تركيا تشعل أزمة جديدة بين الفرقاء في ليبيا


جراسا -

أزمة جديدة، تلقي بظلالها على المشهد السياسي في ليبيا، بعد أن وقعت وزارة الخارجية في الحكومة المنتهية ولايتها ونظيرتها التركية، اليوم الإثنين، في طرابلس، اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، عقب مرور 3 سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل، الذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها.

تفاصيل الاتفاقية

تفاصيل الاتفاقية التي وُقعت اليوم الإثنين، كشف عنها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، في العاصمة طرابلس.

وأعلن جاويش أوغلو توقيع “مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية وعلى الأراضي الليبية، من قبل شركات تركية ليبية مشتركة”.

وردا على سؤال حول مخاوف أعربت عنها الدول الأخرى من هذه الاتفاقية، قال أوغلو إن «هذه المذكرات هي مسألة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وهي مكسب للطرفين، وليس للدول الأخرى الحق في التدخل في هذه الأمور».

من جهتها، رحبت نجلاء المنقوش بهذا الاتفاق «المهم» الموقع «في ظل الأزمة الأوكرانية وتداعياتها».





أول رد من حكومة باشاغا

وفي أول رد على الاتفاقية، أعلن رئيس الحكومة الليبية المنتخبة من البرلمان، فتحي باشاغا، اليوم الإثنين، رفضه لاتفاق الشراكة الاستراتيجية الذي وقعته الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة مع تركيا.

وقالت حكومة باشاغا، في بيان اليوم الإثنين، إن أي اتفاق هو حق أصيل لحكومة منتخبة، وليست منتهية الولاية، مؤكدة أنها سترد بشكل مناسب على تجاوزات حكومة الدبيبة.

وجاء في البيان أن «مجلس وزراء الحكومة الليبية يتابع استمرار الحكومة المنتهية الولاية مسحوبة الثقة فاقدة الشرعية توقيع التزامات على الدولة الليبية».

ووفقا للبيان، عبّرت حكومة باشاغا عن رفضها الشديد عن استمرار الحكومة المنتهية الولاية في اغتصاب السلطة، مشيرة إلى حق الدولة الليبية في التفاوض مع جميع دول العالم وتوقيع المذكرات والاتفاقيات بما يخدم مصلحة الشعب الليبي، وأن الاتفاقيات هي حق أصيل لسلطة منتخبة من الشعب الليبي بشكل مباشر وتعبر عن إرادته وسيادة قراره فوق أرضه.

وأكدت حكومة باشاغا أنها ستبدأ في التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين، والإقليميين والدوليين، للرد بالشكل المناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام.





رفض برلماني

وعلى الصعيد البرلماني، قال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله ليحق، إن «رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، يؤكد على أن أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يتم إبرامها من رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية، نظرا لانتهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة قانونا».

وأشار إلى انعدام أي إجراء تتخذه حكومته (حكومة الدبيبة) منذ انتهاء ولايتها في 24 ديسمبر من العام الماضي، مؤكدا أن توقيع أي مذكرة تفاهم أو معاهدة أو اتفاقية من قبل الحكومة منتهية الولاية غير ملزمة للدولة الليبية.





مصر واليونان تعارضان
وفي أول رد على الاتفاقية، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره اليوناني، نيكوس ديندياس، اليوم الإثنين، أن حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي، تناول آخر تطورات العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية، وفي مقدمتها مستجدات الملف الليبي، حيث اتفق الوزيران، على استمرار التشاور بينهما إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك في إطار التنسيق المستمر بين البلدين.

ليست الأولى

الاتفاقية التي وقعتها حكومة الدبيبة مع تركيا، اليوم الإثنين، ليست الأولى، إذ سبقته في ذلك حكومة الوفاق الوطني السابقة، ومقرها طرابلس، حين أبرمت مع أنقرة اتفاقية تعاون عسكري وأمني، واتفاق ترسيم بحري مثير للجدل في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2019.

ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة بتأكيد حقوقها في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي أثار استياء اليونان والاتحاد الأوروبي.

وفي المقابل، ساعدت تركيا عسكريًا حكومة طرابلس السابقة في صد هجوم منتصف عام 2020 على العاصمة شنه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وفي نهاية 2020، وافق البرلمان التركي على اقتراح بتمديد الإذن بنشر الجيش في ليبيا لمدة 18 شهرًا، حيث تواصل أنقرة ممارسة نفوذ كبير في جميع أنحاء الجزء الغربي.





“المنفي” يستقبل وفدا حكوميا تركيا

وفي خضم ما يجري من أحداث تتمثل في رفض حكومة باشاغا والبرلمان الليبي للاتفاقية الموقعة بين حكومة الدبيبة والجانب التركي، استقبل رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ظهر اليوم الإثنين في طرابلس، وفدا حكوميا من تركيا، برئاسة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، بحضور وزير الدفاع خلوصي آكار، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، ووزير التجارة محمد موش، والوفد المرافق لهم.

في مستهل اللقاء، نقل أوغلو تحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للمنفي والشعب الليبي، مؤكدا عمق العلاقة التاريخية التي تجمع البلدين.

وبحث اللقاء، دفع العملية السياسية في ليبيا من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية، والتأكيد على وحدة التراب الليبي، لتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.

ما مصير الاتفاقية؟

وبينما يبدو المشهد متشابكا، يبرز السؤال الأهم عن مصير الاتفاقية التي وقعتها حكومة الدبيبة اليوم مع تركيا.

في الواقع، لم يتجاوز الأمر حتى الآن التصريحات التي ندد من خلالها البرلمان الليبي وحكومة باشاغا بالاتفاقية «المرفوضة».

فرئيس البرلمان بادر بالطعن فيما تبرمه حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مؤكدا أنها مرفوضة وغير قانونية، فضلا عن أنها غير ملزمة للدولة الليبية.

أما باشاغا، فإلى جانب رفضه ما وصفه باستمرار حكومة الدبيبة في «اغتصاب السلطة»، أكد أنه سيرد بشكل مناسب على هذه «التجاوزات»، منوها بحق حكومته في اللجوء للقضاء لوقف الاتفاقية.

وتعليقا على ذلك، أفاد مراسلنا من بنغازي بأنه تواصل مع نشطاء ليبيين، أكدوا أن هناك ترتيبا لمطالبة مجلس النواب برفع مذكرة لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية احتجاجا على هذه الخطوة من الجانب التركي.

حكومتان في ليبيا

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا منذ مارس/ آذار، الأولى هي حكومة طرابلس التي تأسست عام 2021 كجزء من عملية سلام برعاية الأمم المتحدة، والثانية يقودها منذ مارس/ آذار وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وبدعم من مجلس النواب الليبي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات