بالحقِّ صامدون .. عن الباطل صامتون ..


لا ( دعاةُ فتنة ! ) ولا – بها - ( مُتكلّمون ! )


الحمد لله الذي جعل في كلِّ زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهُدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يُحيون بكتاب الله الموتى ، ويُبصِّرون بنور الله أهل العَمَى ....
أما بعد :

إنّ المتربصين بالأمة – فتنةً ومحنةً – يتشبثون بأشباه الفرص ، و( أشباح الرُّخص ! ) في سبيل ( إصلاحهم ) المنشود ! ، و ( عزِّهم ) المفقود الموعود !!

ولذا ! فأيُّ ( حادث ) يطرأ على الأمة أو يُعاد ! – كبير أو صغير .. عظيم أو حقير – كانوا له بالمرصاد ، ثمَّ يمتطونه و( يجوبون ) به البلاد .. تهييجاً ، وضجيجاً ؛ و – بكل أسف وعجب – بكلِّ إصرار ، وعناد !

وهم يسوِّغون أعمالهم ، و ( حركاتهم ! ) – أعترف – بالإسناد ! ؛ لكن إلى : العقل ( البشريّ ) القاصر ، والعمل ( الحزبيّ ) الثائر ، والمنهج ( الغربيّ ) الماكر السائر ! .. لا إلى العلم ( الشرعيّ ) وأصحابه ذوي النُّهى والبصائر ..


وما – أهل السّنة و الصامتون عن الباطل - يدندنون حوْله ، ويثمّنون حمْله :

اعتقاد أنّ ( الربيع المزعوم ! ) ما هو إلا ( دعوة الفتنة ! ) بين المسلمين الآمنين ، لا ( تُزهر ) ولا تُثمر ؛ ولكن تُزهق الأرواح وتُدمّر ..

وأنّ الإصلاح ( الحقيقي ) هو الذي( يبدأ ) بردُّ الناس إلى دينهم النّقي ، وإيجاد المسلم الصالح التقي ، وهداية العبد البعيد الشقي ..

" وأن لا يُتخذَ من أخطاء السلطان [ أو الحكومات ] سبيلاً لإثارة الناس والى تنفير القلوب عن ولاة الأمور ؛ فهذا عينُ المفسدة وأحدُ الأسس التي تَحصلُ بها الفتنة بين النَّاس ؛ كما أنَّ ملء القلوب على ولاة الأمر يُحدثُ الشرَّ والفتنةَ والفوضى "


وأنّ الإنكار على المخالفين ، وبيان حالهم – بالحجة والبرهان - من واجبات الدين التي تحفظ منهج السلف الصالح في النوازل والحوادث والمحن ، والموازنة بين المفاسد والمصالح لدرء الفتن ..

و( أهل السّنة والجماعة ) في ذلك مُتّبعون للآثار ، مُمعنون فيها الأنظار ، لا يزيغون عن الدليل ، ولا يُسوّغون أفعالهم بـ ( سمعنا وقيل ! ) أو ( أين البديل ! ) ..
لقد ذكرتُ – فيما سبق من مقالات – نصوصاً كثيرة من الكتاب والسّنة ، وأقوال الأئمة والتي تؤصّل لما ينبغي للمسلم أن يكون عليه عند ظهور الاختلاف ، و الفساد ، والأهواء ، ووقوع الظلم على العامّة من أهل الأمر ، و ( المسئولين ) ، ومن بيدهم السلطة ..
وحسبي – هنا – ذكرُ حديث واحدٍ عن النبيّ الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – يناسب المقام الذي – أنا – بصدده ..

ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود : أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال :" إنها ستكون أثرةٌ وأمورٌ تُنكرونها قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " أدَّوا الحقَّ الذي عليكم وسَلوا الله الحقَّ الذي لكم "

والأثرة : هي الإنفراد أو الاستئثار بالشيء عمن له حق فيه ؛ على قول أهل العلم ؛ والحديث من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن ما أخبر به قد وقع من بعض الأمراء والسلاطين والولاة و ( المسؤلين ) ، فانفردوا بحق المسلمين من المال وأسرفوا على أنفسهم في ( مأكلهم ومشربهم وركوبهم ) ؛ وغيره من المنكرات .
فبما أمرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – عند وقوع ذلك ؟ قال : " تؤدون الحق الذي عليكم " ؛ قال أهل العلم – وذكر بعضها الحافظ في الفتح - : يعني : لا يمنعكم استئثارهم بالمال عنكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم ، بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا .

حتى لقد قال الإمام أحمد – رضي الله عنه – قولته المشهورة المأثورة المنصورة : " الصبر على ما ( نحن فيه ) خيرٌ من الفتنة .. يُسفكُ فيها الدّماءُ ، ويُستباح فيها الأموال ! ، وينتهك فيها المحارم ! .. "

قال هذا لما استشاره أناس في الخروج مع من خرج .. !!



ونقول ( للمتكلمين ! ) : نُلزمكم بهذا الحديث ! فإن قبلتم به ناقضتم أنفسكم باتهامكم ( دعواكم ) أنّ ( صمت ) البعض في فتن اليوم ؛ هو ( خنوعٌ وتخاذل ) – زعموا - ..

وإن ( رفضتم ! ) الحديث .. فهذا اتهام للنبيّ – صلى الله عليه وسلّم – بأنّه – وحاشاه بأبي هو وأمي – يعلّم أمته ( الخنوع والتخاذل ! ) ..

من يتجرأ على هذا الاتهام ؟ !!

{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم }

فاحذروا أيها المتكلمون !

وما يجري في بلدنا الأردن – حماه الله – من مطالبات بالإصلاح ، ومحاربة الفساد ؛ فهو مما ( نتفق ) عليه ، ولا ننكره ولا نعيب ؛ لكنّ الخلاف في الأساليب ؛ في نهج الوعيد والتصعيد ، والتنديد والتهديد ؛ نهج الاستقواء ..

ولنا أن نسأل ( المتكلمين ! ) : إذا كانت مقاصدكم ( إصلاحيّة ) ؛ فلِمَ تُصرّون على الوسائل ( التصعيديّة ) ؛ وأنتم تعلمون – بحكم خبرتكم السياسيّة ! – أنّ الناس – اليوم ! – ليسوا على قلب رجل واحد .. ! فربما دخل – في مسيراتكم ومطالباتكم - ( واحدٌ ) من أصحاب النفوس المريضة ، والنوايا البغيضة ( فيُلقي ) ما به تحدث الفتنة ، وما لا يُحمد عقباه .. لا قدّر الله – جلّ في علاه - ؛ فتنتقل المسيرات من ( سلْميّة ) إلى ( مواجهات حتْميّة ) ، أو إلى ( انتقاميّة ! ) ..

وانتم ترون كيف ينفثون – من حين لآخر – الأضغان ، والأضغاث ، والسّم ، وأكثر .. { وما تُخْفي صُدورُهم أكبر }


واللهِ لا أدري عن بعض ( المتكلمين ! ) : كيف يفكرون .. بل كيف يمْكرون ؟

لكنّها الفتن .. !

إذا أخذت بناصية الرجال ذهبت به كلّ مذهب ؛ حتى تسلبه العقل والقلب ؛ فيسير حيرانَ مضطرباً : لا يعرف الحقّ من الباطل ، ولا الصديق الوفيّ من العاطل ، ولا العالم من الجاهل ..
ولا الإصلاح من الفتن الغوائل .. !

فاحذر أخي من ( المتكلمين ! ) في الباطل .. دعاة السوء ؛ الذين يهيّجون القلوب حتى تكون مرتعاً للفتنة ، ويجيّشون الصدور حتى تكون منبعاً للكلام فيها ..!


أسأل الله – تعالى – أن يجنبنا الفتن والفتّانين ، وأن يحفظ بلدنا الأردن من كلّ كيد وشرّ وسائر بلد المسلمين ، وان يوفق ولاة أمورنا لكل خير ..

سبحانك ربّنا ربّ العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات