"نيوم" .. مفاجأة المملكة الكبرى للعالم


جراسا -

في شمال غربي المملكة العربيَّة السعوديَّة تم التخطيطُ لإنشاء مدينة "نيوم" الساحرة، أو كما يُطلق عليها بعضُهم مدينة الخيالِ؛ اذ يتميَّز موقعها المُختار بعناية فائقة بتضاريس مُعتدلة ومتنوعة، وقد كانت حلمًا يُراود شعب المملكة، وها هو على مشارف التحوُّل إلى حقيقة وواقع ملموس؛ إذ نشاهد يومًا تلو الآخر مراحل الإنشاءالتي تُسابق الزمن؛ لكي يتم افتتاحُها في الموعد المُحدَّد، وطبقًا للجدول الزمني للمشروع الأكبر، ليس في السعوديَّة فحسب، بل في المنطقة والإقليم وربما في العالم بأسْره.

البداية تعود إلى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2017، عندما أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المشروع الأضخم الذي يُغيّر وجه الاقتصاد 180 درجةً، وما بعده لن يكون بالطبع كما قبله، الذي قال عنه حينها: «إنه عبارة عن منطقة خاصة تمتد داخل الحدود السُّعوديَّة والمصريَّة والأردنيَّة بإنفاقٍ مبدئيّ يبلغ 500 مليار دولار، يتم تمويلها بالشراكةِ بين صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرين محليين وعالميين»، ويتوقعٌ - وفقًا لدراسات الجدوى التي أعلنها القائمون على إنجاز المشروع - أنه سيُضيف 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

المدينة الخياليَّة تمتد على مساحة 26.500 كم2، وتطل من جِهتي الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، تُحيطها من الشرق جبالٌ على ارتفاع 2.500 متر، ولك أن تتخيَّل جغرافيا هذا الموقع على الطَّبيعةِ قبل الشُّروع في تنفيذ الإنشاءاتِ، والهيئة التي سيكون عليها بعد توظيف أحدث ما وصل إليه العِلم الحديث في عمليات التصميم، والاستعانة بالخبرات العالميَّة الرائدةِ في التنفيذِ؛ ومن ضمن المشروع الأسطوري مدينة «ذا لاين» التي تعد أيضًا ثورة في التنمية الحضرية، فهي عبارة عن مَبنى عملاق بشكل أُفقي ذي أبعاد تمثل 160 كيلومترًا في الطول، وبعرض 200 متر وارتفاع 500 متر.

وبالنَّظر إلى ثمار المشروع المُرتقبة؛ فإنه يضمن للأجيال السُّعوديَّة المُقبلة عوائدَ ضخمة من رَحم الواقعِ الجديد الذي يتم إنجازه على الأرض، فهي - أي المدينة - تُواكب العصر الحديث بمفهومه الإنشائي والتكنولوجي الشامل والمُتطوّر، وإذا أُحسن الاستثمار في هذا المجال مُستقبلًا كما هو مخطط له؛ فإن المملكة تحجز لنفسها مكانًا رائدًا فيه، وعائدًا اقتصاديًا مرموقًا يجعلها في مصاف كُبريات الدول؛ لكون هذه المجالات أصبحت عماد اقتصاديات مُتقدِّمة قائمة على صناعة العقارات والتكنولوجيا الحديثة، ناهيك بالثروات الطبيعيَّة التي حَباها الله للمملكةِ وجعلها في طليعةِ الدولِ المُصدِّرة للنفطِ في كوكبنا الفسيح.

ليس خافيًا على أحد أنَّ المملكةَ وبفكر رشيد مُستند إلى العِلم الحديثِ، وبسواعد وطنيَّة مُخلصة لا تكل من العمل، رَسمت ملامح المستقبل المُشرق الذي نستشرفه لبلادنا العربيَّة كافةً، ويبعث في داخلنا الطمأنينة على مملكة الخير التي وَضعها اللهُ في أيد أمينة جعلت مصلحة الدولة وشعبها نُصب عينيها، وسَعت بكلّ قوة لتهيئة واقع مزدهر يُوفِّر لمواطنيها أفضل سُبل الحياة الكريمة وأرقاها، ويكون نواةً لرفاهية أكثر جذبًا لزائريها وقاصديها جنبًا إلى جنب مع قاطنيها، وقد نجحت القيادة الحَكيمة للبلاد في صُنع مناخ استثماريّ جاذب استطاع أن يستقطب كبار المستثمرين الباحثين عن وجهة آمنة لرؤوس أموالهم في بلد مُستقر يطمئنون فيه إلى استثماراتهم، ويضمنون بلا أدنى خوف تحقيق عوائد مُجزية في جوّ تنافسيّ تُغلّفه العدالة، لا مكان فيه للبيروقراطيَّة المُنفّرة، أو الإجراءات الشديدة التعقيد الطاردة للمستثمرين، والتي كانت سببًا في سحب البساط من اقتصاديات كانت طويلًا ملء السَّمعِ والبصر.

بلا أدنى شك، فإن مدينة "نيوم" على أرض السعودية تجد فيها حلًا جذريًا وناجزًا لكثير من العقبات التي كانت تعترض طريق المواطن السعودي أو ذلك الوافد إليها زائرًا أو مُقيمًا أو مُستثمرًا؛ إذ تُقدّم حلولًا مُستدامةً، مُستوحاةً من العلم والتطوُّر الحادث اليوم، لمشكلات بيئية خطيرة تُعانيها البشريَّة منذ زمن بعيد؛ حيث تُحافظ على الإنسان والكائنات الأخرى التي تعيش معه على البسيطةِ من مصادر التلوُّث والأوبئة والأمراض التي استشرت بفعل التقدُّم الصناعيّ الرهيب الذي نشهده، بدايةً من الثورة الصناعية الكبرى التي نتجت منها انبعاثات كربونيَّة ضارة أصابت الهواء، فعصفت بصحة الآدميّ وحتى الحيوان والنبات في مختلف بقاع العالم، حتى المناطق التي ليس فيها حائطٌ لمصنع أو مسمارٌ لآلة، طالها نصيبُها من هذا الضرر، من دون امتلاك أبسط أدوات الوقاية، بينما عوائد هذه المشاريع تظل مقصورةً على أصحابها.

نعم؛ قضت مدينة السحر والجمال العالميَّة "نيوم" في المملكة العربيَّة السعوديَّة وبشكلٍ بات على تلك الأزمات الطاحنة التي تُعاني آثارها الخطيرة والمُدمِّرة معظم البلدان المُتقدِّمة والنامية على السواء حتى اللحظة، وتعاملت معها بحسب مُقتضيات العِلم والتكنولوجيا الحديثة، التي تم تسخيرها في تلك البقعة الخلَّابة لخدمة البشريَّة جمعاء، ليكون للرياض السَّبق في أن تُصبح صاحبة التجربة الفريدة والمُتميزة، التي من المؤكّد أنها لن تكون الأخيرة على ترابها، وستبذل دولٌ كبرى كلّ ما أُوتيت من إمكانات لتحذو حذوها، لعلَّ وعسى أن تتمكَّن من استنساخ الفكرة التي لو تطرقنا إلى تفاصيلها لاحتجنا لمجلدات للشرح والتوضيح، إلّا أنني أردت من مقالتي هذه إلقاء الضوء على هدية المملكة الكبرى التي قريبًا سوف تُقدِّم للإنسانيَّة عامةً وللمواطن السعودي خاصةً خدمات جليلة مباشرة أو غير مباشرة.

لقد هدفت المملكة بكلّ تأكيد من وراء هذا المشروع العملاق إلى تشكيل بيئة مثالية خالية من التلوُّث والأمراض، تكون علاجًا للتحديات المزمنة عالميًا والتي تُعوق بيئة المال والأعمال، فلم تكن الرياض في برامجها الإصلاحية تهتم بجانب كالترفيه الذي قطعت فيه شوطًا كبيرًا ونجحت نجاحًا منقطع النظير، متغافلةً آخر من تلك الجوانب التي تنهض بها أي دولة؛ لإيمانها الراسخ بأن الإعمار والإصلاح منظومة مُتكاملة الأركان لا غنى لركن عن غيره، وأن الموارد التي منحها الله لهذا البلد إن لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، فإن مصيرها إلى زوال، فالأُسس التي تم الاعتماد عليها عند إنشاء "نيوم" تخطو صوب الإبداع والتقدُّم والرُّقي، وتُحبِّذ الأجيال القادمة على التفكير والابتكار وتحويل مستحيل الأمسِ إلى واقعٍ في الغد القريب بالعزم والإصرار والتحدي.

نُهنِّئ البيئة على ميلاد مدينة "نيوم" التي ستكون صديقةً لها، تلك الرُّقعة النقيَّة التي لا تصدر عنها انبعاثات تضر وتُؤذي مخلوقات الله على الأرض، ولا مكان فيها للوقود الأحفوري أو أيّ نوع من مصادر الطاقة غير المُتجدِّدة التي كانت وما زالت مصدرًا رئيسيًا للتلوث، بل سيكون الاعتماد كليًا على الطاقة النظيفة لتشغيل المرافق بنسبة 100%، إضافةً إلى بناء الإنشاءات وتجهيز البنية التحتية بشكل مُتناسق ومُتناسب مع عوامل السَّلامة المُناخية والصحيَّة تحت إطار رقميّ كامل يشمل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات؛ لكي لا نرى مُخلَّفات أو عوادم ضارة للكائنات الحيَّة التي تتنفس تحت سمائها.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات