نريد حوارات لا مناكفات


إن المراقب لما يحدث على الساحة المحلية، من حراك شعبي يصل الى نتيجة حتمية مفادها أن البعض يريد لهذا الحراك أن يسير وفق سيناريوهات من شأنها الـتأزيم والتعطيل، ونرى أن بعض القوى السياسية استسلمت للمناكفات السياسية والصراعات. وكم كنّا نتمنى أن يقنع هؤلاء بأن مسار الأحداث المتسارعة في أكثر من بلد عربي والمنطقة، تستدعي منّا جميعاً التبصر في مصلحة الوطن، ووضع حدّ لهذه المناكفات العبثية، لاستدراك ما يمكن استدراكه من خسائر محتملة في فصل الصيف الذي يمثل مورداً مالياً واقتصادياً لا يجوز لأحد التفريط به وبمصلحة الوطن وبمعيشة المواطن.
وإزاء عدم الإلتفات لما قد يخسره الوطن، وإزاء الأوضاع المتسارعة التي تعيشها المنطقة جرّاء القلاقل التي أصبحت ترهق الصغير قبل الكبير، هناك ثمة واجبات تمثل في أن تتخذ القوى الفاعلة سياسيا خطوات من شأنها نزع هذا الفتيل لكي لا يشتعل، كما يحتاج الأمر أيضا لإعادة قراءة للواقع من الطرف الرسمي الذي يشكّل أداؤه نسبة مهمة من الأزمة القائمة، بعيداً عن الاستنفار والاستفزاز اللذين لن يوصلا إلا الى المزيد من التشنج، في الشارع الذي يتشكل على أصول وأهواء ليست لها علاقة فيما يحدث، بقدر ما هي نتاج لحالة احتقان وشد تعاني منها البلاد طوال فترة زمنية ليست قصيرة، تتغذى بعضها على الوضع الداخلي الذي تسهم العديد من الاطراف الحزبية السياسية في تأجيجه، والبعض الآخر من الأجواء الاقليمية المشدودة نحو تداعيات أمنية خطيرة بانت ملامحها فيما يجري على الأرض في المنطقة بشكل عام.
إن الاصلاح ليس عصا سحرية بمجرد ما تلامس الواقع ستحل جميع القضايا وسننتقل إلى وضع جميل جداً، فالأمر بحاجة إلى جهد بشري ورؤية وطنية وسقف لا يستطيع أحد أن يتجاوزه لأن هذا السقف يسمى وطن، فالوطن ليس ممرأً داخلياً بين شارع وآخر ممكن أن نكسره في أي لحظة. وليس من حق أحد \"أيا كان\" أن يتخذ قراراً بحق الوطن. فالمسؤولية الوطنية تحتم علينا جميعا، الادراك أن أقصر الطرق لحل كافة الأزمات هو التحاور والاتفاق والتوافق، وأن نعتبر هذا الوطن هو سقفنا، وتحت هذا السقف يجب أن تتوفر الأجواء الإيجابية التي تساعد على حل قضايا مشاكل الناس. وكل شيء هنا يمكن أن يناقش، وإذا كانت بعض القوى السياسية لديها أحلام سياسية مشروعة فليحلموا كما يريدون وإذا كانت تلك الأحلام غير مشروعة أو مريضة فعليهم العودة إلى رشدهم والتفكير بالشكل السليم وينقذوا الوطن باعتبار أن الوطن وطننا جميعاً وهم بالأخير أردنيون.
اليوم لا يريد أحد أن يعترف بأنه أخطأ، وأن هناك مشكلة كان هو المتسبب بها وأصبح الكل يدفع بالمشاكل نحو الآخر، القوى السياسية تتقاذف، فئات المجتمع أيضاً تتقاذف، وكل جهة ترمي بثقلها نحو الأخرى، لذا لا بد أولاً أن يتضامن الجميع لحل المشاكل، ولن يأتي ذلك إلا بالحوار وبمسؤولية وطنية، حوار يخلق رد فعل إيجابي نستطيع من خلاله تصحيح وضعنا وتجاوز مشاكلنا وأن ننعم بالأمن والاستقرار.
ليس أمامنا إذاً سوى التوافق السياسي والقانوني على كل القضايا؛ الصغيرة والكبيرة، والعمل على تصغير خلافاتنا وتناقضاتنا مهما بدت كبيرة ومهمة، فأمامنا ما هو أكبر وأهم، ولنجعل لكل خلافاتنا الراهنة والقادمة؛ الصغيرة منها والكبيرة، مرجعية واضحة نُجمع عليها ونحتكم إلى سيادة القانون، الذي طالما دعونا إلى احترام سيادته. وبالتالي فإن صوت العقل والحكمة والضمير الوطني الحي ينادينا؛ أن لا مكان هنا لخلافات ومناكفات صغيرة التي تقض مضاجع كل المخلصين منا، وعلى كل طرف أن يقوم من موقعه الدستوري والقانوني بأداء ما عليه من واجب وطني، وأن يضع المصلحة الوطنية العامة فوق كل اعتبار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات