منذ مدة ليست بالقصيرة لم اكتب مقالا في اي من المواقع الالكترونية رغم اني كتبت الكثير على دفتر ملاحظاتي وحين ابدأ بالطباعة اعود وامسح ما كتبت لشعوري بحالة احباط شديدة مما يجري حولي من احداث وظروف تمر بها المنطقة ولكنني اليوم عدت بعد ان الحّت عليّ فكرة المقال كثيرا...

...خلال متابعاتي لما يُنشر خلال وسائل الاعلام يتردد مصطلح شاهد العيان( والذي قد لا يكون شاهد شيئا)..وهذا المصطلح تلجأ اليه وسائل الاعلام في اثبات صدقية ما تبث خاصة منها قناتي الجزيرة والعربية التي اصبحت غالبية نشراتها الاخبارية..قال شهود عيان..أشك في مدى صدقية مشاهداتهم..ولا اخفيكم سرا حين اقول ان هذا الشاهد يستفزني كثيرا بغض النظر عن مدى صدقه او كذبه..والذي يدعوني للشك في مدى صدقية هذا الشاهد هو التحيز الكبير لدى تلك القنوات في اختيار شهود العيان وفقا لسياسات تلك القنوات والتي تريد ان تملآ اخبارها حتى ولو على حساب المهنية وصدقية الخبر...

اقول ان قناة الجزيرة مثلا وخلال متابعتها للاحداث في مصر وتونس تابعنا ما كانت تنقله وكنا نحرص على المتابعة لكن صورة تلك القناة تغيرت في ذهني كثيرا بعد ان شاهدنا تغطيتها لاحداث دوار الداخلية في عمان اذا انكم جميعا تعلمون انها نقلت خبرا مفاده مقتل مواطن لتعاود القول مرة اخرى مقتل اثنين(لم تكتفِ بواحد..على سبيل التهويل)..لم تقل تلك القناة ان ذلك المواطن اصيب بازمة قلبية توفي على اثرها ولم تثبت انه قتل اما الشخص الاخر فمن اين اتت به..

بالتاكيد من شاهد عيان لم يشاهد شيئا وجدها فرصة للتهويل والاساءة لصورة بلدنا واجهزتنا الامنية..منذ تلك الاحداث اصبحت اشك في صحة ما تنقله تلك القناة التي لم تتطرق يوما لمظاهرات جرت في بلدها قطر؟؟!!!فلماذا التركيز على دول دون اخرى؟

لماذا لا تتطرق لاحداث البحرين ومظاهرات السعودية ؟ لماذا لم تستنجد يشهود عيانها؟!! لماذا شهود العيان فقط في سوريا فقط...( معنا الان شاهد العيان ابو حسين..ابو محمد الحمصي)..من ابو حسين ومن ابو محمد هناك الملايين ممن يحملون تلك المسميات( قد تقولون ان ذلك لناحية امنية)...لا اظن ذلك فمثل تلك القنوات تحضر شهودها في الغرف المغلقة او من مناطق ليست لها علاقة بالحدث..

اود ان اسرد لكم هذه القصة التي حدثت معي واظنها تعطي مثالا بسيطا لشاهد العيان رغم اختلافها في الاحداث والمضامين ...قبل سنوات غطيت اعتصاما لموظفين في احدى الدوائر الرسمية يطالبون بتثبيتهم وبعد ان انتهيت وزميلة لي من تغطية الحدث نادى علينا احد المسؤولين في تلك الدائرة فدخلنا لمكتبه المليء بالرجال وبعضهم بالزي الشرطي فقال لي الان سأطلب لك عبر الهاتف موظفا من دائرتنا في منطقة اخرى لتسمعي منه ماذا عملنا وان مطالب هؤلاء المعتصمين غير صحيحة...فقلت له وبالحرف الواحد وما يدريني ان حضرتك ستتصل بشخص اخر في الغرفة المجاورة على انه الشخص الذي تعنيه؟؟؟اتظنني غبية الى هذه الدرجة؟ فامتقع لونه وسكت ولم يدرِ بماذا يجيب فاقترب احد الموجودين من المكتب الذي كنت اجلس عليه فقال لي بالحرف الواحد وهو رجل امن بزي مدني..(..والله انك شاطرة)..اسرد هذه القصة لعلها توضح رغم اختلاف الشخوص والاحداث كيفية تجهيز شهود العيان وشهود الزور ممن هم في اغلبهم بعيدين عن ساحة الحدث..

في احدى الصفحات الموجودة على موقع للتواصل الاجتماعي وكنت مسجلة في تلك الصفحة وغادرتها بعد ذلك كان هناك اشخاص حالهم كحال شهود العيان ينقلون احداثا بصفتهم شهود عليها رغم انهم يعيشون خارج وطنهم لظروف العمل... فبالله عليكم كيف اصبحوا شهود عيان؟ بالله عليكم لا تصدقوا تلك التمثيليات المسماة شهود العيان...
ملاحظة اخيرة اخوتي ان ملاحظاتي على شهود العيان لا تعني انكاري للاحداث التي تجري في المنطقة ولكن اعتراضي هو على مدى صدقية شهود العيان...
 
 ialatiat@yahoo.com

العطيات / زميلة صحفية