"فرق الموت" الإسرائيليّة .. شيرين أبو عاقلة ليست أولى الضحايا


جراسا -

لحظةَ استُشهدت شيرين أبو عاقلة "كان جنود وحدة النخبة دوفديفان يطلقون عشرات الرصاصات خلال عمليات دهم في جنين". صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أوردت المعلومة. لا يؤكد هذا أو ينفي تورط "النخبة" بإطلاق الرصاصة القاتلة، وفق الصحيفة، لكنها قادتنا للسؤال عن هذه الوحدة، مهماتها والمعلوم عنها في تقارير صحافية أو وثائق ودراسات.

..."دوفديفان"، "شمشون"، "يمام"، "فرق الموت"، أسماء متعددة، بمهمات مختلفة وأهداف محددة. هي وحدات أمنية سرّية وخاصة، تُعرف بـ"المستعربين"، تُسمى بالعبرية "المستعرفيم"، تابعة لشرطة الاحتلال الإسرائيلي.

بملامح عربية، ولباس عربي وكوفيّة، "يُزرع" أعضاؤها في غير مناسبة، وغير مكان. يتحدثون اللهجة الفلسطينية، يحترفون عادات الفلسطينيين، وحين يأتي وقت المهمة، ينقلبون ضد الفلسطينيين عنفاً واعتقالاً لمصلحة القوات الإسرائيلية.

يخضع "المستعربون" لتدريبات وتكوين في معهد خاص، عبارة عن قرية صناعية شبيهة بقرية فلسطينية يتعلمون فيها تفاصيل الحياة الفلسطينية، دراسة تاريخ العرب والفلسطينيين، لغتهم وعاداتهم.

أولها
أول وحدة مستعربة أسستها منظمة "البلماخ"، وحملت اسم "الدائرة العربية". عملت في التجسس وتنفيذ العمليات التخريبية داخل فلسطين التاريخية والدول المجاورة. استمر عمل الوحدة هذه بين عامي 1943 و1950. بحسب المعلومات المتوافرة، تولى إقامة الوحدة هذه رئيس الدائرة السورية في منظمة "البلماخ" يروحام كوهن، وشكلها من يهود منحدرين من طوائف يهودية شرقية.

انتحلت عناصر وحدات المستعربين أسماء شخصيات مزيفة، وصفات مزارعين وباحثين أنثروبولوجيين وطلاب، وعمل أعضاؤها ضمن عصابات صهيونية من قبيل "الهاغاناه" و"ايتسل" و"ليحي".

كتاب يوثّق
"المستعربون فرق الموت الإسرائيلية"، اسم كتاب يوقعه غسان دوعر، يذكر فيه بعض عمليات وحدة المستعربين، موثقاً اغتيالها 422 فلسطينياً خلال الفترة الممتدة بين عامي 1988 و2004.

إلى الكتاب هذا، تظهر بعض الدراسات معلومات على صلة بوحدات المستعربين، لكنها لا تعطي تفاصيل عن تأسيسها أو تنظيمها، عملياتها وضحاياها.

مهام معروفة
عُرف عن وحدات المستعربين قيامها بمهمة نسف تظاهرات الفلسطينيين وتفريقها، أو تحريض الشباب على أفعال توفّر مبرراً لمطاردتهم واعتقالهم وسجنهم. كأن يحرضوهم على رشق جنود الاحتلال وسياراته بالحجارة، أو دفعهم، بل ومبادرتهم هم أنفسهم أحياناً، للقيام بتوتير الأجواء، ما يتيح لقوات الاحتلال الإسرائيلي مهاجمة التظاهرات وتعنيفها وقمعها بأساليب دموية.

حصل ذلك، بإقرار من الجيش الإسرائيلي في تشرين الأول (أكتوبر) 2005، حين زُرع المستعربون بين المتظاهرين الفلسطينيين ضد جدار الفصل العنصري غرب مدينة رام الله. وقتذاك، تمكن فلسطينيون من فضح مستعربين وكشفهم. تبين أن المفضوحين يحملون مسدسات، وليس معهم بطاقات هوية فلسطينية، فهاجم جنود الاحتلال المتظاهرين لسحب المستعربين وحمايتهم.

وتسند لوحدات المستعربين مهام أخرى، بالإضافة إلى جمع معلومات، كتصفية شخصيات مقاومة، حيث اغتالت العشرات من قيادات ونشطاء في الفصائل الفلسطينية في حركة "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" و"فتح"، وفصائل مقاومة أخرى.

يتقمص المستعربون أدواراً عدة. بين أهدافهم، اعتقال مطلوبين لسلطات الاحتلال. لتحقيق هدفهم، يتقمص "المستعربون" - وفق صحيفة "معاريف" الإسرائيلية - دور صحافيين يحملون كاميرا، أو مسعفين أو أطباء. يُسهل هذا عليهم اختراق التظاهرات والاحتجاجات وتنفيذ مهمتهم الأمنية ولو اقتضى الأمر حتى ارتداء ثياب النساء.

وفي السّجون "متسادا" وعصافير
"متسادا"، هو اسم وحدة المستعربين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي. تشرف عليها مصلحة السجون، وتتركز مهمتها في السيطرة على رهائن محتجزين في سجون تضم أسرى فلسطينيين وقمع أي احتجاجات يمكنهم القيام بها.

ليست هذه المهمة وحسب، فبين المهام أيضاً، الدخول بصورة مسجونين يسمون "العصافير" بين الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. ينسجون علاقات معهم للحصول على معلومات مهمة منهم، ما يدينهم ويبرر سجنهم وسلب حريتهم.

صدمة نفسيّة
ويعيش "المستعربون" حالة خوف دائمة، سواء قبل تنفيذ مهامهم المطلوبة، خلالها أو بعدها. هذا ما لاحظه باحث إسرائيلي في الشؤون العسكريّة يدعى طال زاغرابا. قابل الباحث عناصر من الوحدات هذه. الصدمة النفسية، جعلت كثيراً منهم يرفعون دعاوى قضائية ضد الجيش الإسرائيلي للحصول على تعويض. "هآرتس" الإسرائيلية أشارت إلى ذلك في تقرير لها.

يقتلون... ويتعهّدون
حوّل قادة وحدات المستعربين عناصرَهم إلى مجرمين يقتلون الفلسطينيين بدم بارد. "لا يذكرون عدد قتلاهم"، وفق ما كشفت اعترافاتهم. هي معاناة قال من هم داخل وحدة "متسادا" الموصوفة بالـ"انتحارية". المستعربون داخل الوحدة هذه "عانوا" من انقطاع علاقتهم الإنسانية والاجتماعية بأقرب أقربائهم كوالديهم، حتى لا ينكشف أمرهم كمندسين ومزروعين وسط الفلسطينيين والعرب. في الإطار، معلوم فرض الجيش الإسرائيلي على والدي المستعرب داخل وحدة "متسادا" - يقول الاحتلال إنه أوقف التجنيد داخلها في سبعينات القرن الماضي - التوقيع على تعهد مفاده أنه ليس من حقهما حتى مجرد السؤال عن ولدهما، وهو بدوره وقّع تعهداً بوهبه حياته لـ"دولة إسرائيل"، وفق العديد من المقالات في الصحافة الإسرائيلية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات