الوضوح في العداء!
حسين شبكشي_لعل ما يميز (إذا افترضنا أن هناك ميزة أصلاً) التعامل مع إسرائيل هو عداؤها الصريح والواضح والمباشر، فهي لا تخفي أبداً أنها دولة استيطانية، استعمارية وتوسعية. تصريحاتها السياسية وتصرفاتها العسكرية على الأرض تصب في هذا الاتجاه تماماً.
فإسرائيل دولة بلا حدود رسمية معتمدة وبلا دستور يتبنى حدود الدولة، لأنها تعتمد في رسم حدودها، بحسب أول رئيس للوزراء فيها دافيد بن غوريون، "إن حدود إسرائيل تقع بحسب موقع أبعد جندي إسرائيلي".
إسرائيل لا تنفي غايتها الكبرى في "تحقيق الوعد الرباني لها في التوراة"، وذلك بحسب ما يعتقد ساستها بأن الرب قد منحها الأرض التي تقع ما بين النيل والفرات، وأن الحلم الديني عندها لا يكتمل إلا بإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
وفي نظرتها الأصولية المتشنجة المتطرفة تجعل من نفسها "شعب الله المختار" وكل من يخالفها هم "حيوانات بشرية لا تستحق العيش ويجب القضاء عليها"، بحسب ما صرح به أحد وزرائها أخيراً.
وكل هذه الأمثلة تصب بشكل لا غبار عليه وصريح في اتجاه تثبيت فكرة أن إسرائيل عدو واضح جداً لا يتردد في تبرير أكاذيبه وتصرفاته ورسوخها، ما يجعل مسألة أن يؤخذ موقف حاسم في مواجهته مسألة سهلة للغاية، فيها حسم للفرق بين الأبيض والأسود والحق والباطل.
وبالتالي يكون الموقف من إسرائيل موقفاً عملياً وحقيقياً بعيداً تماماً من الشعارات والخطابات.
ولعل هذا هو الذي يفسر بدايات التحول الكبير والمدهش في الرأي العام العالمي وموقفه الجديد والمناهض تماماً لإسرائيل وسياستها ومذابحها الدموية المرعبة بحق مدنيي غزة العزّل.
فبحسب الكثيرين من المشاركين في التظاهرات المنددة بمجازر إسرائيل، كانت تعليقاتهم تتركز في "أن إسرائيل تتمادى في مخالفتها كل قوانين الحرب وحقوق الإنسان، وهي اعتادت على القيام بذلك بدعم الغرب المطلق لها ومن دون أي رادع، ولقد آن الأوان لوضع حد فوري لذلك".
يزداد عدد أعداء إسرائيل وتزداد رقعة وجودهم حول العالم زيادة مذهلة، ولعل أبلغ وصف لما حدث هو ما أدلى به أحد المعلقين الإسرائيليين، وهو قيادي سابق في الجيش، على القناة الثانية عشرة للتلفزيون الإسرائيلي عندما قال: "إسرائيل حاولت تغيير ديموغرافيا غزة وجغرافيتها، ولكنها في الطريق إلى تحقيق ذلك تمكنت من تغيير ديموغرافيا وجغرافيا معارضيها حول العالم".
يتبادل المتابعون للشأن الإسرائيلي الأخبار الشحيحة جداً التي يتم تسريبها بصورة غير رسمية، عن قتلى الجيش الإسرائيلي وأعداد المصابين، وبحسب ما يتم تسريبه ومن ثم احتسابه، تتجاوز الأرقام الخمسمئة قتيل من جنود الجيش وضباطه، بالإضافة إلى ما يقارب الخمسين تم تصنيفهم كمفقودين. أما عدد الجرحى فتشير تلك التسريبات إلى أنه تجاوز الثلاثة آلاف.
وعليه، فإن الهيبة الإسرائيلية لترسانتها العسكرية وآلة الحرب فيها، والتي بنتها عبر سنوات طويلة من تكوين الصورة الذهنية في مخيلة العالم عبر تكريس دؤوب في منصات الإعلام بكل أشكالها حول العالم، قد تحطمت وتبخرت معاً السمعة والخوف منها.
وهذه خسارة معنوية باهظة التكلفة والثمن، فهيبة الجيش الذي لا يقهر انتهت وسمعة الاستخبارات التي لا تهزم تم القضاء عليها، تضاف إلى ذلك التكاليف والخسائر الاقتصادية الهائلة وانحسار الدعم والتعاطف اللذين كانا دوماً ما تراهن إسرائيل عليه وتنجح. تغير كل شي الآن.
هناك حالة ذعر وارتباك وخوف غير طبيعية في إسرائيل، نتنياهو يستشعر أنه يعيش آخر لحظاته السياسية، وأن عار ما حصل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) سيلاحقه، وفضيحة الإخفاقات الأمنية والعسكرية ستبقى شبحاً يؤرقه، وإخفاقه المهين في نجدة الأسرى بعد انقضاء شهر سيزيد من سخط الشارع الإسرائيلي عليه.
وحالة الذعر هذه تزيد من التخبط وعدم التنسيق بين الأفرع العسكرية والأمنية، بسبب عمق الاختلافات في التركيبة الحكومية المتطرفة التي جعلت من الأيديولوجيا آلة التحكم في سياساتها.
ولكن المفاجآة القادمة لإسرائيل بسبب مذابحها ومجازرها الدموية الأخيرة هي حصول تحول مهم جداً في أعداد متزايدة من الجالية اليهودية الكبيرة والفعالة والمؤثرة في الولايات المتحدة الأميركية التي شاركت أخيراً في عدد غير قليل من الاعتصامات والتظاهرات والندوات التي تطالب بوقف الدعم العسكري لإسرائيل وبوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وهذه الجالية كانت تقليدياً كُلاً غير مجزوء، هي السند والظهر الداعم لإسرائيل في أميركا، وهذا الموقف الجديد من المهم جداً إضافته إلى قائمة خسائر إسرائيل الطويلة.
إسرائيل عدو متعجرف، نرجسي ومغرور، يتصرف بحماقة وغباء أرعن جعلته يزيد عدد مناهضيه ويفقد من كان يوماً أكبر مناصريه.
حسين شبكشي_لعل ما يميز (إذا افترضنا أن هناك ميزة أصلاً) التعامل مع إسرائيل هو عداؤها الصريح والواضح والمباشر، فهي لا تخفي أبداً أنها دولة استيطانية، استعمارية وتوسعية. تصريحاتها السياسية وتصرفاتها العسكرية على الأرض تصب في هذا الاتجاه تماماً.
فإسرائيل دولة بلا حدود رسمية معتمدة وبلا دستور يتبنى حدود الدولة، لأنها تعتمد في رسم حدودها، بحسب أول رئيس للوزراء فيها دافيد بن غوريون، "إن حدود إسرائيل تقع بحسب موقع أبعد جندي إسرائيلي".
إسرائيل لا تنفي غايتها الكبرى في "تحقيق الوعد الرباني لها في التوراة"، وذلك بحسب ما يعتقد ساستها بأن الرب قد منحها الأرض التي تقع ما بين النيل والفرات، وأن الحلم الديني عندها لا يكتمل إلا بإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
وفي نظرتها الأصولية المتشنجة المتطرفة تجعل من نفسها "شعب الله المختار" وكل من يخالفها هم "حيوانات بشرية لا تستحق العيش ويجب القضاء عليها"، بحسب ما صرح به أحد وزرائها أخيراً.
وكل هذه الأمثلة تصب بشكل لا غبار عليه وصريح في اتجاه تثبيت فكرة أن إسرائيل عدو واضح جداً لا يتردد في تبرير أكاذيبه وتصرفاته ورسوخها، ما يجعل مسألة أن يؤخذ موقف حاسم في مواجهته مسألة سهلة للغاية، فيها حسم للفرق بين الأبيض والأسود والحق والباطل.
وبالتالي يكون الموقف من إسرائيل موقفاً عملياً وحقيقياً بعيداً تماماً من الشعارات والخطابات.
ولعل هذا هو الذي يفسر بدايات التحول الكبير والمدهش في الرأي العام العالمي وموقفه الجديد والمناهض تماماً لإسرائيل وسياستها ومذابحها الدموية المرعبة بحق مدنيي غزة العزّل.
فبحسب الكثيرين من المشاركين في التظاهرات المنددة بمجازر إسرائيل، كانت تعليقاتهم تتركز في "أن إسرائيل تتمادى في مخالفتها كل قوانين الحرب وحقوق الإنسان، وهي اعتادت على القيام بذلك بدعم الغرب المطلق لها ومن دون أي رادع، ولقد آن الأوان لوضع حد فوري لذلك".
يزداد عدد أعداء إسرائيل وتزداد رقعة وجودهم حول العالم زيادة مذهلة، ولعل أبلغ وصف لما حدث هو ما أدلى به أحد المعلقين الإسرائيليين، وهو قيادي سابق في الجيش، على القناة الثانية عشرة للتلفزيون الإسرائيلي عندما قال: "إسرائيل حاولت تغيير ديموغرافيا غزة وجغرافيتها، ولكنها في الطريق إلى تحقيق ذلك تمكنت من تغيير ديموغرافيا وجغرافيا معارضيها حول العالم".
يتبادل المتابعون للشأن الإسرائيلي الأخبار الشحيحة جداً التي يتم تسريبها بصورة غير رسمية، عن قتلى الجيش الإسرائيلي وأعداد المصابين، وبحسب ما يتم تسريبه ومن ثم احتسابه، تتجاوز الأرقام الخمسمئة قتيل من جنود الجيش وضباطه، بالإضافة إلى ما يقارب الخمسين تم تصنيفهم كمفقودين. أما عدد الجرحى فتشير تلك التسريبات إلى أنه تجاوز الثلاثة آلاف.
وعليه، فإن الهيبة الإسرائيلية لترسانتها العسكرية وآلة الحرب فيها، والتي بنتها عبر سنوات طويلة من تكوين الصورة الذهنية في مخيلة العالم عبر تكريس دؤوب في منصات الإعلام بكل أشكالها حول العالم، قد تحطمت وتبخرت معاً السمعة والخوف منها.
وهذه خسارة معنوية باهظة التكلفة والثمن، فهيبة الجيش الذي لا يقهر انتهت وسمعة الاستخبارات التي لا تهزم تم القضاء عليها، تضاف إلى ذلك التكاليف والخسائر الاقتصادية الهائلة وانحسار الدعم والتعاطف اللذين كانا دوماً ما تراهن إسرائيل عليه وتنجح. تغير كل شي الآن.
هناك حالة ذعر وارتباك وخوف غير طبيعية في إسرائيل، نتنياهو يستشعر أنه يعيش آخر لحظاته السياسية، وأن عار ما حصل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) سيلاحقه، وفضيحة الإخفاقات الأمنية والعسكرية ستبقى شبحاً يؤرقه، وإخفاقه المهين في نجدة الأسرى بعد انقضاء شهر سيزيد من سخط الشارع الإسرائيلي عليه.
وحالة الذعر هذه تزيد من التخبط وعدم التنسيق بين الأفرع العسكرية والأمنية، بسبب عمق الاختلافات في التركيبة الحكومية المتطرفة التي جعلت من الأيديولوجيا آلة التحكم في سياساتها.
ولكن المفاجآة القادمة لإسرائيل بسبب مذابحها ومجازرها الدموية الأخيرة هي حصول تحول مهم جداً في أعداد متزايدة من الجالية اليهودية الكبيرة والفعالة والمؤثرة في الولايات المتحدة الأميركية التي شاركت أخيراً في عدد غير قليل من الاعتصامات والتظاهرات والندوات التي تطالب بوقف الدعم العسكري لإسرائيل وبوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وهذه الجالية كانت تقليدياً كُلاً غير مجزوء، هي السند والظهر الداعم لإسرائيل في أميركا، وهذا الموقف الجديد من المهم جداً إضافته إلى قائمة خسائر إسرائيل الطويلة.
إسرائيل عدو متعجرف، نرجسي ومغرور، يتصرف بحماقة وغباء أرعن جعلته يزيد عدد مناهضيه ويفقد من كان يوماً أكبر مناصريه.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |