسلوب الفزعة في إدارة الدولة. إضافة إلى حالة عدم الانسجام الفكري والسياسي بين أعضاء مجلس النواب والذي عول عليه المواطن كثيرا فنسمع جلجلة ولا نرى طحينا، مما أدى إلى انقسام المجتمع ما بين معارض ومؤيد وغير مهتم، ناهيك عن حالة العنف المجتمعي والتي عصفت بالكثير من مدن وقرى المملكة، وحالة الفوضى غير المسبوقة في بعض الجامعات الأردنية.

ونضيف إلى تلك الحالة ارتفاع عجز الموازنة المستمر، وانحسار موارد الدولة المنتجة نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة المتبعة والتي قلبت الأمور في الدولة رأسا على عقب تمثلت في بيع موارد رأس المال الحقيقي بأقل الأسعار، وفرض المزيد من الضرائب على الأفراد، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

إلى متى ستبقى الدولة تستنزف مواردها الاقتصادية والبشرية بشكل جعلها تستجدى موارد الخزينة من هنا وهناك. هل أفلست الساحة السياسية الأردنية ولم يعد بمقدورها معالجة الأمور كما يجب؟ وهل إفلاسنا مالي أم سياسي؟ وهل عملية إخضاع الأردن إلى شروط صندوق النقد الدولي أمر ناجح يستحق الثناء، حتى بات يتحكم في اقتصاد الدولة ودعم السلع وتحريرها ورفع الأسعار، وكان الدولة تدار من الخارج، أم أن حالة الخوف والتخبط من الثورة السورية عصفت بالأمور في الأردن بهذا الشكل بحيث أصبحنا نستقبل الأشقاء السوريون في الصباح لنرفع أصواتنا في المساء إلى المجتمع الدولي نقول إننا لا نستطيع تحمل نفقاتهم. ماذا بقي من هياكل الدولة المتهالكة، وهل وصلنا إلى مرحلة الشيخوخة والعقم عن ابتكار سياسات نافعة للوطن والمواطن.

إن حالة الإحباط هذه جعلت من الدولة الأردنية لقمة سائغة أمام العالم الطامع الراغب في تصفية قضاياه وحل مشاكله على حساب الأردن أرضا وشعبا، حتى باتت الأمور تقرأ بالمقلوب، و أصبحت ميادين الإفلاس السياسي والاقتصادي في الدولة متشعِّبة وعلى درجات متفاوتة من الأهمية، ذلك أن بعضها يتعلق بالبناء المجتمعي وما اعتراه من تفتت وتآكل واختفاء للطبقة الوسطى والتي تعبر صمام أمان في بعض الأحيان للدولة. وبعضها يتعلق بالبناء السياسي والاقتصادي وما حل به من ضعف وتفكك وبحث عن السلطة والتمسك بها، والاهم في المجال هو البعد الثقافي والذي يعد الإطار الأمثل للجوانب الأخرى وما حل به من تغير واضح في المفهوم والتطبيق وغياب سافر للهوية الأردنية الجامعة والتي أصبحت في ظل تلك الحالة منفرة وطاردة للحمة الشعبية.

و من الطبيعي أن تنتهي هذه المسيرة إلى صيغتها الحالية، بشكل مزدوج، سواء في الجانب النسبي بالقياس والمقارنة مع غيرنا من المجتمعات. أو بالمعنى المطلق باعتباره ظاهرة مرفوضة بحد ذاتها وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود تلك المجتمعات. حتى بات المواطن الأردني يخدر بوعود لقرارات لا تعدو كونها وسيلة لكسب الوقت ليس أكثر، فكيف للقافلة أن تسير وفيها أناس لا يرون إلا أنفسهم ويعتقدون أنهم يحسنون صنعا، ولا يتقبلون النصح لإصابتهم بمرض جنون العظمة. حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان. 



تعليقات القراء

م ر ا ق ب
بارك الله فيك،،،
14-05-2013 04:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات