مصباح ديوجين ومصابيح رؤساء البلديات


كان ديوجين الكلبي,الفيلسوف اليوناني , والكلبي نسبة للفلسفة الكلبية الزاهدة بمتع الدنيا وكل القيم الا قيمة الفضيلة , كان يحمل مصباحا في النهار ويسير في الطرقات وعندما يسأله بعض الناس ساخرين عما تبحث يا ديوجين كان يرد بكل ثقة ابحث عن الامين. ويا لها من سخرية ان تحتاج بالاضافة الى ضوء الشمس الى مصباح لعلك تجد رجلا امينا . كان هذا في عصر كانت فيه الامانة قيمة عليا في كل الحضارات , ولا ادري كم مصباح سنحتاج للبحث عن الامناء من المسئولين والوزراء والاعيان والنواب ورؤساء الجامعات .لديجينوس مواقف ساخرة كثيرة منها انه حين احتل الاسكندر المقدوني بلده كان الاخير متلهفا للقاء ديوجين فوجده في برميله ,وهو كل ما لزمه من متاع الدنيا,. قال الاسكندر وهو بين اعوانه وحشمه وخدمه : هل تريد ان اقدم لك خدمة يا ديوجين ؟ فرد الفيلسوف : نعم ابعد قليلا فانك تحجب الشمس عني.
ما ذكرني بمصباح ديوجين وفلسفته هي هذه المصابيح الكهربائية الكثيرة التي تملأ شوارعنا وحارتنا وتدير ظهرها للشارع لتضيء بيت أحد الفاسدين .بل اني ارى من هنا من سطح بيتي مزرعة احد الفاسدين تضيؤها عشرات المصابيح ليل نهار. انها مضحكة مبكية ان ترى المصابيح الكهربائية بكل وقاحة تقول :"انا هنا ليس من أجلكم ايها العامة. انا هنا خدمة لهذا السيد. ان ما يتسلل اليكم من ضوئي لا اقصده وودت لو منعته عنكم. صحيح انكم انتم من دفعتم ثمن العمود وثمن الشصي وثمن المصباح وتدفعون كل شهر ثمن الطاقة التي استهلكها, ولكن ذلك طبيعي عندما يقبل الانسان الظلم . فأنا افهم قولهم أن الظلم ظلمات بمعنى انها ظلمات على المظلوم لا على الظالم. لذلك احاول حجب نوري عنكم لانكم لا تستحقونه." اما انا فأقول ربما لم يستطع مصباح ديوجين العثور على المين , ولكن مصابيح رؤوساء البلديات نجحت في تسليط الضوء على الفاسدين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات