جراسا -

جدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأكيده على نيّة تل أبيب إقامة منطقة عازلة داخل قطاع غزة، معتبراً أنّه أحد الشروط الأساسية لوقف إطلاق النار مع حركة "حماس".

واعتبر نتنياهو، في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية أمس الأربعاء، أنّ السلام لن يكون ممكناً إلا من خلال "القضاء على حماس، نزع سلاح غزة، وأن يتوقف المجتمع الفلسطيني عن التطرف" بحسب زعمه، مضيفاً أن هذه الشروط الثلاث للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأضاف أنّ "نزع السلاح يتضمن إنشاء منطقة أمنية موقتة".

تزامن ذلك مع تقارير عن استعداد القوات الإسرائيليّة لإقامة منطقة عازلة داخل القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر، وذلك ضمن المرحلة الثالثة من الحرب.

وقالت القناة "12" العبرية إنّ الجيش الإسرائيلي يستعد لتغيير خطته في غزة لإدراكه أن حركة "حماس" لن تهزم إلا بحرب استنزاف طويلة، ولذلك سيقوم بإنشاء منطقة عازلة غرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل.

وجاء هذا التوجّه، أيضاً، مع وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن لعقد اجتماعات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول خطط إسرائيل لتقليص الحرب والانتقال إلى عملية منخفضة الشدة في غزة.

ما هي  تفاصيل "المنطقة العازلة" التي تسعى إليها إسرائيل؟

تمتد هذه المنطقة على طول حدود قطاع غزة، بما في ذلك الحدود المشتركة مع مصر.

وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير لـ"رويترز" إنّ فكرة المنطقة العازلة "تجري دراستها"، مضيفاً: "ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمقها وما إذا كانت قد تصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار (داخل غزة)".


وفي وقت سابق، كشف مسؤول أمني إقليمي كبير أنّ نتنياهو "يريد إقامة هذه المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل شمالاً إلى الجنوب لمنع أي تسلل أو هجوم من جانب حماس أو أي مسلحين آخرين".

بدوره، أكّد مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ إسرائيل "طرحت" فكرة المنطقة العازلة دون أن يحدد الجهة التي طرحتها عليها. لكنّه شدّد معارضة واشنطن لأي خطة من شأنها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.

وشبّهت مصادر إقليمية فكرة المنطقة العازلة في غزة "بالمنطقة الأمنية" التي أقامتها إسرائيل في جنوب لبنان. وأخلت إسرائيل تلك المنطقة التي كانت بعمق نحو 15 كيلومترا في العام 2000 بعد سنوات من القتال والهجمات التي شنها "حزب الله".

وأضافت المصادر أن خطة إسرائيل لغزة في فترة ما بعد الحرب تتضمن طرد قادة "حماس"، وهو إجراء يشبه الحملة الإسرائيلية في لبنان في الثمانينيات عندما طردت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تشن هجمات من لبنان على إسرائيل.

وعندما طُرحت الفكرة للمرة الأولى في بداية كانون الأول (ديسمبر) الجاري، اعتبر محمد دحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق في غزة والمنتمي لحركة "فتح"، أنّ خطة إسرائيل للمنطقة العازلة "غير واقعية ولن تحمي القوات الإسرائيلية". وأضاف أنّ المنطقة العازلة "قد تجعل القوات الإسرائيلية هدفاً أيضاً في المنطقة".

إبلاغ الدول العربية

وقال مصدران أمنيان مصريان إنّ إسرائيل طرحت خلال محادثات الوساطة مع مصر وقطر فكرة نزع الأسلحة من شمال غزة وإقامة منطقة عازلة في شمال القطاع تحت إشراف دولي.

وذكرت مصادر إقليمية أنّ إسرائيل أبلغت جارتيها مصر والأردن، إلى جانب الإمارات بهذه الفكرة. وأشارت إلى أن هذه الفكرة طُرحت أيضا على السعودية التي لا تربطها علاقات مع إسرائيل. كما قالت إنّ تركيا أُبلغت كذلك بهذه الخطط.

وأفادت المصادر بأن عدة دول عربية تعارض ذلك. وأضافت أن الدول العربية قد لا تعارض إقامة حاجز أمني بين الجانبين لكن هناك خلافاً حول موقعه.

وعبّرت الأردن ومصر ودول عربية أخرى عن مخاوفها من طرد إسرائيل للفلسطينيين من غزة في تكرار لمصادرة الأراضي الفلسطينية عند إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.