الأحكام الدستورية للدورة الاستثنائية


صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بدعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورة استثنائية اعتبارا من العشرين من الشهر الجاري، وذلك لمناقشة مجموعة من مشاريع القوانين التي وردت على سبيل الحصر في تلك الإرادة التي دُعي المجلس بمقتضاها.

وتعتبر الدورة الاستثنائية من الدورات البرلمانية التي نظمها المشرع الدستوري إلى جانب الدورتين العادية وغير العادية، والتي يعقدها مجلس الأمة في الفترة بين انتهاء دورة غير عادية أو عادية وبداية دورة عادية جديدة. ويتم الدعوة لدورة استثنائية إما بقرار من جلالة الملك باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية وكمظهر من مظاهر التعاون مع السلطة التشريعية، أو بناء على طلب موقع من الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب بعريضة موقعة منهم تتضمن الأمور المراد بحثها في الدورة الاستثنائية، وذلك عملا بأحكام المادة (82) من الدستور.

وبصرف النظر عن الآلية التي يتم فيها الدعوة لدورة استثنائية، فإن صلاحيات مجلس الأمة خلال هذه الدورة تكون مقصورة على الموضوعات الواردة في الإرادة الملكية التي انعقدت تلك الدورة بمقتضاها، إذ لا يجوز لمجلس الأمة أن يبحث في أية دورة استثنائية أمورا لم ترد صراحة في الإرادة الملكية.

وقد ضيّق المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (4) لسنة 1995 من نطاق العمل في الدورة الاستثنائية بأن حظر على مجلس النواب طرح الثقة بأي وزير أو توجيه الاستجواب إليه إذا لم تتضمن الإرادة الملكية بالدعوة لدورة استثنائية هذه الموضوعات والمسائل. فاختصاص مجلس الأمة في الدورة الاستثنائية ينحصر في الأمور التي دُعي من أجلها في الإرادة الملكية، ولا يستطيع تجاوزها إلى غيرها.

ومن النتائج المترتبة على هذا القرار التفسيري أن الرقابة السياسية التي تثبت لمجلس النواب على الحكومة تتعطل أثناء الدورة الاستثنائية، وأن حق المجلس المنتخب في إحالة الوزراء العاملين والسابقين إلى النيابة العامة لمحاكمتهم عن الجرائم المتعلقة بوظيفتهم الحكومية لا يمارس خلال الدورة الاستثنائية. وهذا الحكم يتعارض مع الركن الأبرز من أركان الديمقراطية النيابية، المتمثل بمسؤولية الوزراء أمام مجلس النواب.

ولا يرد القول بأن القرار التفسيري السابق قد أجاز لأعضاء مجلس النواب تقديم عريضة جديدة لجلالة الملك لإضافة بند طرح الثقة إلى الدورة الاستثنائية، ذلك أن الأغلبية المطلوبة لإعداد هذه العريضة والتي حددتها المادة (82/2) من الدستور بالأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس تعتبر مرتفعة إذا ما قورنت مع الأكثرية المطلوبة لطرح الثقة بالوزارة أو أحد الوزراء الواردة في المادة (54) من الدستور، والمتمثلة بتصويت الأكثرية المطلقة من أعضاء مجلس النواب على عدم الثقة، وهو الأمر الذي لا يتوافق مع المنطق الدستوري.

ويبقى التساؤل الأبرز حول التشريعات التي يمكن أن يتم إدراجها على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، حيث تتضمن الإرادة الملكية بالعادة مشاريع قوانين جديدة أو معدلة أقرها مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مشاريع قوانين أخرى هي بحوزة مجلس النواب ولجانه النيابية. فلا يوجد أي مانع دستوري من أن يُدرج في الإرادة الملكية السامية مشاريع قوانين كان المجلس النيابي قد بدأ بمناقشتها وإقرارها، ذلك أن تضمينها في الإرادة الملكية من شأنه أن يُمكِّن المجلس من استكمال مناقشتها والموافقة عليها، على اعتبار أن صلاحيته التشريعية في الدورة الاستثنائية محدودة.

وقد تضمنت التعديلات الدستورية لعام 2022 حكما إضافيا يتعلق بحالة جديدة يُدعى فيها مجلس الأمة لدورة الاستثنائية وذلك في المادة (69/4) من الدستور، التي تنص على أنه إذا شغر منصب رئيس مجلس النواب في فترة عدم الانعقاد، فيتم دعوة المجلس إلى الاجتماع بدورة استثنائية لانتخاب رئيس جديد لاستكمال المدة المتبقية لرئاسة المجلس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات