عمي , متى نعود للمنزل ؟


عمي , متى نعود للمنزل ؟
للكاتب البوشناقي الكبير : ياسمين الرجبي
نقله عن الجزيرة البلقان : عباس عواد موسى

تحتضن كيليس وجوارها في الجنوب الشرقي لتركيا أكثر من مئة ألف لاجئ بالإضافة إلى عدد السكان المحليين , في مخيم صنفته لجنة الإتحاد الأوروبي المختصة ضمن الفئة أ .

كيليس - كانت شتاءاً قاسياً على اللاجئين السوريين العام الماضي . عندما هبت منظمات المجتمع المدني من مختلف بلدان العالم لتنفيذ مبادرة خبز وغطاء للاجئين . وهو ما جعلها هذا العام ومنذ اللحظة تبدأ في تنفيذ مساعدتها لهم فالإرتفاع المضطرد في أعدادهم يشكل تحدياً أكبر لها على أرض الواقع .

كنت ضمن القوافل الأولى التي دخلت سوريا وهي تحمل المساعدات الإنسانية والطبية . وها أنذا دخلت مخيماتهم وتجمعاتهم في جنوب شرق تركيا . إلتقيت الناس واضطلعت على عمل العاملين في المجال الإنساني والصعوبات التي يواجهونها .

التدفق المستمر للاجئين
يطل علينا فصل الشتاء . لكن الطقس لا يزال دافئاً نسبياً وزيارات الشمس قائمة . ألرؤية واضحة وأنت تشاهد أول مخيماتهم على يسارك وأنت تقترب من دخول كيليس وكذلك مقار المنظمات الإنسانية والمطابخ المتنقلة ومركز الهجرة .

مخيم للدولة
هو في الواقع مخيم وطني أي للدولة بمعنى ضمن إشرافها ورعايتها ، كحال جميع المخيمات في تركيا ، تحت ضمان الحكومة التركية ، يقطنه جميع اللاجئين السوريين الذين يعبرون الحدود بصورة غير شرعية . ليتم توزيعهم على مخيمات أخرى في البلاد لاحقاً . وفي هذا المخيم مستودع رئيسي وعبره تحصل مخيمات أخرى على المساعدات في ذات المنطقة . مطابخه كبيرة , يعد كل منها أربعة آلاف وجبة وهكذا تقوم المطابخ المتنقلة بتوزيعها .

رأيتهم رجالاً متوسطي العمر يقشرون البطاطا والبصل . ورأيتهم شباناً على مدخل المخيم ينتظرون لاجئين جدد . ورأيت عدة عائلات ربما ينتظرون أقارب لهم .

شاهدني طفل كان يلهو ببعض الدمى وأنا ألتقط صوراً فاندفع نحوي يسألني :

(( عمي , متى نعود للبيت ؟ ))
إلتقيت إرهان مصعب أحد منسقي منظمات المجتمع المدني والذي كنت قد تعرفت عليه في زياراتي السابقة فأبلغني أن عدد اللاجئين يبلغ مئة ألف لاجيء . ثمانون ألفاً منهم يتلقون مساعدات بانتظام والقطاع الخاص يدعم نصفهم وهناك مساعدات من الحكومة وبالتالي فإنهم مكتفون .

ويرى إرهان أن إيجاد عمل للاجئين هو ضرورة طالما أن الأزمة مستمرة ولا تُرى نهايتها والمشردون يملأون الأمكنة . ويقول ورغم تساوي عدد اللاجئين بعدد السكان المحليين إلا أنه لم تحدث أية مشكلة .

في يازوفولو
نصف ساعة مرت والمركبة تقودنا من كيليس حتى وصلنا مخيماً في يازوفولو . يقيم فيه إثنان وعشرون ألف لاجيء وفيه مدارس ورياض أطفال ومصلى ومركز صحي . يدرسون بالعربية جميع المراحل حتى الثانوية العامة . وتتوفر أجهزة الحاسوب في الغرف الصفية وتتم فيها عقد دورات متنوعة بما فيها دورات التأهيل النفسي للحد من صدمات الأزمة التي يعيشها بلدهم .

الرعاية الصحية متميزة والفرق الطبية شاملة وتكفي المشفى والعيادات ، وهناك الصيدلية . وهناك الملاعب لجميع أنواع الرياضة . والشوارع واسعة , نظيفة ومعبدة .

عدد الموظفين فيه من اللاجئين خمسمائة موظف يعملون في الطهي والإدارة وتنظيف البيئة .

تركيا تساعد الضحايا
تركت طفلتي في مدينة الملاهي ريثما عدت من صلاة الجمعة . لأرى طفلاً حزيناً يسألني عن أمه , لم يعد يراها . سألته عن إسمه فأجابني : محمد . وآخر ينتظر أبوه . يا إلهي , نحن في عالم خلا من الإنسانية طالما بقي فيه هذا النظام .

الهرب والأمل
ألجد والجدة والحفيد معاً على مشارف الحدود بين تركيا وسوريا . شاهدته هناك حينما وصلتها . ومثلهم الكثير الكثير . لم يسمح لي بدخول سوريا وأنا ضمن البعثة الإنسانية التركية ولست ضمن محاربي البلقان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات