قراءة إسرائيليّة للانتخابات اللبنانيّة


جراسا -

استنتج المحلل السياسي الإسرائيلي تسفي برئيل، في قراءته للانتخابات التشريعية اللبنانية المقررة في 15 أيار (مايو)، أن خلاص لبنان لا يزال بعيداً، وفق مقالته في صحيفة "هآرتس".

"لمن ستصوّت في الانتخابات؟"، سُئل مواطن ظهر في مقطع تحول مادة للسخرية في لبنان، فأجاب المواطن: "لمن يحقق التغيير ويضمن خروجنا من الأزمة". وبعدما قيل له إن هذا ما يتعهد به الجميع قال: "إذاً لمن يدفع لي أكثر".

وباتت الانتخابات اللبنانية موضع سخرية، وانتشرت مقاطع فيديو يظهر فيها المرشحون وهم يعطون مغلفات لـ"ناشطين" ومخاتير يمكنهم حشد المقترعين.

وقالت امرأة إن إحدى الجهات عرضت عليها هاتفاً محمولاً ومساعدة مالية لعائلتها مقابل التصويت لمصلحتها.

وفي أحياء في بيروت، يجول ممثلو الأحزاب مع لائحة بأسماء الذين سيقدمون لهم المساعدة. وتتلقى القنوات المحلية مبالغ طائلة مقابل استضافة المرشحين، رغم أن هذه المقابلات هي جزء من عملها الصحافي. ولم تفرض أي قيود على نفقات الحملات الانتخابية.

وأظهرت تقارير وسائل الإعلام أن هذه الانتخابات لن تحل مشكلات لبنان، لكنها ستساعد في حصول الدولة على مساعدات، لمشاركتها في عملية ديموقراطية.

وينتظر لبنان موعد الانتخابات منذ أشهر طويلة، لا سيما أنها أجّلت من آذار (مارس) إلى 15 أيار (مايو) بناء على طلب من الرئيس ميشال عون، الذي يتوقع أن ينهي ولايته في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

ووفقاً لحسابات عون، كلما تأجل موعد الانتخابات، ستجد الأحزاب صعوبة في التوصل اتفاق في ما بينها، وسيواجه البرلمان خلافات واسعة تحول دون انتخاب رئيس جديد، ما يؤدي إلى تمديد ولايته.

وقد يتحقق جزء من توقعات عون، في ظل وجود 718 مرشحاً، منهم 284 مرشحاً مستقلاً أو عضواً في حركات معارضة.

وأثبت قانون الانتخابات المعقد الذي وضع عام 2017، ونفذ للمرة الأولى في الانتخابات التي أجريت عام 2018، أن النيات الحسنة التي ولدته لم تحدث التغيير السياسي المطلوب لإنقاذ لبنان.

وعام 2019، بعد الاندلاع غير المسبوق لحركة الاحتجاج ضد الحكومة، على خلفية الوضع الاقتصادي والبطالة والفساد، استقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ومرت أشهر طويلة قبل تكليف رئيس جديد.

وبعد سنة على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020، عُيّن نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة في أيلول (سبتمبر) 2021، وسيتولى رئاسة الحكومة الانتقالية إلى حين انتهاء الانتخابات والاتفاق على تكليف رئيس جديد.


وقبل نهاية الانتخابات، يأمل لبنان حصوله على كهرباء تغذي مراكز التصويت وفرز الأصوات وتشغل الحواسيب والهواتف.

والشهر الماضي، حذر وزير الداخلية بسام مولوي من أن انقطاع التيار الكهربائي قد يمسّ بسلامة الانتخابات، لكنه وعد بأن وزارته ستفعل كل ما في وسعها لتضع تحت تصرف لجنة الانتخابات عدداً كافياً من المولدات. والواقع أن أي خلل في الكهرباء، لا سيما في لحظة حاسمة مثل إغلاق صناديق الاقتراع أو فرز الأصوات، قد يؤدي إلى إلغاء الانتخابات في عدد من الصناديق، وتهدد بإتلاف أصوات أو تزويرها.

وإن مرت العملية على ما يرام، فلا بد من مناقشة مزاعم دفع الرشوة وسوء الفرز وتهديد الناخبين. والأهم معرفة من فاز حقاً في كل الدوائر.

ولا يعتمد توزيع المقاعد على شعبية المرشحين فحسب، بل أيضاً على انتمائهم الطائفي.

وإلى جانب عدد المقاعد في الدوائر، يتم تحديد العدد المخصص لكل طائفة. وبموجب الدستور اللبناني، يتقاسم المسيحيون والمسلمون المقاعد الـ128 بالتوازي.

ويلزم هذا التقسيم كل طائفة بإنشاء ائتلاف مع منتخبين من طائفة أخرى لتشكيل حكومة، في محاولة لتفكيك القاعدة الطائفية التي بُنيت عليها سياسة لبنان. لكن هذه القيود السياسية لم تزعج النخبة السياسية والاقتصادية في إنشاء ائتلافات طائفية مدمّرة وفاسدة.

وحتى بعد الانتخابات، ورغم تعديلات على قانون الانتخابات، لن تتغير المعادلة، وستواصل الأحزاب والنخب القديمة إدارة الدولة. لكن في هذه المرة قد تحدث الطائفة السنية أزمة تنزع عن الانتخابات شرعيتها.

في آذار (مارس)، أكد الحريري عزوفه عن الترشح للانتخابات، داعياً مؤيديه وأعضاء حركته إلى المقاطعة، ما هزّ المنظومة السياسية.

والأهم أن عون لن يجد صعوبة في تعيين ممثل سني رئيساً للحكومة، يكون حتماً مقبولاً لدى "حزب الله"، ولن يضع أمامه تحديات كما حاول الحريري أن يفعل لكن بلا جدوى.

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، حاول شريك الحريري رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، تشجيع السنّة على المشاركة في الانتخابات. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن 30 في المئة فقط من السنّة ينوون التصويت.

التّحديات أمام البرلمان الجديد

يكمن التحدي الأول أمام البرلمان في انتخاب رئيس جديد أو الاتفاق على تمديد ولاية عون. لكن التجربة اللبنانية تثبت أن اللعبة السياسية قد تستمر لأشهر طويلة.

في المقابل، تجبر الأزمة الاقتصادية التي تغرق فيها الدولة منذ أربع سنوات على المضي قدماً بسرعة، لإقناع المجتمع الدولي بفتح صنبور المساعدات وإنقاذها من الإفلاس.

وأعربت الدول المانحة عن استعدادها لتقديم مبلغ 12 مليار دولار وعدت بتحويله إلى لبنان قبل حوالي أربع سنوات، فضلاً عن مساعدة صندوق النقد الدولي من خلال قرض بـ3 مليارات دولار. لكن هذه المساعدات جميعها تعتمد على تشكيل حكومة متفق عليها ومستقرة، قادرة على المباشرة في تطبيق إصلاحات اقتصادية وقانونية عميقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات