" إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا"

هذه الصفة الفرعونية في القرآن الكريم علا علوا كبيرا ، تكاد تنسجم في دلالاتها على الواقع المعاش في الدول العربية ،وهذا النموذج الفرعوني في النظام العربي غيّر الكثير من المفاهيم بل وشكل ثقافة ليست بخافية على أحد، إنها ثقافة العبد والسيد حتى أنك ترى أنها أصبحت متلازمةعند الكثير من الناس فلا يستطيعون استيعاب غير تلك الثقافة بل أضحوا هم المنافحين عنها وأصبحت هي لبوسهم اينما حلوا أو ارتحلوا. لقد مزق هذا النموذج الشعوب العربية وفرق الأهل وصنف المجتمع الواحد أصناف متعددة؛ فعلى جانب شيعته وأنصاره وبرامكته ؛ طبقة الفساد السياسي الحاكمة والمتنفذة وبالمناسبة هذه الطبقة كل من فيها يكيد للآخر ، لكنهم يتوحدون عند سماع أول كلمة عن الإصلاح ويوهمون الحاكم بأنه مبعوث العناية الإلهية وان العدل والإصلاح هو ما تسير عليه الدولة في عهده الميمون، فيغرقونه بأوهامهم حتى يأخذه الزلزال الشعبي هو وأزلامه الى حيث القت رحلها أم قشعم. هؤلاء شيعة فرعون وأنصاره وملأه هؤلاء الذين ندعوا ويدعو كل الأئمة من على المنابر أن يكونوا بطانة صالحة لكن هيهات هيهات فهم البطانة الطالحة وهم الأخبث و الأسوأ للأوطان.

أما على الجانب الآخر فالمستضعفين من ابناء الشعب وهؤلاء يشكلون الأكثرية وهم من ينطبق عليهم قول ابا القاسم الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

وبين هاتين الطبقتين يكمن طبقة المتزلفين المنافقين هؤلاء الذين يميلون حيث تميل الريح هؤلاء منهم من صُّنع في النظام العربي ويبقون في جانب الطبقة الاولى ما داموا في المنصب وينقلبون فجأة الى صف المستضعفين الى حين و(حتى يُستَدرَكوا مرة أخرى إلى منصب تافه أونيابة زائلة كما يقول شيخنا سعادة النائب الرحيمي)

ومنهم من هو مبرمج ويحرك بالريموت كونترول مقابل الدولار أو مقابل مغنم ينتظرون الحصول عليه فيلبسون على الناس موقف أريد تمريره أو يلبسون عليهم دينهم بكلمات حق أريد بها باطل.

وعودا على النموذج لنقول ما يعرفه الكثير بأن الحكم المطلق مفسدة مطلقة ، وهذا ما يطبقه النظام العربي على شعوبه فيستبيح كل شيء في الأوطان فهو الحاكم بأمر الله وهذه مزرعته الخاصة فيدني بها من يشاء ويقصي من يشاء وينهب ما يحلو له ويعطي ما ليس من حقه ، يسخر كل الموارد والمقدرات لتجارته ويلهي الناس بهمهم اليومي،وإلا بماذا تفسرون المليارات والخزائن خلف الابواب التي فضحتهم وعرّتهم.

إن الثورات على هذه النماذج ستستمر إلى حين تحقيق كل وكل المطالب غير منقوصة فلم تعد كل المعتقدات والأوهام التي تبررها الأنظمة صالحة ،وأخيرا أود القول بأن الإصلاح يجب أن يكون سريعا ويلبي كل متطلبات العصر وإلا فإن الطوفان قادم لا محالة وسيزيل كل الطبقات السياسية الإنتهازية التي عادة ما تتماهى مع الأنظمة التي استمرأت امتصاص ثروات الشعوب والركوب على أكتافها . اللهم احمي هذا الوطن من كل الإنتهازيين وتجار السياسة لتبقى رايته عالية خفاقة.

haniomosh@yahoo.com