ميليشيات من نوع آخر
يسود الشارع الأردني في هذه الآونة ظهور ميليشيات لم نألفها من قبل، آخذة بالتنامي والشيوع بسرعة يوما بعد آخر، مهددة الأمن الوطني غالبا، ومتطاولة على القانون وهيبة الدولة شيئا فشيئا، مستغلة ما يحيط بالبلد من ثورات وقلاقل وتخبط ومطالب شعبية في دول الجوار العربي، ومستغلة كذلك سعة صدر الأجهزة الأمنية فيما يعرف بالأمن الناعم الذي ندعو أن يكون هكذا، بعيدا عن البطش والقسوة والطيش والنزق الأمني الذي رأيناه ونراه في دول أخرى، ولكن دون الانجرار إلى العبث بأمن الوطن والمواطن من خلال اللجوء إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق مطالب مشروعة نسعى جميعا إلى تحقيقها. ودون المطالبة أيضا بانهيار المنظومة الأمنية التي بوجودها يكون الاستقرار الذي يترعرع في أحضانه الأمان والأمن والعيش الكريم.
إن ما ساعد في بروز هذه المسلكيات والميليشيات أيضا القرارات الرعناء أو الاسترضائية لهذه الجهة أو تلك من قبل بعض المسؤولين الذين عليهم دراسة ما سيقررونه دراسة مستفيضة، وأثره في الشارع؛ ولا أدل على ذلك مما شاهدناه في قضية فصل البلديات أو دمجها في الحكومة السابقة، فما إن تُحْرق بعض الدواليب، وتقلب الحاويات، وتغلق الشوارع حتى يُبادَرَ إلى تلبية مطلب المواطنين في فصل بلديتهم في حين تبقى بلديات أخرى ضمن الدمج بسبب عدم وجود حاويات تُقلب أو عجلات تُحرق، وكأننا نعيش في دويلات ضمن دولة، ولكل دويلة قانونها الذي لا يسري على الدويلة الأخرى، ودون الأخذ بالحسبان الأبعاد القانونية أو الإجرائية المترتبة على عملية الفصل. ومما يساعد على ذلك أيضا انفجار لغم هنا، يعقبه دوي انفجار ألغام هناك وهناك؛ فما إن يغفو المواطن على انفجار ملف فساد هنا، حتى يصحو على دوي انفجارات ملفات أخرى في صباح اليوم التالي. وما يزيد في القلب حرقة، وفي الحلق غصة أن هذه الملفات لا أصحاب لها يحاسبون ويدانون ويحاكمون.
هذه البيئة الخصبة بصورها المتعددة الأخرى هي التي شجعت على وجود هذه الميليشيات وتناميها؛ فنجد مجموعة مثلا تحاول الاعتداء على سفارة سوريا في الأردن للتعبير عن غضبها مما نشاهده من عمليات قمع بحق المتظاهرين هناك، متناسين الأعراف الدبلوماسية، ومتناسين كذلك أن لنا سفارة هناك ستكون عرضة للرد بالمثل بل وبأبشع، ومتناسين عديد المواطنين والطلبة الأردنيين هناك، وهم الذين سيكونون( مفشة غلّ) سهلة المنال. وبما أنك أعطيت الحق لنفسك بالاعتداء على سفارة ما، فعليك أيضا أن تقبل الاعتداء على سفارتك بكل روح رياضية.
ومما أفرزته هذه الميليشيات كذلك تصنيف المواطنين إلى بلاطجة ومصلحين، وذوي أجندات وطنية وأخرى إقليمية، وهذا تحرري وذاك مستكين، وذاك تقدمي، وهذا رجعي، وقس على هذا حتى وصلنا إلى حالة فيها يداس تحت النعال أي رأي آخر مخالف لرأيي، وسرنا على مقولة( بوش)إن لم تكن معي فأنت ضدي.
هذه البيئة الخصبة أنبتت في جنباتها تيارت، وجبهات، ومجموعات، وتنظيمات، كلّ يحمل فكرا ويرنو إلى سقف يسعى بلوغه سواء أكان عاليا أم هابطا. والكلّ كذلك يدعي بأنه يسعى إلى الإصلاح الذي أصبح مثل ( علكة البُطُم) التي يتلاشى طعمها ومذاقها بسبب طول عملية العلك والّلت والعجن بها دون طائل. وما إن يولد تيار ما حتى تتوالى الانشقاقات والفصل والتلاسن بين رفاق الأمس مما يشير بوضوح تام إلى أن الأسس التي بني عليها واستند إليها هذا التيار واهية، وأن الرؤى التي يتطلعون إلى تحقيقها قد اصطدمت بوجهات نظر هؤلاء الرفاق القاصرة فتبخرت عند أول مفترق، فصار الانشقاق أو الاستبعاد والطرد أو تجميد العضوية. وكثرت كذلك جبهات الإصلاح ومسمياتها وهي قريبة الشبه بجبهات الأرصاد الجوية؛ فكما توجد جبهات مصحوبة بالغيث والبركة، هناك جبهات مصحوبة بمطر السّوء والشر.
وبعد، يظل جسم الإنسان قويا مادام فيه عقل نشط، وحواس سليمة، وأعضاء عاملة، وأجهزة عضوية قادرة على مقاومة الفيروسات والأمراض والأوبئة. ولكن إذا تعطلت هذه الأجهزة الرادعة فسيكون الجسم لقمة سائغة للأوبئة المنتشرة والفيروسات العابرة للحدود، والأمراض المجتمعية من نعرات وفرقة؛ وتلك هي الدول، يهن عظمها وتتداعى مفاصلها، وتتهاوى دعائمها في ظلّ الفوضى وغياب المنظومة الأمنية الذي يشيع على إثره الاضطراب والتخبط والفتن والنزعات العرقية والمذهبية وغير ذلك من تداعيات يكون فيها الخاسر هو المواطن والوطن. في حين يكون الرابح هو الغربان المهاجرة التي ستترك البلد على متن أول طائرة مغادرة، بما تحمل على ظهرها وفي حقيبتها وتحت أجنحتها ما اختلسته من هذا البلد. هذه الغربان المهاجرة هي أورام سرطانية خبيثة يجب اجتثاثها بأسرع وقت ممكن قبل أن تنتشر في أعضاء الجسم كله، ولكي نحافظ على الجسم سليما معافى بإذن الله تعالى.
يسود الشارع الأردني في هذه الآونة ظهور ميليشيات لم نألفها من قبل، آخذة بالتنامي والشيوع بسرعة يوما بعد آخر، مهددة الأمن الوطني غالبا، ومتطاولة على القانون وهيبة الدولة شيئا فشيئا، مستغلة ما يحيط بالبلد من ثورات وقلاقل وتخبط ومطالب شعبية في دول الجوار العربي، ومستغلة كذلك سعة صدر الأجهزة الأمنية فيما يعرف بالأمن الناعم الذي ندعو أن يكون هكذا، بعيدا عن البطش والقسوة والطيش والنزق الأمني الذي رأيناه ونراه في دول أخرى، ولكن دون الانجرار إلى العبث بأمن الوطن والمواطن من خلال اللجوء إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق مطالب مشروعة نسعى جميعا إلى تحقيقها. ودون المطالبة أيضا بانهيار المنظومة الأمنية التي بوجودها يكون الاستقرار الذي يترعرع في أحضانه الأمان والأمن والعيش الكريم.
إن ما ساعد في بروز هذه المسلكيات والميليشيات أيضا القرارات الرعناء أو الاسترضائية لهذه الجهة أو تلك من قبل بعض المسؤولين الذين عليهم دراسة ما سيقررونه دراسة مستفيضة، وأثره في الشارع؛ ولا أدل على ذلك مما شاهدناه في قضية فصل البلديات أو دمجها في الحكومة السابقة، فما إن تُحْرق بعض الدواليب، وتقلب الحاويات، وتغلق الشوارع حتى يُبادَرَ إلى تلبية مطلب المواطنين في فصل بلديتهم في حين تبقى بلديات أخرى ضمن الدمج بسبب عدم وجود حاويات تُقلب أو عجلات تُحرق، وكأننا نعيش في دويلات ضمن دولة، ولكل دويلة قانونها الذي لا يسري على الدويلة الأخرى، ودون الأخذ بالحسبان الأبعاد القانونية أو الإجرائية المترتبة على عملية الفصل. ومما يساعد على ذلك أيضا انفجار لغم هنا، يعقبه دوي انفجار ألغام هناك وهناك؛ فما إن يغفو المواطن على انفجار ملف فساد هنا، حتى يصحو على دوي انفجارات ملفات أخرى في صباح اليوم التالي. وما يزيد في القلب حرقة، وفي الحلق غصة أن هذه الملفات لا أصحاب لها يحاسبون ويدانون ويحاكمون.
هذه البيئة الخصبة بصورها المتعددة الأخرى هي التي شجعت على وجود هذه الميليشيات وتناميها؛ فنجد مجموعة مثلا تحاول الاعتداء على سفارة سوريا في الأردن للتعبير عن غضبها مما نشاهده من عمليات قمع بحق المتظاهرين هناك، متناسين الأعراف الدبلوماسية، ومتناسين كذلك أن لنا سفارة هناك ستكون عرضة للرد بالمثل بل وبأبشع، ومتناسين عديد المواطنين والطلبة الأردنيين هناك، وهم الذين سيكونون( مفشة غلّ) سهلة المنال. وبما أنك أعطيت الحق لنفسك بالاعتداء على سفارة ما، فعليك أيضا أن تقبل الاعتداء على سفارتك بكل روح رياضية.
ومما أفرزته هذه الميليشيات كذلك تصنيف المواطنين إلى بلاطجة ومصلحين، وذوي أجندات وطنية وأخرى إقليمية، وهذا تحرري وذاك مستكين، وذاك تقدمي، وهذا رجعي، وقس على هذا حتى وصلنا إلى حالة فيها يداس تحت النعال أي رأي آخر مخالف لرأيي، وسرنا على مقولة( بوش)إن لم تكن معي فأنت ضدي.
هذه البيئة الخصبة أنبتت في جنباتها تيارت، وجبهات، ومجموعات، وتنظيمات، كلّ يحمل فكرا ويرنو إلى سقف يسعى بلوغه سواء أكان عاليا أم هابطا. والكلّ كذلك يدعي بأنه يسعى إلى الإصلاح الذي أصبح مثل ( علكة البُطُم) التي يتلاشى طعمها ومذاقها بسبب طول عملية العلك والّلت والعجن بها دون طائل. وما إن يولد تيار ما حتى تتوالى الانشقاقات والفصل والتلاسن بين رفاق الأمس مما يشير بوضوح تام إلى أن الأسس التي بني عليها واستند إليها هذا التيار واهية، وأن الرؤى التي يتطلعون إلى تحقيقها قد اصطدمت بوجهات نظر هؤلاء الرفاق القاصرة فتبخرت عند أول مفترق، فصار الانشقاق أو الاستبعاد والطرد أو تجميد العضوية. وكثرت كذلك جبهات الإصلاح ومسمياتها وهي قريبة الشبه بجبهات الأرصاد الجوية؛ فكما توجد جبهات مصحوبة بالغيث والبركة، هناك جبهات مصحوبة بمطر السّوء والشر.
وبعد، يظل جسم الإنسان قويا مادام فيه عقل نشط، وحواس سليمة، وأعضاء عاملة، وأجهزة عضوية قادرة على مقاومة الفيروسات والأمراض والأوبئة. ولكن إذا تعطلت هذه الأجهزة الرادعة فسيكون الجسم لقمة سائغة للأوبئة المنتشرة والفيروسات العابرة للحدود، والأمراض المجتمعية من نعرات وفرقة؛ وتلك هي الدول، يهن عظمها وتتداعى مفاصلها، وتتهاوى دعائمها في ظلّ الفوضى وغياب المنظومة الأمنية الذي يشيع على إثره الاضطراب والتخبط والفتن والنزعات العرقية والمذهبية وغير ذلك من تداعيات يكون فيها الخاسر هو المواطن والوطن. في حين يكون الرابح هو الغربان المهاجرة التي ستترك البلد على متن أول طائرة مغادرة، بما تحمل على ظهرها وفي حقيبتها وتحت أجنحتها ما اختلسته من هذا البلد. هذه الغربان المهاجرة هي أورام سرطانية خبيثة يجب اجتثاثها بأسرع وقت ممكن قبل أن تنتشر في أعضاء الجسم كله، ولكي نحافظ على الجسم سليما معافى بإذن الله تعالى.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |