الاصلاح مشكلة سياسية وليس علمية


هناك الكثير ممن يصدقون كلام الحكومات ، وينتظر ، وعدد أخر يتطوع للدفاع عن الحكومة في تاكيد جديتها وقدرتها ونيتها بالقيام الاصلاحات ، ويرسل باقة من التهم لكل الحراكات السياسية بل ويخترع مصطلحات ويفترض وجودها وهي ليست اكثر من الفاظ وهمية منها مثلا : المتطاولين والعابثين والمندسين والغوغاء والدهماء والمشبوهين والمعتوهين والعملاء ، وكل هؤلاء اعداء للشعب الاردني الطيب وحكومته الرشيدة ونظامه السياسي المثالي .
لكن ما لا يريد قوله هؤلاء المتطوعون ، ان المشكلة السياسية هي سياسية وليست علمية تنتظر اختراع خوارزمية الحل . أي ان تأخر الاصلاح ليس سببه صعوبة الوصول لطريقة الاصلاح وانما لانه يتعارض مع مصلحة النظام الشمولي المغلق، أي نظام في اي دولة ، لها نظام شمولي مغلق كنظامنا ، فالفاسدون ( في كل الانظمة العربية الشمولية ) كانوا من النظام نفسه ، واموال الدولة التي نهبت ، انما نهبت من قبل عناصر في النظام او مرتبطه به لا يرضيها ان تسمع تلك المطالب والشعارات الاسبوعية ، وكبار رجال الدين الرسميين هم ايضا مع بقاء الحال على ما هو عليه ، بل ويسوغونه كيفما كان ، فالنص حمال اوجهه ، والفساد الاداري يستفيد منه كبار الاداريين وليس صغار الموظفين ، والمنهج الاقتصادي يصب في جيوب فئة قليلة ، واجراء انتخابات حرة ونزيهة قد يقضي على نواب المال السياسي ، وبالتالي ما يراه البعض اصلاحا هو خراب للبعض وقضاء على نفوذهم وامتيازاتهم ، من يملك حق تعين مفتي الازهر مثلا سيضمن كل فتاوي الازهر لصالحه كامير للمؤمنين ، ومن مصلحة كل طرف ان يدافع عن نفسه ، لهذا فالسلوك الحكومي مبرر ومفهوم ، والمطلوب اولا تغير في هيكلية النظام السياسي لياتي السلوك الحكومي التنفيذي والتشريعي والقضائي ملبيا لمصلحة الشعب وليس الاقلية . .
وحتى لا يظل تفكيرنا شكليا فالاصلاح السياسي ليس مشكلة علمية لم نجد لها الحل ، وانما هي صراع قوى ، اقلية حاكمة مستغلة واكثرية مسحوقة ( تطالب بالعدالة والحداثة في ادارة الدولة دولة الجميع ) ، ولهذا يثور الصراع دائما ، عندما تتمادى الاقلية الحاكمة في الاستغلال وربما التنكيل بالمعارضين تحت مزاعم متنوعة واتهامات كثيرة ، فتجبر قوى اخرى على التصدي لها ، هذا هو تاريخ الصراع السياسي في معظم المجتمعات ، والاردن ليس استثناء عن القاعدة العامة .
ولهذا لا نستهجن أي اتهامات للحراك الشعبي ، فمثل هذا قيل من قبل مئات المرات في مختلف دول العالم ، وربما بنفس الالفاظ . وليس المطلوب من احد تقديم نصائح او برنامج عمل اصلاحي للحكومة ( لمساعدتها ) ، فهي تعرف اكثر منا ما هو الاصلاح الحقيقي ، المطلوب عمل سياسي ، لنصل على الاقل الى حل وسط .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات