حمى الله الاردن .. من ربيع امريكا


العملية الاجرامية التي استهدفت امن الاردن , واعلن عن احباطها امس ، من قبل جهاز امننا الوطني ، المخابرات العامة الاردنية ، كان متوقعا حدوثها ومثيلات لها ، منذ بداية ما سمي بالربيع العربي ، تمهيدا لانتقال هذا "الربيع" الى الاردن بعد سوريا ، هذا الربيع الذي اريد له ان يكون ، كلمة حق يراد بها باطل ، لكن صمود سوريا ضد المؤامرة ، قد ساهم بتاجيل انتقال المخطط الاجرامي الى الاردن .

الاردن كان على الدوام هدفا لاعداء الوطن والامة ، وامنه واستقراره وازدهاره ، ليس من مصلحة الصهاينة ، وكلنا يذكر التصريحات الصهيونية ، التي بثت فيها احقادهم ضد الاردن ، وابرزها ذلك التصريح لاحد ضباطهم ، عقب تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني لسلطاته الدستورية ، وتصريحات العديد من المتطرفين الاسرائيليين ، حول الوطن البديل في الاردن .

الاردن رغم عقلانيته ووسطيته ، لن ينجو من مؤامرات الاعداء ، فلا صداقة دائمة مع امريكا ، ولا سلام مع اسرائيل ، الا بما يحقق اهدافهم ومصالحهم ، ومتى وجدوا ان مصلحتهم ، تتحقق بشكل افضل ، مع اعدائهم الظاهريين ، او من ادعوا العداء لهم ، فلن يتوانوا عن التحالف معهم والغدر بالاردن .

لقد كان الاردن دوما عصيا على التامر ، لسبب واحد بسيط ، وهو التلاحم بين القيادة والشعب ، فلم يستطيعوا اختراقه من الداخل ، وعرف عن الاردني اخلاصه ووفائه لقيادته ، حتى في احلك الظروف الاقتصادية ، واصعب الاوضاع الامنية ، وتحضرني هنا قصة سمعتها عن وفاء الاردني لقيادته ، فقد كان هناك زيارة لجلالة الملك الحسين رحمه الله ، لمضارب عشائر الفايز وبني صخر ، وكان يجلس في الخيمة المعدة لاستقبال الملك ، المرحوم عاكف الفايز وابناء العشيرة ، وهم المعروفون بولائهم المطلق ، ومع ذلك كان الحرس الملكي يود تفتيش الخيمة قبل قدوم الملك ، ويبدو انهم وجدوا حرجا في الطلب من الجالسين الخروج منها ، فما كان من احدهم بالخارج ، الا ان صاح بان الملك قد وصل ، فخرج الجميع لاستقباله مسرعين ، واستقل الحرس الملكي تلك الفترة للتفتيش ، فرغم كل الثقة بولاء الحضور ، الا ان الاجراءات الامنية يجب ان تنفذ .

من هنا ، ومنذ بداية توارد المعلومات عن الفساد في الاردن ، وحجم هذا الفساد ، تولدت لدي القناعة ، بان الفساد ومن مارسه ، هم ادوات المؤامرة ضد الاردن ، وقد كان هدفهم ، زعزعة التلاحم بين الشعب والقيادة ، والتشجيع على تجاوز الخطوط الحمراء ، وبالتالي تحطيم حلقة الصمود الاردني ، كي يصبح لقمة سائغة للمتامرين ، فالاردني الذي عرف بالقناعة والصير على نوائب الدهر ، وامن بمقولة "في المال ولا في العيال" ، لن يهمه شد الاحزمة على البطون من اجل الوطن ، لكنه لا يقبل بذلك ، وهو يرى لصوص ماله يسرحون ويمرحون في ارضه ، ويعيشون البذخ والعهر على حساب لقمة عيشه .

كما ان هذا التامر ضد الاردن ، سابق للربيع العربي المشبوه ، انطلق مترافقا مع مطلب الملكية الدستورية ، والذي طرح فبل ذلك الربيع بسنوات ، واذكر ان احد اقطاب الاسلاميين الاردنيين قد اطلقه من واشنطن ، التي كانوا يسمونها راس الافعى ، واصبحت الان حليفهم الرئيسي ، اطلقوه ليس حبا بالديمقراطية والتعددية وتداول السلطة ، فهم ابعد الناس عن هذه المباديء ، بل لانه يهيئهم لاستلام الحكم ، في ظل تقييد صلاحيات الملك ، وضعف الاحزاب القومية واليسارية والوطنية الاخرى ، وعدم نضوج ظروف ممارسة الملكية الدستورية ، فيحكمون سيطرتهم على الاردن ، ويعيدونه عشرات السنين الى الوراء ، ويخدمون اسيادهم في واشنطن وتل ابيب ، وهذا ليس خيالا بل حقيقة ، ونحن نرى كيف استلموا الحكم في مصر ، وكيف اصبحت اتفاقية كامب ديغيد بين عشية وضحاها ، اتفاقية مقدسة يجب الالتزام بها ، وكيف اصبحت الاستدانة من البنك الدولي حلالا ولمصلحة البلاد والعباد ، وكيف بثت العواطف في رسالة مرسي الى بيريز ، بما فاق عواطف السادات ، وكيف توقف الاسلاميون في الاردن فجأة ، عن المطالبة بالغاء اتفاقية وادي عربة ، وطرد السفير الاسرائيلي من عمان ، ولم نعد نسمع عبارة "اردن الحشد والرباط" ،

لا يسعنا في النهاية ، الا ان ندعو الله ان يحمي الاردن من كيد المتامرين ، وان ينصر سوريا على مؤامرتهم ، لان في نصرها نصر للاردن ، وان يديم الامن والرخاء على الاردن ، بهمة ابنائه المخلصين .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات