يبدو بأن رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي انطبق عليه المثل الاردني الشهير " ضيف وحامل بيده سيف" ,حين صرح بأن الضفة الغربية يجب أن تعود للاردن , متناسيا القدومي بأنه كان من اوائل المحتفلين بفك الارتباط عن الاردن عام 1988 , لاعلان استقلال دولة وهمية لا تزال حبراً على الورق, ودون ان يقاوم هذا المخطط الصهيوني الذي افقد فلسطين حقها في الوجود حين اخرجها فك الارتباط من المفاوضات على اعتبار انها ارض اردنية محتلة, فنجحوا في استعجالهم بفك الارتباط فحققوا حلم اليهود الازلي وافقدوا قضية فلسطين هيبتها ومضمونها .

فلا يعقل يا ان تبقى الساحة الاردنية غابة مستباحة لكل من هّب ودّب , حتى وصل الامر بالقدومي أن يتشدق ويروج لليهود بعودة الضفة الغربية الى الاردن وهو يعرف ان ذلك يشكل مقتلا وخطرا على الاردن لتضمنه اقرارا بضرورة تجنيس ما تبقى من فلسطينيين .

الغريب في الامر أن التشدق الذي صرح به القدومي قد جاء متزامناً وللاسف الشديد مع تصريح الامير الحسن الاخير في جمعية عيبال /نابلس , حين اعتبر أن الضفة الغربية هي ارض اردنية , ليتزامنا هاذين التصريحين مع ما روج له الكاتب الاسرائيلي " جاي بيكور" الذي ذكر بمقالته المنشورة بتاريخ 15/7/2010 عبر صفحات صحيفة "يديعيوت احرونوت" الاسرائيلية تحت عنوان مقزز " ادخال الاردن الى المعادلة هو الحل الامثل للقضية الفلسطينية " , والتي تحدث فيها على أن الاردن يجب أن يكون للفلسطينيين بحكم التركيبة السكانية .

فلو افترضنا أن الكاتب الصهيوني يروج لمشاريع تخدم اسرائيل وشعبها وهذا من حقه ونشكره على وطنيته العالية تجاه بلده وناسه , ونتمنى لو سرنا جميعا كعرب كما يفعل ابناء القردة والخنازير في حبهم وغيرتهم على حقوقهم وأوطانهم, فيا ترى لمصلحة مَن يروج القدومي وغيره بمثل تلك التصريحات في ظل هذه الظروف العصيبة التي تخترق جسد الوطن ؟؟؟؟.
لا ادري ماذا يريد الفلسطينيون وزعاماتهم من تصريحاتهم؟ , هل يريدون اقامة وطن لهم في أي مكان وتحت أي مسمى ؟, أم يريدون تقديم خدمة مجانية للصهاينة ؟ أم يريدون تعميق جراح الشعب الذي فرد جناحيه واقتسم اللقمة معهم ؟.

معذرة لا اقصد الاساءة , وحاشا لله , ولكنها السياسة التي لا ترحم ولا مجاملات فيها , فكلنا يعلم أن هناك دولة فلسطينية اعلنتها فتح والقدومي واحد من رموزها في الضفة الغربية , وهناك دولة اسلامية لحماس في غزة , وهناك دولة خفية للفلسطينيين يروج لها بالخفاء على الارض الاردنية , وهناك تصريحات خبيثة مبيتة تنادي بإتحاد من أي نوع مع الاردن يريح بال اسرائيل, ويتلف النسيج الاردني , فمن المستفيد من تلك المشاحنات والتصريحات غير اسرائيل يا من تعتبرون انفسكم رموزاً للشعب الفلسطيني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .

حرام يا سادة ما يجري على الساحة الاردنية, فلقد بات الوطني فيها خائن , والخائن فيها يعلو كعبه ويتمادى عليها جهارا نهارا , فاذا ما علمنا أن كل شعوب الارض تؤمن ايمانا قاطعا بأن المُجرب لا يُجرب , فلماذ لا ينطبق ذلك على الاردن ؟, ألسنا يا من يهمهم الامر شعب من شعوب الارض؟, أم اننا مخلوق وجد للاستبدال بأخر لانتهاء صلاحيته في العيش على ارضه ؟. فلقد جربنا الوحدة مع الضفة الغربية , فماذا جنت على الاردن غير تبعات سياسية عمقت جراح الوطن وشعبه , وانتهت تحت الحاح وضغط فلسطيني وعربي ودولي باعلان دولة فلسطينية برغبة فلسطينية وعربية, علما بأننا جميعا نعرف ان الوحدة الاولى التي نسجت خيوطها التآمرية الاولى على الاردن عام 1949 هي وحدة باطلة لا اصل لها بالدستور, وقد قاومها العرب حينها بتجميد عضوية الاردن في الجامعة العربية.

من حق الشعب الاردني أن يقلق وأن يحتار بما يجري على ساحته من تصريحات غير مسؤولة ومناكفات اضاعت القضية وتجارب عمقت الجراح الاردنية.

فكم دولة اعلنها قادة الفلسطينيين يا قدومي دون ان نرى واحدة منها تتحقق وتقف على اقدامها؟, اليس يا فاروق القدومي غزة والضفة الغربية احق بدموعك وبالوحدة والكونفدرالية فيما بينها من الوحدة الباطلة دستوريا في الاصل مع الاردن ؟, فهل توحدتم فيما بينكم كشعب لتطالبوا بالوحدة مع الشعب الاردني؟, أم انكم تطبخون على نار هادئة خراب الاردن وضياع فلسطين نيابة عن اليهود المتصهينيين واعوانهم من العرب المستعربين؟؟؟؟.

وقفة للتأمل :" في ظل الظروف التي يعيشها الشعب الاردني , والتي تمر حامية على ارض الوطن لحرق جسده, لا نملك إلا ان نقول , اننا نفتقدك يا وصفي التل ونحّن اليك يا حابس المجالي , ونعترف لكم ولتاريخكم الناصع :
أن الاردن بعدكم اصبح ساحة فوضى
وغابة مستباحة ومرعى
والشعب يئن من تصريحات الحمقى
حتى بات يبحث عن منفى
فلمن نترك الاردن بعدكم يا ابن عرار ويا اخو خضرا ".