المرأة تحمل سيفها في شوارع إيران


جراسا -

تؤكد الدوائر السياسية ومراكز الدراسات الاستراتيجية في باريس، أن إيران تواجه ثورة لا تعترف بها السلطات، ولكن المرأة التي حملت سيفها في شوارع إيران، تشكل وقود هذه الثورة التي بدأت نسائية، ثم تحولت إلى ثورة شعبية.

وإذا كان التاريخ تُحرِّكه أحداث تبدو عابرة ولكنها في الحقيقة تعبّر عن تحولات تاريخية كبيرة، فإن وفاة شابة كردية عمرها 22 عاما ـ مهسا أميني ـ بسبب تعذيب شرطة الأخلاق وبزعم عدم الالتزام بالزي الإسلامي، هذه الحادثة تسجل بدايات تحولات تاريخية كبرى في إيران.

ثورة الشارع الإيراني.. قوة من لا قوة لهم
ويرى مراقبون ومحللون، أنه إذا كانت جميع محاولات الانتفاضة في إيران من 2009 إلى 2019 انتهت بالدموع، والرصاص المطاطي، والسجون المليئة وتشييع الجنائز تحت الرقابة، فإن هذه الاحتجاجات يمكنها أن تتحول إلى ثورة، فهي تعبر عما وصفه الثائر التشيكي، الذي أصبح بعدها رئيسا، «فاكليف هافيل»، بقوة من لا قوة لهم.

فالمتابع للاحتجاجات يلاحظ انضمام ممثلات ومخرجين وصحفيين ورياضيين ونجوم كرة، وأطباء، كلهم عبروا عن مواقفهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

فلم تعد المطالب تقتصر على حق النساء في اختيار طريقة اللباس، والتعبير عنها لا تقتصر أيضا على صور فيديو لامرأة تظهر شعرها، وتقود الدراجة، بحسب تحليل روجر بويز، في صحيفة «التايمز» البريطانية.

المرأة الإيرانية تقدمت الصفوف


وكان لافتاً أمام مئات الملايين في العالم الدور الذي لعبته المرأة الإيرانية في شجاعتها وتقدّمها في أوائل صفوف التظاهرات، ورفعها شعارات الحرية ودخول العصر وحرصها على التقدّم! كانت «جميلة بوحيرد» أجمل أغنية مسلمة، أتعبت الشمس ولم تتعب، كانت جان دارك المسلمة، والمرأة الإيرانية أثبتت انها ليست لاصطياد الذباب، ستُسقط كل دولة ودولة لتُقيم دولة الإنسان، بحسب تعبير الخبير اللبناني، المحامي عبد الحميد الأحدب.

استقرار التحالف بين المعارضين
فقد امتد الغضب ليشمل الشرائح الأكثر ليبرالية في النخبة الحاكمة، إذ دافعت فائزة هاشمي، ابنة هاشمي رفسنجاني، أحد قادة ثورة 1979، عن النساء المحتجات، تجسيدا لصورة المرأة التي تحمل سيفها في شوارع إيران.

وترى الصحيفة البريطانية، أن نجاح أي ثورة يرتكز على استقرار التحالف بين المعارضين، وهذه الثورة صمدت لـ3 أشهر، وهي لا ترتكز عل ضرب امرأة، أو تأثير قتل 300 شخص الاشتباكات ـ وهو ما يجعلها الأحداث الأكثر دموية منذ 2009 ـ وإنما ترتكز تلك الاحتجاجات على تزوير الانتخابات لصالح إبراهيم رئيسي.

المرأة هي التي أطلقت الشعلة وحملت السيف


وما من شك في أن المرأة هي التي أطلقت الشعلة وتصدّرت مشهد الاحتجاجات في الأيام الأولى من دون كلل ولا ملل، وواجهت الشرطة وقوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري»، وكان أول من سقط بمواجهة القمع نساء بينهن العديد من طالبات الجامعات والمدارس الثانوية.

ومع مرور الوقت توسعت حلقة الإيرانيين الذين اجتاحوا شوارع المدن الكبرى، بدءا من طهران نفسها، لتشمل شريحة كبيرة ومتنوعة جدا من المجتمع الإيراني الشاب.

من هنا لا بد من مراقبة ما يحدث على الأرض وخلف هذه الظاهرة التي لا يمكن إلا الاعتراف لها بأنها المرة الأولى التي يهتز فيها استقرار النظام، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني علي حمادة.

فلا حوادث ما سُمّي بـ«الثورة الخضراء» سنة 2009 التي كانت صراعاً على السلطة، ولا الموجات الاحتجاجية عامي 2018-2019 التي كانت مطلبية اقتصادية أثرت في استقرار النظام، وحدها ثورة المرأة الإيرانية هزت النظام جدياً، وإن لم تستطع أن تسقطه لأن النظام سيحاول في لحظة ما أن يغرقها بالدماء، فهي حتماً فتحت الطريق أمام التغيير الكبير الآتي في إيران.

المرأة الإيرانية قررت النزول إلى الشارع لمصلحة التغيير


الثورة الحالية، التي جاءت على متن «موجة مهسا» هي غير سابقاتها، لا نعرف مستقبلها بعد، ولكنه سوف يكون مستقبلاً مختلفاً، قد يحاول النظام بعثرته ولكن الموجة ستكون أطول.

ويرى الدكتور وليد فارس، الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية، أن نساء إيران، وخصوصا الفتيات والمراهقات في الأجيال الصاعدة يتواصلن مع بعضهن البعض، ويشاهدن ما يحصل في العالم الخارجي بواسطة الإنترنت، فالشباب الإيراني مطلع على تقدم المجتمعات المحيطة بإيران والدول الغربية على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والفنية والحياتية، ولا يفهم الشباب وخصوصا الفتيات لماذا وضعهم لا يتأخر فحسب، بل يعود إلى الوراء.

وباتت المرأة الإيرانية تشعر بأن النظام يفتك بالشباب والرجال كلما عارضوه، فقررت النزول إلى الشارع لترجيح كفة الميزان لمصلحة التغيير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات