مرحلة ما بعد التدخل العسكري في سوريا !


من الواضح أن سيناريو التدخل العسكري بات الأقرب لعنونة المرحلة القادمة في سوريا ، وهذا ما يفسر لنا حالة الاستنفار العسكري غير المسبوقة في المنطقة التي أصبحت على أبواب حروب وجودية لا حدودية ، في حين أن بعض الدول ومن ضمنها الخليج والسعودية لديها تقارير سرية تفيد معلوماتها عن احتمال تعرضها لهجمات عنيفة في سياق ما يجري الآن في سوريا ، ولعل أعداد المقاتلين العرب الذين يفدون من دول الخليج للقتال ضد النظام السوري يبين لنا بوضوح حجم المخاوف الوجودية لدى هذه الدول في حالة قلب الطاولة من قبل النظام السوري ومخالفته لكل التقديرات وسيطر ته على الوضع بالكامل .
وهنا وفي ظل الأوضاع الحالية قد يتساءل البعض ويقول من السابق لأوانه الحديث عن مرحلة ما بعد التدخل العسكري في سوريا ، فما الدافع من وراء هذا الطرح المبكر ؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن المعطيات التي تلت مهمة كوفي أنان التي أتصور أنها انتهت حكماً من الناحيتين القانونية والسياسية ، ليس بسبب ألا توافق على دعمها فقط بل لأن المهمة جاءت ميتة من الأصل لدعمها الثوار على حساب النظام ، هذا مع إعطاء بعض الدول والقوى فرصة لممارسة رياضة التنفس الطبيعي بغية تحقيق انتصارات دبلوماسية أسفرت عن فوز النظام السوري بكافة الجولات الدبلوماسية والسياسية ، وكان لا بد من سد هذه الثغرة دولياً ، والسعي في اتجاه استقطاب دبلوماسيين وعسكريين مواليين للنظام ، إلا أن صبر أولئك المواليين للقيادة وإصرارهم على الوقوف بجانب النظام أدى إلى طرد جميع الدبلوماسيين السوريين من العواصم المعادية للنظام ، هذا عدا عن استهداف قيادات سورية من أجل الاستشعار بالخطر الذي يدفع نحو التمرد على النظام ، وصولاً إلى ما أسميه اليوم بـ تكبيل النظام إعلامياً من خلال العمل على منع البث الفضائي لقنوات سورية ، و الاستعداد المفرط للتشويش لا بل تعطيل البث السوري .
إذاً عملياً وصلنا إلى مراحل متقدمة جداً تقربنا من التدخل العسكري ، وبالطبع لا يخفى على أحد عملية تخليق المناطق الأمنية الداعمة لأي تحرك عسكري وبكافة الدول المحيطة في سوريا ، بالتزامن مع دعم مالي لا سقف له من قبل السعودية الخليج ، إضافة إلى التقدم السعودي ميدانياً على الساحة اللبنانية ووضع اليد فعلياً على مناطق واسعة من الشمال ، إلى درجة قلبت من مفاهيم العقيدة العسكرية اللبنانية والتي تعتبر بعض قيادتها أن مراقبة المعارضين يعد عمل معادي لكل الدول الساعية إلى إسقاط النظام السوري ، حتى ولو فهم الجيش اللبناني أن هذه السيطرة تعد محاصرة لعمل الجيش الأمني أياً كانت نوعية هذا العمل ، للأسف هذه حقائق وإن كانت غربية وغريبة جداً !
كل ذلك يأتي بالترافق مع الانتشار المكثف للقوى المسلحة اللبنانية والسورية في مدن مثل طرابلس وعكار وغيرها لتحريك الشارع مذهبياً ضد العلويين من ناحية ولإرسال رسالة للنظام السوري مفادها أننا على استعداد لخوض معركة واسعة ومفتوحة ، وفي تقديري المتواضع أن التوقف عند عمليات نقل الأسلحة للمعارضة إلى جرود بلدة عرسال التي تحولت إلى قواعد مفتوحة للمقاتلين السوريين ولمن يدعمهم من اللبنانيين ، وتوفير الغطاء السياسي وحتى الأمني يدلل على حجم ونوعية العمل المعد والجاد والمخطط له مسبقاً لتهيئة أرضية التدخل العسكري ، وقد دلت المضبوطات على وجود قدرات عسكرية من شأنها تدمير قرى بأكملها وأحياء كبيرة في المدن وبحسب تقارير أعضاء هيئتنا الجليلة على المستوى العالمي ، والذين لا يكتبون حرفاً غير متأكدين من صحته .
ولو تفحصنا كافة الجبهات الحدودية سنجد أن هنالك ساعة صفر أمريكية ستقرر عنوان المرحلة المقبلة ، غير أن الملفت ذلك الاستعداد النوعي من قبل النظام والذي قد يجر المنطقة إلى حروب قد تستنزف المتبقي من القدرة الأمريكية في المنطقة ، وتأخذ معها الأنظمة المتبقية ، ولا أشك في أن النظام السوري لا يراهن أبداً على الموقفين الصيني والروسي ، ليس بسبب الدروس المستفادة مما حدث مع صدام حسين والقذافي مضافاً لهما قضية الصرب ، بل لأنه يعي جيداً أن لا أحد يستطيع مساعدته إذا لم يساعد نفسه في عالم أصبح فيه البقاء للأقوى ، والنظام السوري وإن فقد الكثير ، فإنه وبكل تأكيد يمتلك ناصية ما بعد التدخل العسكري ، وهذا أخطر ما في المعادلة التي جعلت من سوريا مفارقة أمنية وعسكرية ، تستوقفنا كخبراء في الأمن الإنساني للاستفادة من الدروس التي للأسف الشديد تأتي على حساب الأطفال والنساء والشيوخ ، والدماء التقية النقية الطاهرة ـ حسبنا الله ونعم الوكيل ـ إضافة إلى أن الرجل مدعوم من إيران الخبيرة في الحروب الأهلية والعراق وأفغانستان تشهد ساحات المعارك فيها بالتفوق النوعي الإيراني ، وبالطبع إيران لديها استعداد أن تحارب قرن من الزمن ، وجميع ساحات القتال والخبراء العسكريين يشهدون بذلك ، كل ما تقدم يعطينا نتيجة واحدة وهي : أن مرحلة ما بعد التدخل العسكري أخطر بكثير من مرحلة استمرار الأسد في الحكم !
وهنا قد يقول البعض ما العمل أو ما المطلوب منا ولو أردنياً ؟ في الحقيقة المطلوب هو التعايش مع قضية مفتوحة على كل الاحتمالات ومن ضمنها الحرب الأهلية التي قد تصل شرارتها إلى محافظاتنا لا سمح الله ، وبخاصة أن بعض الطامحين في تولي القيادة السورية الجديدة هم من الجماعات الإسلامية والتي لها حضور في الساحة الأردنية لا يحتاج إلى تدليل ، وهذا يعني أن المواقف الرسمية سواء أكانت ضد أو مع النظام السوري فإنها لا ولن تستطيع الهروب إلى الأمام من الأزمة التي فرضت على كامل المنطقة والإقليم وأكاد أقول فرضت على العالم إذا ما أستخدم النظام السوري أوراق ليست في الحسبان ! وهنا أتساءل والسؤال موجه للإدارة الأمريكية : هل تقدر أمريكا حجم الرد في حال توجيه ضربات عسكرية للنظام السوري ؟ وهل يمكن من ناحية ثانية حل الأزمة السورية وتحاشي المراحل المظلمة إقليماً ودولياً دون أن تكون إيران جزءاً من هذا الحل ؟! وهل تقبل أمريكا أن تكون سوريا مقابل إسرائيل ؟ ربما هذا الطرح لم يصل بعد إلى الذهنية الأمريكية ، غير أنه موجود في الذهنية القطبية العسكرية التي لها مصالح حيوية في سوريا الأسد ، وبصراحة أكثر كل ما يحدث حرب موجهه ضد إيران ولو أن بشار الأسد قبل بأقل الحلول الأمريكية المكلفة عربياً وإسلامياً لتربع على الكرسي الخليجي والسعودي مضافاً لهما الكرسي السوري ، وما أقصده هنا هو أننا في الوقت الذي نسعى وبكافة المحافل والمجامع الإنسانية إلى إيجاد حل سلمي تطالعنا أمريكا بكل ما من شأنه تأزيم الأزمة سواء عن طريق القرارات غير المدروسة أو عن طريق غض النظر عن ما يجري فوق الأرض التي تصرخ لله من براكين الدم المتفق عليها أميميا في العصر الذي من المفترض أنه عصر إنساني . خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

جبر أبن صبر
يعني جماعة الهيئة تاعتك منتشرين في الدول طولاً وعرضاً ويأتوك بالتقارير وحضرتك بس بطرز المقالات وبتحط أسم سيادتك حبيبي طيب شو وضعنا في الردن عند قداستك سيدي والله ما انا خايف غير منكوا يا إنسانيين وشوه موديكوا على لبنان وسوريا وتركيا والعراق وافغانستان والمناطق المولعه وأحنا بنتابع في مهند وسمر
12-06-2012 01:00 PM
محمود ناصر / ضابط متقاعد
مقال شافي وافي الله يعطيك ألف عافية يا سيدي
12-06-2012 01:01 PM
عدنان معارك
أقولك كل حرف حكيته بده بروزه كلام من الآخر على راي صاحبي أبو مراد فعلاً تحليل صحيح الله يستر يا عمي مشان الله إنتو يا الأجهزة الأمنية ركزوا في ألي بحكي فيه سيادة وكله خدمة للنظام والبلد والمواطنيين .
12-06-2012 01:04 PM
القوى الوطنية
تقيم القوى القومية في (الأردن) بالتعاون مع الجالية العربية السورية وفعاليات إعلامية وشبابية أردنية ، فعالية لدعم ومساندة سورية العروبة الوطن والشعب والقيادة والجيش الوطني في وجه المؤامرة الصهيونية التي تُشن على الأمة العربية عبر سورية وإستنكاراً لقرار مجلس خمد ، بالطلب من مجلس الأمن تطبيق البند السابع ووقف بث الفضائيات السورية الرسمية وغير الرسمية .. وذلك في الساعة 5:30 من مساء يوم الجمعة المقبلة الموافق 15/6/2012 امام السفارة السورية في العاصمة عمان.
12-06-2012 02:10 PM
أبو زاهر
كلامك على راسي
12-06-2012 02:11 PM
خلدون الحامد
مش فاهم شوه المطلوب منا كشعب شو نعمل أحنا ؟ وين ما رميتنا واقفين مافي مشكلة بس شوه إنسوي لعيناك .
12-06-2012 02:12 PM
هاني رجب
أي والله معلم هذا الحكي ألي بيمشي عليه الترين
12-06-2012 02:13 PM
غالب علي
يعني بدي عشرين دكتور يشرحلولي حتى أستوعب ويمكن ما استوعب ...
12-06-2012 02:15 PM
أبو صايل
خيوه بلدفي غيبوبة سياسية وما رح تسمع لما توقع
12-06-2012 02:16 PM
غوار
يعني مرحلة كل مين أيده إله الله يستر
12-06-2012 02:18 PM
وريد مسعود
أمريكا علشان الإنتخابات بتعمل أي شيء
12-06-2012 02:19 PM
زين الطيب
الله يحيي النشامى إحنا مع القوى الوطنية
12-06-2012 02:38 PM
أبو عصام
عمي شوف أنا زلمة عمري فوق الثمانيين وعلمتني الحياة أنه الظالم يبلى بأظلم وإذا السعودية والخليج ظالميين السوريين رايحيين يدفعوا الثمن قريباً وإذا بشار ظالم رح يدفع الثمن بس في كلمة بدي أحكيها لوجه الله تعالى.....
12-06-2012 02:43 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات