جراسا -

تميز فنانون أردنيون في أعمال درامية عربية تعرض خلال شهر رمضان الحالي، معوضين بذلك غياب الدراما المحلية عن الموسم الدرامي؛ منهم من أدى دورا محوريا وآخرون كانت لهم البطولة المطلقة في الأعمال العربية مثل: منذر رياحنة وإياد نصار وصبا مبارك وعبير عيسى وعبدالكريم القواسمي.

ويؤدي الفنان الاردني منذر رياحنة شخصية "دياب" تاجر السلاح في مسلسل "الخطوط الحمراء" الذي تتمحور قصته في دخوله دائرة انتقام مع الضابط حسام بعد مقتل شقيقه ووالده. والمسلسل من بطولة أحمد السقا وأحمد رزق ورانيا يوسف ويسرا اللوزي وأحمد فهمي وفادية عبد الغني وحجاج عبد العظيم، ودينا فؤاد. وهو من تأليف أحمد أبوزيد.

وسبق لرياحنة أن برز على ساحة الدراما العربية بالعقود الثلاثة الماضية، بعد أدائه المميز لدور "أبو مسلم الخراساني" في المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور"، وتألّقه اللافت فيما بعد بدور "مصطفى" في مسلسل "الاجتياح"، الذي نال عنه جائزة إيمي أووردز العالمية.

فيما تظهر الفنانة صبا مبارك في الموسم الحالي في عملين بالدراما المصرية هما: "حكايات بنات" و"شربات لوز"، وتلعب في كل منهما دورا مختلفا. "حكايات بنات" للمخرج حسين شوكت يتناول شخصية "أحلام"، وهي الفتاة التي تروي احداث الحلقات من خلال تجارب صديقاتها الثلاث الأخريات، وهن دينا الشربيني وحورية فرغلي وريهام أيمن، وترسل برسالة نصية من خلال عملها تتمحور حول العلاقة بين الرجل والمرأة كجزء من عملها، كون المسلسل يغوص في اعماق تفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء الفتيات ويلقي بظلاله على علاقتهم وأحلامهن ووجود الرجل في حياتهن.
أما الدور الآخر لمبارك الذي يعد ثانويا فتؤدي فيه دور الفتاة "رشا" في مسلسل "شربات لوز" للمخرج خالد مرعي والمأخوذ عن قصة تامر حبيب، وهو من بطولة يسرا وتامر هجرس وسمير غانم. "رشا" تكون ابنة للفنان الكبير سمير غانم من زوجته الأردنية التي تزوجها، ومن ثم تربت ابنته بعيدا عنه.
ويعد حضور الفنان الأردني قويا في الدراما العربية خاصة المصرية وفق الناقد الفني ورئيس قسم السينما في جريدة الأهرام نادر عدلي الذي يقول: "حضور الفنان الأردني في الأعمال الدرامية المصرية متميز للغاية"، معتبرا أن الفنانة صبا مبارك "شخصية متمردة مليئة تمتلك تركيبة مطلوبة للعمل الدرامي أثبتت جدارتها في مختلف الأعمال التي جسدتها دراميا وسينمائيا"، مؤشرا بذلك إلى دورها في فيلم "بنتين من مصر" للمخرج محمد أمين.
أما الفنان رياحنة فيعتبره عدلي "قادرا على الحضور امام الشاشة ببراعة وقوة تشكّل بطولة بحدّ ذاتها"، إضافة إلى تكوين "معادلة صحيحة" في لعب الدور إلى جانب أحمد السقا في الخطوط الدرامية، وهو ما جعله يحظى بنسبة مشاهدة عالية.
في السياق ذاته يرى الناقد السينمائي الاردني ناجح حسن، أن مشاركة الفنان الأردني على الساحة العربية الفنية ليس بالأمر الجديد، منطلقا من تاريخ الدراما الأردنية وحضورها منذ السبعينيات من القرن الماضي، حيث سجل نجوم الدراما المحليون وجودهم في الوطن العربي، وتكونت لهم نجومية من الخليج العربي وحتى المغرب العربي، لكنها تراجعت في الأعوام الماضية لتقلص الإنتاج الدرامي، ما دفع شركات الدراما العربية لاستقطاب مواهبهم.
ويبين حسن أن تلك العوامل كلها أسهمت في تكريس نجوميتهم وإعطائهم حوافز جديدة للإبداع، ما يعكس قوة الفنان الأردني وبراعته في تقمص الأدوار في أكثر من حالة ليبدع بدوره، وبالتالي يثري الحراك الثقافي الفني خارج الأردن، وينعكس عليه محليا.
الفنان عبد الكريم القواسمي، الذي يؤدي شخصية الوليد بن المغيرة في المسلسل التاريخي الضخم "عمر" للمخرج السوري حاتم علي، يقول إن مشاركته بعمل عربي ضخم يأتي من الأعمال المحلية التي حققت نجاحا، وشكَّلت ركيزة للانطلاق في الدراما العربية، مبينا أن الدراما الأردنية أخذت صبغة عربية من خلال استضافتها لمختلف النجوم العرب والخليجيين والمغاربة.
ويتحدث القواسمي عن دوره هذا الموسم الرمضاني بشخصية "الوليد بن المغيرة"، وهو أحد كبار المشركين المناوئين للدعوة الإسلامية، ومشهور عنه تلك الحادثة عندما أوفدته قريش ليذهب ويناكف الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يجد مدخلاً من أجل التقليل من قيمة القرآن الكريم كونه أحد العرب الفصحاء والبلغاء، لكنه عندما سمع القرآن الكريم قال فيه مدحاً لم يقله أحد، وله مقولة شهيرة في هذا المجال، لدرجة أن اصدقاءه من زعماء قريش اتهموه بأنه وقع تحت السحر.
كذلك تشارك الفنانة عبير عيسى العام الحالي في عملين دراميين خليجيين، هما "خوات دنيا" و"حبر العيون"، ويتمحور دورها في العمل الأول حول قضية رئيسية، وهي استبداد الأخت نتيجة عقدة تعرضت لها في مرحلة الطفولة، وكلما مرت بها الظروف اشتد استبدادها، ما ينعكس على الجميع سلباً، سواء أكانت أسرتها أم المحيطين بها.
عيسى أكدت أن المشاركة في الأعمال الدرامية العربية أمر مهم، وتفيد الفنان في السوق المحلية، وتعزز من خبراته وتوسع مداركه، على أمل أن تعود الدراما الأردنية من جديد، مبينة أن المشاركة العربية توسع من نطاق عرض المسلسل، وتكسبها خبرة للتعامل مع مختلف الثقافات العربية.
وفي "حبر العيون" تقدم عبير عيسى شخصية مختلفة يظهر تأثيرها في الحلقات الأخيرة، حيث تجسد فيه دور سيدة أردنية تساعد جارتها التي تتمنى أن ترزق بأطفال، بسرقة طفل، ولكنهما ما تلبثان أن تعيداه إلى ذويه. وترتكز أحداث المسلسل حول شعور الإنسان الذي يحرم من الأطفال، في إطار من الأبعاد والقضايا الإنسانية والاجتماعية بطرح مختلف ومعاصر. والعمل للمخرج أحمد المقلة وبطولة حياة الفهد وأحمد الصالح وأحلام حسن وغيرهم.
ويذهب عدلي إلى أن مشاركة الفنانين العرب تسهم بالدرجة الأولى في تسويق العمل، وتشجع على شرائه من قبل الدولة التي ينتمي لها الممثل، ما يعني زيادة في الأرباح من جهة، لافتا إلى أن التنويع في الوجوه العربية التي باتت ظاهرة ملحوظة في مختلف الأعمال الدرامية والسينمائية، مرتبط بـ"استهلاك" الممثلين المصريين، وعدم قدرتهم على المشاركة في أكثر من عمل، والحاجة لنجوم ووجوه مختلفة.
وعن إياد نصار، يقول العدلي إنَّ له حضورا مختلفا مؤخرا في أعمال متعددة درامية وسينمائية، فمن خلال شخصية الرجل الشرير في مسلسله "سر علني" للمخرجة غاد سليم، إلى شخصية "ياسين" وهو أحد رجال الاقتصاد الذي يمكن اعتباره ضمن هؤلاء الرموز الذين أفرزتهم المرحلة الحالية، والذي يقوم بتطوير وتحسين أداء بعض المؤسسات، لكنه لا يعمل سوى لمصالحه الخاصة، ولتنفيذ خطته في الانتقام، بشخصية تبتعد عن الكلاسيكية في هذا النمط من الانتقام.الغد