نوابنا الكرام وراتب التقاعد والجواز الأحمر


إنه من المنصف القول بأن مجلس نواب كمجلسنا الحالي الموقر يستحق أكثر مما منح نفسه والكثير من الوزراء والأعيان والمستشارين السابقين والحاليين واللاحقين من إمتيازات ... و يحارب أيضا من أجل إقرار قانون رواتب التقاعد للنواب أسوة بالوزراء... ألا يستحق هذا المجلس هذه الأشياء البسيطة والمنح العادية... فقد تعبوا خلال عام ونصف وبذلوا جهدا عظيما... أكل خلالها الكثير منهم الفستق ومنح 111 منهم حكومة الحفيد والإبن الثقة، ووقف المجلس بشراسة أمام محاكمة من ورطونا بقضية الكازينو، وأدوا دورهم بإمتياز بطولي وعطلوا قرارات لجنة التحقيق حول التفريط بثروتنا الرئيسية ونفطنا المستباح والمفرط به عندما وقفوا بوجه قرارات لجنة التحقق النيابية المتعلقة بالفوسفات، فهذه الإنجازات جزء بسيط ولا يذكر مما أنجزه هذا المجلس الموقر، أبعد كل هذا نحسدهم على تقاعد لا يتجاوز راتب عشرة موظفين عاديين وجواز سفر دبلوماسي أحمر اللون مدى الحياة حتى يجوبوا الأرض كيفما يشاؤوا لا لشيء إلا لدعم البلد والعمل على التخفيف من مديونيته التي تزحف نحو العشرين مليار والتي كان جلها بسبب غياب النواب الأفاضل عن الرقابة الحقيقية والتشريع الصارم للقوانين... اطمئنوا يا سادة يا كرام ولا تعترضوا على مجلس الأعيان الذي يحاول عرقلة بعض مخططاتكم فسوف تحصلون على مكافآت عفوا إكراميات أو بدل أتعاب ما بذلتم في خدمة الوطن والتخفيف عن المواطن... ألم تراقبوا الحكومات وتجبروها على إقرار هيكلة دامت أكثر من سنة ونيف حتى تساوى راتب متقاعد الضمان مع مدير الضمان المتقاعد أو إقترب من راتب المستشار الذي لا يستشار وكاد أن يلامسه، من حقكم أن تتركوا كل القوانين التي تُنتظر منكم وتسعون خلف رواتبكم التقاعدية وتلوين جوازكم وإضفاء صبغة الدبلوماسية عليه، فنحن لا نتأمل منكم أو من غالبيتكم خيرا قط، وأقولها بصدق أنه من حق من يعرف أنه ينازع في الرمق الأخير أن يفعل ما يشاء من أجل مصالحه الشخصية هذه هي حقيقة الأمر... فمجلس النواب الحالي يعد أيامه ولو أنه أنهى قانون الإنتخاب في وقت سابق لكان الآن محلولا وسائلا أيضا، فهو بدل أن يحسن صورته قبل الرحيل يحاول أن يضرب الموازنات القادمة ضربة "مقفي" ويسعى أن يغنم بإمتيازات ليست من حقه على حساب المواطن العادي، أشعر أنني أظلمهم ظلما واضحا لهؤلاء الأبطال الذي جاء أكثرهم عبر إنتخابات غير حرة وبعيدة عن النزاهة "بكل تأكيد" وهذا ما أكده أكبر مسؤولي الدولة بأنها كانت مزورة أليس كذلك.
إن المتتبع لمسيرة بلدنا في العقدين الأخيرين يكاد يجزم أن جل ما يعاني منه المواطن الأردني من نهب لأراضيه وسلب لثرواته وبيع لأهم شركات الوطن وأكثرها تأثيرا في حياة أبنائه، وأن من ساهم بزيادة حجم المديونية مما يزيدنا تبعية وضعف واستجداء للغير... كان بسبب غياب مجلس نواب قوي ذو فعالية ورقابة حازمة وحقيقية على كل قرارات الحكومات المتعاقبة.
وأريد أن أذكر الجميع أنه في المملكة المغربية الشقيقة تم تعديل الدستور وإجراء إنتخابات على أساسه وتشكيل حكومة أغلبية بأقل من أربعة أشهر، فعلى الحكومة ومجلس النواب والأحزاب والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في الحياة السياسية الأردنية إن كانوا يريدون بداية جديده لهذه المسيرة فعليهم بقانون إنتخاب فعال وعادل ومرضي للجميع أو للأكثرية على الأقل تجرى على أساسه إنتخابات حرة ونزيهة "فعلا وتطبيقا لا قولا وتصريحا"، وعندها يأتي دور المواطن والذي يجب أن يثبت للجميع أن زمن التوريث إنتهى وزمن إحتكار الكراسي إنتهى وزمن المال السياسي أو تبادل المصالح على حساب الوطن والمواطن قد ولى لغير رجعة... فإذا جرت إنتخابات حرة ونزيهة على أساس قانون قوي وفعال وكانت النتيجة تكرار الوجوه الحالية كلها أو أكثرها "ولا نقصد بعض المجتهدين من النواب" فإن العيب والخلل عندها سيكون بالمواطن وليس بالحكومة ولا بمجلس النواب نفسه، مختصر القول أنه على المواطن محاسبة النواب الذين مثلوه سابقا والوقوف مطولا مع مسيرتهم وما قدموا للوطن وللمواطن بعيدا عن تعيين آذن مدرسة أو حارس بوزارة أو الحصول على منحة دراسية من الديوان الملكي لشخص بالغالب غير محتاج... فهذه بكل تأكيد ليست المعايير التي يقوّم من خلالها أداء النائب وهل أنه يستحق العودة للمجلس أو يجب أن لا يفكر بالحديث للترشح أصلا.
حمى الله الأردن بلدي وأرشد مسؤولينا لخدمته حبا فيه ومن أجل الصالح العام ومنفعة الجميع، لا سعيا وراء جواز ملون يفتح أبواب المطارات بعد أن تكون أكثر القلوب والأبواب قد أغلقت بوجه صاحب الجواز الأحمر من جراء ما قام به بحق الوطن والمواطن... لذلك فعلى الجميع إن كانوا يسعون لخدمة هذا البلد أن يحرصوا على الحصول على جواز سفر يسمح لهم بدخول قلوب المواطنين وعقولهم ليتلمسوا حاجاتهم ويقتربوا من معاناة بعضهم ويكونوا شركاء الفرح والألم لمن أوصلهم لكراسيهم التي يريدون أن يحرمونهم منها ويريدون أن يحتكرونها لهم ولأنسالهم من بعدهم، ونرجو من الله أن يكون المجلس القادم على قدر التحديات والصعاب والمرحلة الدقيقة الفاصلة التي نعيش إنه ولي ذلك والقادر عليه.

Abomer_os@yahoo.com



تعليقات القراء

شرحبيل
للأسف الشديد نحن كمواطنيين وناخبين سوف نُخدع بهم وبأمثالهم من جديد وسوف يعود غالبيتهم من جديد الى المجلس النيابي الموقر لأننا سوف ننسى ما فعله هذا المجلس من أعمال ضد مصلحة الوطن والمواطن ولأننا لم ولن نتعلم من الدروس
والعبر الماضية.. هذا في حالة أن تكون النزاهة المطلقة في الإنتخابات القادمة
والتي ادعوا الله تعالى وأدعوا كافة الأخوة المواطنيين ألا ينتخبوا مثل هؤلاء
أصحاب المصالح الضيقة.. و أفضل أن نبقى
بلا مجلس نيابي فيما لو كان على شاكلتهم.
27-03-2012 04:29 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات