من يدفع الثّمن هنا السؤال ؟


بعد سنوات من الجّد والإجتهاد ، وبعد التّعب والمشقة والعناء ، في المدرسة أمنيات ومن ثمّ جامعة لتحقق الطموحات ، وبعد ذلك خيّم الواقع المؤلم على هؤلاء ، الذين درسوا واجتهدوا ليحققوا الطموح الذي سيطر على عقلهم سنينا خلت ، ولينجزوا الآمال ، فتفاجؤوا بواقع الحال ، إنّها البطالة التي دمّرت أحلاما مضيئة ، وعقولا منيرة ، وقلوبا تعشق العمل المجيد ، والإبداع المديد .
من المسؤول عن البطالة ؟
أعداد الخريجين بازدياد وفي مختلف التخصصات ، والبطالة في نمو وارتفاع ، علمية أم إنسانية كانت التخصصات فالبطالة موجودة هذا شيءٌ مؤكّد لا محال .
أين الخلل ؟
أنقول الخلل في التخصصات ذاتها ؟ أم أنّه في سياسات القَبول ؟
أم نعدّ السبب وراء ذلك طريقة التدريس في الجامعات إذ لم ترقى للمستوى المطلوب؟
أم نعتبر أنه من الوضع الإقتصادي في السّوق ؟
خريجون كُثر يقفون في طابور البطالة عاما بعد عام .
عوامل كثيرة تعتبر من الأسباب الرئيسة المنتجة للبطالة في التخصصات الجامعية ، لعلّ أبرزها أننا نفتح المجال وبشدة للشاب الأردني بدراسة تخصص فيه اكتفاء لسنوات عديدة قادمة . فوجب علينا العمل على التوجيه والإرشاد .
ثقافة العيب تلعب أيضا دورا بارزا في مشكلة البطالة ، فوجب علينا توجيه الطلبة والخريجين إلا أن العمل الذي يسمو بالإنسان وفكره و وطنه هو عمل محمود طالما يوفّر له لقمة عيش كريم ، وتبعده عن السؤال والحاجة ،وتسهم بالنهوض به وبوطنه .
الواسطة لها دور بارز في هضم الحقوق واجتثاثها ، فعند توظيف فلان من الناس مع وجود من هو أكفأ منه في ذات التخصص سيعمل ذلك على التخبط في سير ذلك العمل وعدم مسيره بالمسار الصحيح ، وبالتالي نكون قد حرمنا الرجل المناسب من مكانه المناسب ، والذي من الممكن أن يقوم بفكره على إيجاد الحلول والحدّ من هذه الظاهرة المخيفة .
من يدفع الثمن هنا السؤال ؟
ثمن ذلك كبير وعظيم ، لا يقوى عليه أحد بذاته ، فالطالب والوطن وغيرهم كلهم شركاء في دفع الثمن ، فيقتسموه فيما بينهم .
فالطالب بعد سهر الليالي العظام ، وبعد اجتياز الصعوبات والضغوطات ، يقف حائرا وهو يملك قطعة من الورق ، لا يقوى إلا أن يعلّقها على الجدران !
أم أننا بذات الوقت ، سنقول أنّ عليه خلق فرصة العمل ، وعدم الرضى بأن يكون ضمن صفوف العاطلين ؟! فهذا معقول ولكن إلى حدّ مقبول .
أمّا الوطن وكونه يدفع الثّمن ، فعند وجود الآلاف المؤلفة ممّن تعلّموا بالجامعات ، بمستوى فكري عميق ، يقفون فيه غير مستغلين لأوقاتهم بما فيه إبداع وإيجاد، فإنّ ذلك يسهم في تراجع الوطن والحدّ من تقدمه .
الجرح عميق ، والتآمه بطيئ ، ولكن لا بد من الإلتآم وإن طالت به الأيام .
المشكلة ليست مشكلة تخصص بحدّ ذاته ، ولا مشكلة مكان بحدّ عينه ، ولا المشكلة بالخريجين ومستواهم ، ولا المشكلة بالوطن الغير قادر على تأمين فرص العمل لهؤلاء .
أنستطيع أن نعدّ ارتفاع نسبة البطالة في الأردن فسادا ؟ أم أن الفساد يلزمه سرقة واختلاس؟
فإن كان يلزمه ، فالبطالة أيضا كذلك !
لما لها من سرقة في المقدرات الفكرية ، واختلاس في الإبداعات الشبابية ، ولن أنسى بأن العجز الحاصل الآن في ميزانية الدولة سيشكل العامل الأهم في تفاقم مشكلة البطالة ، ولذا فما أصله فسادا فهو فساد.
على مشارف الإنتهاء من الدكتوراة ولا وظيفة للآن !
نحن نعلم أن البطالة لدى حملة الشهادة الجامعية " البكالوريوس " حاصلة في المجتمع ، وهي بتكاثر وانتشار ، أمّا أننا نجد طالبا على مقاعد الدكتوراة يبحث عن عمل فهذا شيء عجاب !
نعم ، إنه " همام حمادنة " الطالب على مقاعد الدراسات العليا لنيل شهادة الدكتوراة في الإدارة التربوية من جامعة اليرموك ، والحاصل على شهادة الماجستير بذات التخصص منذ سنوات ، وبتقدير ليس بالقليل ، بل جيد جدا ، هل هذا شيء يسير !!
تخرّج همام من جامعة اليرموك في العام 2008 بتقدير جيد جدا في تخصص " معلم صف "، حيث كان من التخصصات التي يحتاجها سوق العمل في ذلك الوقت ، ولكن ما إن تخرّج إلا وأغلقت الطموحات أمامه ، وسدّ الطريق بالقرار القاضي بدمج الصفوف الثلاثة الأولى من التعليم الأساسي بالمملكة وجعلها مختلطة فبالتالي الخريجات الإناث في ذات التخصص من كان لهنّ النصيب في ذلك . لم ييأس همّام وحاول الجد والاجتهاد ، وحاول البحث عن الحلول ، فلم يجد أفضل من إكماله لمسيرته التعليمية ، وهذا ما حصل ؛ إذ استحقّ درجة الماجستير في الإدارة التربوية في العام 2010 وأيضا بتقدير جيد جدا ، إلّا وأن الأبواب بقيت مغلقة أمامه ، ولم يجب أحدا للنداء، فقرر إكمال الدكتوراة وهو الآن على مشارف الإنتهاء ، فهل سيلاقي مجيبا ليجيب نداءه بعد طول انتظار ؟

ليس " همام " وحده من يعاني ، بل له زملاء كثيرون في تخصصات مختلفة يعانون ، فما ذنب شخص أبى إلّا الجدّ والإجتهاد أن لا يكون ، ما ذنب شخص بعد حصوله على شهادة البكالوريوس بعدما سدّت أمامه الأبواب ، وأغلق أمامه الطريق ، وسعى إلى تطوير نفسه في نيل أعلى الشهادات ، لعلّه بذلك يخلق فرصة العمل التي يريد ؛ أن يحرم من حقّه في العمل ؟!
فمن المسؤول عن المشكلة ؟ *** ومن يتكفّل في إيجاد الحلول ؟
قضية بحاجة إلى تحليل ، ولكن ليست بحاجة إلى لجان للتحقيق ، فالحلّ دائما هوالإبتعاد عن الإعوجاج ، والسير بالطريق المستقيم .



تعليقات القراء

همسة دلع
شكرا على طرحك لهذا الموضوع لانه ظاهره خطيره بس احنا مش شايفين تطور بالموضوع
08-06-2012 03:02 PM
همسة دلع
انا لما اخترت تخصص الجامعه الكل حكالي ادرسي ارشاد لانه فيه توظيف بس انا كنت بدي قانون ودرست اللي بدي اياه والباقي على ربنا
08-06-2012 03:05 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات