هل دخل التعليم الجامعي في الأردن غرفة الإنعاش؟
لا يختلف إثنان على أن الأردن بمؤسساته التعليمية كان قبلة لطالبي العلم في حقبتي السبعينيات والثمانينيات وإلى حد ما في حقبة التسعينيات من القرن المنصرم. ولكن الأمر بدأ بالتغير في أوائل القرن الحادي والعشرين - وبكل أسف - نحو الأسوأ؛ فجودة التعليم انخفضت انخفاضا ملموسا مع تزايد أعداد الجامعات وأعداد مرتاديها.
وقد شهد الأردن دخول القطاع الخاص مضمار التعليم منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حيث أُنشأ العديد من الجامعات الخاصة تحت مظلة وزارة التعليم العالي. وقد ساهمت هذه الجامعات في استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة في مختلف التخصصات إلى درجة أننا أصبحنا لا نرى إلا القلة من طلبتنا يسافرون إلى الخارج لمتابعة دراستهم؛ الأمر الذي ساهم في التنمية الاقتصادية والحد من خروج العملة الصعبة. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن نوعية الخريجين التي كانت الجامعات الأردنية سواء الرسمية أو الخاصة تقدمها إلى سوق العمل كانت جيدة، وبشهادة الكثير من أصحاب العمل داخل الوطن وخارجه. ولكن الحال لم يبق كذلك بل أخذ بالتراجع شيئا فشيئا إلى أن وصلنا إلى وضع بدأنا فيه بالخشية الحقيقية على مستقبل مؤسساتنا التعليمية وخريجيها.
ولوأردنا أن نحلل هذا الواقع بتجرد بغية تشخيص الحال ووضع الإصبع على موطن الخلل فإنه يمكن أن نجمل الوضع كما يلي:
- لقد كان لانخفاض معدلات القبول في الجامعات الخاصة أثر كبير؛ إذ أصبح بمقدور الطالب الذي نجح في التوجيهي بمعدل 55 أو أقل أن يكمل دراسته وأن يحصل على شهادة علمية. ولقد أثبت العديد من الدراسات وجود علاقة طردية بين معدل الطالب في التوجيهي ومستواه في الجامعة؛ بمعنى أن الطالب الذي يحصل على معدل متدن في التوجيهي يكون تحصيله في الجامعة متدن في الغالب.
- اتجاه بعض الجامعات إلى اتباع سياسة غير موضوعية في عملية التعيين لأعضاء الهيئة التدريسية لا يخلو من الواسطة والميل نحو التوفير في النفقات؛ فهذه الجامعات لا تولي مدى كفاءة عضو هيئة التدريس اهتماما بقدر ما تهتم بمدى قبوله للراتب الذي يعد متدنيا ولا يتناسب مع ما يجب دفعه للحصول على النوعيات الجيدة من الأساتذة. ويجب أن لا يفهم من كلامي أنني أعمم سواء بالنسبة للجامعات أو الأساتذة.
- كثير من الطلبة ينجحون بالواسطة ولاعتبارات أبعد ما تكون عن الموضوعية. ولا شك أن كل من يعمل في مهنة التعليم الجامعي – وأنا أحدهم – يعي حقيقة ما أقول.
- بُعد معظم الخطط الدراسية عن الواقع ومتطلبات سوق العمل؛ فالكثير منها مستورد من الخارج وقد لا يتناسب مع بيئتنا ولا حاجاتنا. وهنا لا بد من القول أنه لا بأس من الاطلاع على الخطط الدراسية في الجامعات العريقة بقصد الاستئناس بها وليس من قبيل " النسخ والالصاق" كما يقال في لغة الحاسوب؛ إذ لا بد من "تفصيلها" على مقاس احتياجات سوق العمل الأردني أو العربي.
- اهتمام العديد من إدارات وملاك الجامعات الخاصة بالربح المادي أكثر من الربح الاجتماعي؛ بمعنى أن المهم هو ما سوف تحققه من أرباح مادية وليس ما ستحققه من مساهمة في تنمية المجتمع وأبنائه.
- وأخيرا فإنني أعتقد أن ضعف الدور الرقابي لوزارة التعليم العالي يسهم في تردي وضع التعليم الجامعي في الأردن.
هذه أبرز الأسباب التي أعتقد أنها ساهمت فيما وصل إليه حال مؤسساتنا التعليمية في الأردن إلى ما هو عليه في الوقت الحاضر، وقد يرى غيري أسباب أخرى غير التي ذكرت.
ورغم علمي بأنه إذا كتب لهذا المقال أن يرى النور فإن العديد من المعنيين لن يعجبهم وقد يشنون هجوما عليّ، إلا أنني أعتقد بأنه آن الأوان للتصدي إلى هذا الموضوع بتجرد وجدية بعيدا عن العواطف حتى لا يكون الجواب على عنوان مقالتي... نعم.
د. خالد الكردي
لا يختلف إثنان على أن الأردن بمؤسساته التعليمية كان قبلة لطالبي العلم في حقبتي السبعينيات والثمانينيات وإلى حد ما في حقبة التسعينيات من القرن المنصرم. ولكن الأمر بدأ بالتغير في أوائل القرن الحادي والعشرين - وبكل أسف - نحو الأسوأ؛ فجودة التعليم انخفضت انخفاضا ملموسا مع تزايد أعداد الجامعات وأعداد مرتاديها.
وقد شهد الأردن دخول القطاع الخاص مضمار التعليم منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حيث أُنشأ العديد من الجامعات الخاصة تحت مظلة وزارة التعليم العالي. وقد ساهمت هذه الجامعات في استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة في مختلف التخصصات إلى درجة أننا أصبحنا لا نرى إلا القلة من طلبتنا يسافرون إلى الخارج لمتابعة دراستهم؛ الأمر الذي ساهم في التنمية الاقتصادية والحد من خروج العملة الصعبة. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن نوعية الخريجين التي كانت الجامعات الأردنية سواء الرسمية أو الخاصة تقدمها إلى سوق العمل كانت جيدة، وبشهادة الكثير من أصحاب العمل داخل الوطن وخارجه. ولكن الحال لم يبق كذلك بل أخذ بالتراجع شيئا فشيئا إلى أن وصلنا إلى وضع بدأنا فيه بالخشية الحقيقية على مستقبل مؤسساتنا التعليمية وخريجيها.
ولوأردنا أن نحلل هذا الواقع بتجرد بغية تشخيص الحال ووضع الإصبع على موطن الخلل فإنه يمكن أن نجمل الوضع كما يلي:
- لقد كان لانخفاض معدلات القبول في الجامعات الخاصة أثر كبير؛ إذ أصبح بمقدور الطالب الذي نجح في التوجيهي بمعدل 55 أو أقل أن يكمل دراسته وأن يحصل على شهادة علمية. ولقد أثبت العديد من الدراسات وجود علاقة طردية بين معدل الطالب في التوجيهي ومستواه في الجامعة؛ بمعنى أن الطالب الذي يحصل على معدل متدن في التوجيهي يكون تحصيله في الجامعة متدن في الغالب.
- اتجاه بعض الجامعات إلى اتباع سياسة غير موضوعية في عملية التعيين لأعضاء الهيئة التدريسية لا يخلو من الواسطة والميل نحو التوفير في النفقات؛ فهذه الجامعات لا تولي مدى كفاءة عضو هيئة التدريس اهتماما بقدر ما تهتم بمدى قبوله للراتب الذي يعد متدنيا ولا يتناسب مع ما يجب دفعه للحصول على النوعيات الجيدة من الأساتذة. ويجب أن لا يفهم من كلامي أنني أعمم سواء بالنسبة للجامعات أو الأساتذة.
- كثير من الطلبة ينجحون بالواسطة ولاعتبارات أبعد ما تكون عن الموضوعية. ولا شك أن كل من يعمل في مهنة التعليم الجامعي – وأنا أحدهم – يعي حقيقة ما أقول.
- بُعد معظم الخطط الدراسية عن الواقع ومتطلبات سوق العمل؛ فالكثير منها مستورد من الخارج وقد لا يتناسب مع بيئتنا ولا حاجاتنا. وهنا لا بد من القول أنه لا بأس من الاطلاع على الخطط الدراسية في الجامعات العريقة بقصد الاستئناس بها وليس من قبيل " النسخ والالصاق" كما يقال في لغة الحاسوب؛ إذ لا بد من "تفصيلها" على مقاس احتياجات سوق العمل الأردني أو العربي.
- اهتمام العديد من إدارات وملاك الجامعات الخاصة بالربح المادي أكثر من الربح الاجتماعي؛ بمعنى أن المهم هو ما سوف تحققه من أرباح مادية وليس ما ستحققه من مساهمة في تنمية المجتمع وأبنائه.
- وأخيرا فإنني أعتقد أن ضعف الدور الرقابي لوزارة التعليم العالي يسهم في تردي وضع التعليم الجامعي في الأردن.
هذه أبرز الأسباب التي أعتقد أنها ساهمت فيما وصل إليه حال مؤسساتنا التعليمية في الأردن إلى ما هو عليه في الوقت الحاضر، وقد يرى غيري أسباب أخرى غير التي ذكرت.
ورغم علمي بأنه إذا كتب لهذا المقال أن يرى النور فإن العديد من المعنيين لن يعجبهم وقد يشنون هجوما عليّ، إلا أنني أعتقد بأنه آن الأوان للتصدي إلى هذا الموضوع بتجرد وجدية بعيدا عن العواطف حتى لا يكون الجواب على عنوان مقالتي... نعم.
د. خالد الكردي
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
ربط التخصصات و رسائل الماجستر و الدكتوراة بسوق العمل
عدم قبول أي أبحاث لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع و خاصة في التخصصات الهندسية
الإبتعاد عن النمطية و التلقين و الحفظ و تدريس طرق البحث العلمي بشكل منهجي
و أخيرأ و ليس آخراُ الإبتعاد عن المحسوبية و الواسطة
و دمتم
واقول للدكتور خالد اجعل مع دعائك شيئاً من القطران فذكر العلة لا تشفي العليل. فسياسة التعليم - عفوا التجهيل - المتبعة هي اس البلاء فكبف تريد اصلاح سياسة مستوردة غريبة عن فكر هذه الامة اصبح اهلها يبحثون عن من ينقذهم منها بعد ان بان عوارها واصبحت رائحتها تزكم الانوف لفساد اساسها الا وهي النظام الراسمالي العفن وربيبته الديموقراطية القذرة التي فتكت بفكر الامة واخرجتها عن جادة الصواب . والعلاج الناجع لهذا الامر وغيره ان تعود الامة للمبدا الذي ارتضاه الله لهاو فرضها عليها بنظامه العادل وان تنبذ الامة باقي الانظمة التي فرضت عليها من اعدائها وتسعد بنظام الاسلام وحكمه الذي ينظر الى رعاية الناس من تسوية الطريق للماشي الى حمل الاسلام للعالم ليخرجهم من النور الى الظلمات من نفس الزاوية الا وهي رضوان الله عزوجل . واقبل التحية
الى حمل الاسلام للعالم ليخرجهم من الظلمات الى النور من نفس الزاوية الا وهي رضوان الله عزوجل ... اعتذر واقتضى التنويه