من يغتال الاستحقاق الإصلاحي في الأردن ؟!


هذا هو السؤال الأهم على الطاولة الأردنية منذ أن أرسلناا رسالة إلى جلالة الملك حفظه الله تحت عنوان من يستهدف النظام الهاشمي في الأردن ؟ بتاريخ 9/11/2009 م ، أبان حكم المجلس النيابي الخامس عشر والذي تم حله في الرابع والعشرين من ذات الشهر ، ولا نعرف إن كانت الرسالة قد وصلت إلى يد جلالته أم أن مصيرها كان كمصير الرسائل السابقة ، على كل حال وصلنا إلى حقيقة مفادها أننا لن نخاطب جلالته بعد ذلك التاريخ إلا في العلن ، سيما وأن بعض الفقرات من رسالتنا وجدناها في مقالات بعض الزملاء الذين تربعوا على كراسي هي في الأصل ليست من حقهم ، ومع ذلك فما تم ولغاية الآن أغنى تجربتنا كإنسانيين في الأردن المجمع الإنساني الأعظم .
نعود إلى السؤال عنوان المقالة ، وقد قلنا في الرسالة أنفة الذكر لمعالجة الأوضاع التي ما زلنا نتقيأ ظلالها : أولاً : أنه لا بد من السرعة في تشكيل حكومة الإنسانية والأمن الإنساني قبل أن يسود الشك والفوضى وينعدم الأمن الإنساني ، ويفقد المجموع القدرة على التحكم في مجرى الأحداث المنضوية في ظواهر ما حدث ، وتبدأ نتائج مرضية ومأساوية في الظهور تقود الدولة إلى حتفها بشكل غير متوقع ، هنالك مدخلات ومخرجات لا تستطيع أي حكومة تقليدية التعامل معها ، ونذكر هنا بأن القانون الدولي الإنساني يحظر استعمال الأسلحة التي تسبب إصابات محددة وشديدة تؤدي إلى الإعاقة المحددة والدائمة والبتر فكيف بالله عليكم بالضرب المبرح الذي يؤدي إلى الموت ؟!! إضافة إلى أننا في وضع اقتصادي غاية في الصعوبة في ظل أزمة عالمية ، وتستطيع محافلنا ومجامعنا الإنسانية على المستوى العالمي استخدام الكثير من الأوراق الإقليمية والعالمية لدعم الأردن ، وتسيير عجلة الاقتصاد والاستثمار الذي ينادي فيه مولانا المعظم ، سيما وأن الأردن وتحت ظل جلالته أصبح يمثل بالنسبة لنا النواة المكونة للوطنية الإنسانية على المستوى العالمي .
ثانياً : تشكيل إدارة للنقد القانوني والدستوري والتشريعي ، لأن هنالك تغول على المواطن الأردني من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية ، في ظل غياب المراجعة القضائية ، وللتوضيح نقول على سبيل المثال لا الحصر : المواطن الأردني لا يجد منفعة في العودة إلى المحكمة لتعذر الطعن في استخدام الحكومة ومجلس النواب للمادة ( 88) من الدستور ، كون ذلك مناط حصرا بالمجلس العالي لتفسير الدستور ، والمجلس لا ينظر بأي أمر بناءاً على طلب المواطنين استناداً لأحكام المادة (122) من الدستور ، ويقتصر واجبه على النظر إذا طلب منه مجلس الوزراء ذلك ، أو أحد مجلسي الأمة بأكثرية أعضائه المطلقة ، والنتيجة ماذا؟!
ونظام الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي ، أنا لا أعرف كيف يسلب المواطن من حقه في اختيار ممثليه في نظام الحكم ؟ وكيف يتجاهل مجلس النواب المادة (55) من الدستور والتي تنص على أن ( رئيس الوزراء والوزراء مسئولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة ، كما أن كل وزير مسئول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته ) ، من يا سادة طرح مجرد سؤال عما حدث من أحداث متتالية ومتشابهه في الظاهر والمضمون ؟!!
ثالثاً : اللحاق بالديمقراطية من المحطة التي كانت قبل وزارة التنمية السياسية ، هذا مع إعادة النظر بعمل المؤسسات والأجهزة بكافة المحافظات ، سيما وان هناك حراك تركيبي لا تحكم آليته إلا دوافع المافيا والغيلان التي تتربص بالأردن شعباً ونظاماً ، والفهم الخاطئ لهذه المسألة يعني فصم وحدة النسيج الوطني ، ورسم مدى ملائم للجرائم والفساد ، يحيل الوطن لا سمح الله إلى أرض وحشيه لا يأمن فيها إلا من هو مستعد لتحدي الموت .
رابعاً : العمل بروح الفريق الواحد من أجل إخراج بعض الأجهزة من مأزقها التاريخي والوطني .
خامساً : البدء في شق مرحلة الأردن الجديد ، مرحلة القيادة العربية الإنسانية ، وهذه المرحلة تقتضي التغيير الشامل ، إلا أن التغيير لا يتم دفعة واحدة ، وإنما بفعل تدريجي متصاعد ، يستوجب منا إقامة منظومة معايير إنسانية وأمنية محلية وإقليمية وعالمية لقياس مدى الاستجابة لمفاهيم الثقافة القانونية والإنسانية والتي من شأنها أن تضع لنا أسس الوطنية الإنسانية الجامعة ، التي أصبحت حاجة عربية عالمية ملحة ، على أن تقوم بدورها ضمن أطر وطنية ومجتمعية ، بحيث تكون مستقلة عن إدارة النقد القانوني والدستوري والتشريعي ، بهدف تسهيل عملية نقل النواتج والنماذج إلى إستراتيجيات عمل عبر المزج في نواتج ونماذج مستقلة ، مما سيمكننا من إظهار المقدمات الإيجابية دون إغفال السلبية ، نريد شروط موضوعية لفعاليات سياسية ونقابية ومجتمعية ورسمية واقتصادية وتربوية واسعة ، لأن هنالك ميراث ثوري هاشمي إنساني وديمقراطي وإقليمي وعالمي .
سادساً : هنالك قوى تحاول أن تنأى بنفسها عن أية ممارسة عنيفة ، وإذا كانت في تقدير الجانب الرسمي لا تشكل أي خطورة ، إلا إننا نقول لها وللجميع ( نحن نغسل الموتى ولكننا لا نضمن لهم الجنة ) وعلى هذه القوى أن تعود إلى صوابها ورشدها قبل تشكيل الحكومة الإنسانية ، لأننا نعرف من يتسربلون بالوطنية وزى أطياف قوس قزح وهم يغنمون المغانم على حساب الشعب والنظام ، ويشعلون نار الفتنة بين أبناء الوطن ، ومثل هذا القول لا يعني أن ليس هنالك بعد مفقود في فن إدارة الدولة ، وهذا ما يفرض علينا التعامل بحذر شديد مع كل ما يدور في الداخل و حولنا ، لأن هنالك تيار خيانة يقتضي تعزيز التعاون ومضاعفة العناصر ، هذا بالتزامن مع حملات إعلامية موجهه للمواطن الحر الحامل لهوية الوطنية الإنسانية ، الهوية التي تضمن إنسانيته وأمنه الإنساني محلياً وإقليمياً وعالمياً .وأخيراً نحن جميعاً في مواجهة كافة السلوكيات الخارجة عن إطار النظام والدولة مهما كانت غاياتها الظاهرة والمستترة ، وهذا لا ينجح إلا من خلال تضافر كافة الجهود .
هذه البنود تم إرسالها في 9/11/2009 م ، ولم يتحقق منها سوى المحكمة الدستورية ، والسؤال للمؤتمنين على الوطن الأردني الذي نسميه كإنسانيين ( المجمع الإنساني الأعظم ) ما الضير في تشكيل حكومة إنسانية ؟! هنالك اغتيالا ما زال مستمرا لاستحقاقات الإصلاح، فمن يغتال الاستحقاق الإصلاحي في الأردن ؟!
قلنا سابقاً ونقول اليوم إن الاستمرار في نهج الاغتيال الإصلاحي من شأنه أن يؤثر سلباً على منظومة الحكم في الأردن ، ونحن إذ نرى ما يمكن الحديث عنه في العلن فلا بد للمعنيين أن يتخذوا كافة أشكال السبل للوصول إلى التشخيص الموضوعي للحالة الأردنية والتي تعاني من خلل مركب لا يكمن فقط في طريقة أداء الإصلاح وإنما في تفريغ المضامين الإصلاحية قبل الشروع في تنفيذ استحقاقاتها ، والحديث اليوم إذ يدور حول تشكيل الحكومة النيابية ، فإن سؤالي هو : هل هنالك انسجام داخل الجسم النيابي حتى يتمكن ولو من الأداء الشكلي لمثل هذا الطرح ؟ وهل النائب الذي يتم التشاور معه في التشكيل الحكومي قد وصل حقاً إلى الثقافة النيابية التي تجعل مهمته تنحصر في سن القوانين وإصدارها ثم ملاحقة تنفيذها بشفافية تشمل الجميع ؟!
أتصور أننا بحاجة إلى تعريف جديد للنائب ولهذه الكتل التي تم تشكيلها بشكل عشوائي وهي لا تفتقر إلى هوية سياسية فقط بل إلى أسس التكوين الذي أوجدها فوق السطح السياسي رغماً عنها، لكونها جاءت لخدمة هدف معين ومرحلة قد تكون الأخطر في نواتجها على الأردن ! صدقوني أنتم تلعبون في النار ، حيث أنكم لا تكتفوا في المراحل السابقة في إضاعة وقت النائب وتحويله في المجلس وخارجه إلى ما يشبه (ساعي خدمات) لا يستطيع دوما تأمينها للمواطن، وإذا كان تدخل النواب في عمل الحكومة وإلحاحهم على التوظيف والطلبات الخاصة، بالإضافة إلى التصرفات الفردية قد أطاح بالمجالس السابقة ، فإن هذا المشهد الذي يروي لنا قصة تشكيل الحكومة من داخل المجلس قد يفرز لنا ما لا يخطر على قلب أردني ، ولن أقول لكم إلا : أحذروا أعداء الداخل ، هنالك مهمات لمجلس النواب لا تسلبوها من النواب ، دعوهم فهنالك الكثير من المهام التي تنتظرهم ، لماذا تحرمون الوطن من طاقته الوطنية ولصالح من ؟
في تقديري المتواضع أننا مقبلون على فوضى قانونية وتداخل في السلطات، ولا يمكن السيطرة على الوضع إلا من خلال ما قدمنا في الرسالة أنفة الذكر ، الأردن اليوم بحاجة إلى حكومة من نوع أخر ، خاصة وأن هنالك أوضاع في المنطقة لا يمكن القفز عنها أو حرق مراحلها ، نحن في الأردن لا يوجد لدينا أي وقت للتجارب ، وعلى من يغلب هذا المنطق أن يستعد لكل المفاجآت القادمة ، نريد أن نخرج من آفة توريث المناصب ، ومن إضاعة وقت مجلس النواب ، هنالك ملفات فساد ولا بد من قوى قادرة على إعادة الأموال المنهوبة والمسروقة إلى خزينة الدولة ، ولا بد من العمل أيضاً على إعادة النظر في دخل الموظفين وبخاصة من هم في الجهاز الحكومي وعلى حساب الفئة الرابعة أو ما تسمى اليوم بالفئة الثالثة ، وكذلك تخفيض النفقات الممكنة في كافة الدوائر والمؤسسات بما فيها الديوان الملكي،نحن أمام وضع اقتصادي معقد ، وما زلنا أمام وزارات تتلقى دعم خارجي ولا نعرف عن عملها إلا القليل ، وزارات من المفترض أنها دوائر تابعة لوزارة المالية لا أكثر ، ومع ذلك تجد أن وزرائها يستمرون في عملهم ويعودون عند تشكيل كل حكومة جديدة ، يكفي فالمواطن وصل حدود لا يمكن الاستهانة فيها ، مضافاً لذلك كله أن الدعم المقدم من دول الخليج والسعودية لا يسد 1% من الحاجة الحقيقية للأردن الذي ما زال يتحمل اكبر فاتورة أمنية قبل وبعد الربيع العربي ، فاتورة تشمل أمن الخليج والسعودية وإسرائيل وأمن المصالح الأمريكية ، دعونا نتحدث بصراحة أكثر : نحن في عصر المصالح وإيران تعرض علينا ما لا يمكن رفضه ، ووالله لولا خجلنا من الهاشميين لذهبنا وتعاقدنا معهم وضربنا بكل اتفاقياتكم بعرض الحائط ، تقطرون علينا في حقنا الأمني والنفطي والسياسي والعسكري ، لا بل وهنالك من يحرض الجانب المصري في مسألة تصدير الغاز إلى الأردن مع أنه ليس دعما مجانيا ولكن تطبيق للاتفاقيات الموقعة بين البلدين ومقابل الثمن !
ما تحدثنا عنه ليس ترفاً ولا تنفيساً ولا تفريغاً للشحنات المكبوتة ، وإنما مادة في تقديرنا تصلح للبناء لكونها تحمل في طياتها مواقف واتجاهات حول تحديد هوية الحكومة القادمة ، وأقول لنفسي ولكل أردني حر إن من يقبل رئاسة الحكومة منقوصة من الولاية العامة ما هو إلا ضار لنفسه ولوطنه وليس له أي علاقة بالسياسات العامة الموجهة للتعامل مع القضايا العامة في الدولة التي من المقترض أنها أسست إلى الاستقرار الراسخ لا الهش ، الاستقرار المدرك للاستحقاق الإصلاحي العملي لا ألتنظيري الذي لا يجد أمامه إلا جيوب المواطنين لكي يرقع من خلالها فشل البرامج التنموية والفساد المؤسسي والذي لم نحاربه إلا على الورق وعلى صفحات الجرائد ، للأسف يا سادة نحن ما زلنا ندور في الفلك المعنوي للاستحقاقات الإصلاحية، وإلا أين دور جماعة الإخوان المسلمين ؟ وأين دور المعارضة السياسية التقليدية ؟ وأين دور الإنسانيين ؟ وأين موقع كل تلك القوى في الدولة الأردنية وليس في الحكومة المقبلة فحسب ؟! لا يمكن أن ترضى أي قوى أن تكون خارج الحسبة السياسية الأردنية من الآن فصاعداً، وما عملكم هذا إلا تقوية للقوى المعارضة التي أصبحت تلتقي على برنامج واحد إلا وهو خوف القوى التقليدية في الدولة الأردنية من الإصلاح.
في الحقيقة لا أستطيع أن أوفق بين حكومة برلمانية و قانون انتخاب ما يزال يعتمد نظام الصوت الواحد ! وكذلك على مجلس ما زال هنالك خلافات عليه جملة وتفصيلاً إلى درجة أننا نتحدث عن ما قررته محكمة استئناف عمان من جلب كافة صناديق الاقتراع في الدائرة الانتخابية الرابعة العاصمة عمان، وعددها 215 صندوقاً وذلك لإعادة فرزها وذلك بسبب تقديم المرشح فارس القطارنة، قدم طعناً لدى المحكمة ضد نواب الدائرة الرابعة ، والمهم في الموضوع أن المجلس نفسه ما زال مدار بحث حتى في قانونية القانون الذي أفرز المجلس الحالي ! خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات