حقب مرت، وحكومات شكلت ،آن تشكيلها على اسس واضحة ..


ابتليت الشعوب في المنطقة العربية والإسلامية (بحقب)متتالية متفاوتة السنوات ليس بمعناها الاصطلاحي إنما بثقل وطأتها وعظم فعلها وشدة قهرها على الناس ..
ابتداءا من حقبة الثورة الى حقبة الكفاءة والبكاء على الكفاءآت او قل ظلم الكفاءآت ، كل حقبة لها شعارها بكلمة ترفع وظلم يقع من اجل الهالة والهيبة والغطاء وممارسة الظلم كعباءة تتخبئ تحتها المآسي، وتشكل لطمة للرؤوس وماحوت وسفها للنفوس وما نوت،وخرسا للألسن ان حاولت الانطلاق ،تبرر من خلالها الموبقات ،وتمرر من تحتها المحاسيب والخصوصيات ،وقطع الرؤوس وقتل الشخصيات ،وصناعة النفاق وأشياء أخرى يستحي القلم ان يكتبها ،لا تمت بصلة او ارتباط لذلك الشعار وتلك الكلمة المرفوعة في الحقبة الموصوفة، يقف المواطن فيها فاغرا فاه مصدقا عنوة كل ما يسمع، ومستغربا (في الخفاء وبين نفسه لشدة الخوف والقهر) من تناقض ما يسمع، وقد قلت حيلته، وقصرت يده، واخرس لسانه، وأغلقت شفتاه ، بكلمة كبيرة ترمى عليه، إنها (الثورة او الكفاءة) مثلاً، لها قدرها وسمو مكانها وعظمة وقعها، تخرس كل شيء فيه، يمرر تحتها ما يريده ويخطط له الثوار والساسة وأصحاب الغايات والمشاريع المستقبلية الذين يمتطون الشعوب لتحقيق مصالحهم ولم يكتفوا بل تعدوا الى ما هو أبشع ظلما وقهرا وعجرفة وانحرافا …ليكشف المواطن في نهاية الحقبة بعد ان خسر كل شيء او ربما لا يكشف انه كان أخر من يعرف حقيقة ذلك كله…؟!
فكانت الثورة بقيادتها ومجالسها وبياناتها ودمائها افتتاحية عهد هذه الحقب ،فاعدم من اعدم ،وسحل من سحل ،وفقد من فقد،وجاء من جاء ، وذهب من ذهب …، وقيل لنا في حينه ان الحيطان لها آذان ،وكاد الجن ان يتلبسنا و نحن صغاراً من كثرة ما سمعنا ترداداً لهذه العبارة،وكل ذلك تحت الثورة وشعارها..!؟
ثم جاء عهد الوحدة بأشكالها وقداستها وخفاياها واعوادها التي شنقت بها الرقاب ليعود أصحابها اعداءا يكفرون بعضهم بل ويقاتلون بعضهم بعضاً…انفصمت خلالها شخصيتنا وكدنا نصل حال الجنون لعدم فهم ما يحدث …قطعت الرؤوس من اجل الوحدة ،وقطعت مرة أخرى من اجل الانفصال فأي منهما كان شهيد؟!
واذ نحن في حقبة الاشتراكية وما أدراك ما الاشتراكية ونظرياتها التي تعددت وتنوعت وتلونت في خيم العربان والزاحفين نحو الخبز والعذاب ،فكانت القصور لأهلها ،وكان الخبز والغموس للعامة الذين يصفقون لكل شيء وقد غلب على أمرهم…ثم سافرت وبقي تواليها..!؟
لتأتي حقبة الرجل المناسب في المكان المناسب ،او هكذا قيل لنا،فصدّقنا وتبين من قراءة المذكرات وحديث المجالس ان شيئاً من ذلك لم يكن موجوداً ،بل كانت المحاسيب على أشدها والرفاق ينتظرون دورهم وشركاء النهار وجلساء الليل لهم حصتهم ،بل هؤلاء جميعا بأوصافهم وجيوبهم وصنعتهم الضبابية هم المناسبون (ولا حول ولا قوة إلا بالله) ،واذ بها امتداد للشمولية والدكتاتورية التي خسرنا خلالها الأرض والعرض وشرف الرجال وربحنا فيها الشقاق والوهن والظلم والقهر والإرهاب للحد الذي جعل الغرب يفتش لنا عن ديمقراطيات …ان لم نعجل في تطبيقها سوف يعرف كيف يفرضها علينا …
وحتى لا نطيل الحديث بما لا يتسع له المقال نسرع الركب ،وها نحن في حقبة (الكفاءة والبكاء على الكفاءات) ذلك الشعار وتلك العباءة التي تستخدم في ظلم الكفاءآت (التي هرب معضمها الى الخارج) وتشكيل الحكومات وتمرير المشاريع وتوزير الشركاء والأصدقاء والمعارف ورفقاء الدرب،وتعيين المحاسيب وأصحاب النفوذ وأبنائهم وأحفادهم ،وأبناء الذوات وانسباهم ،وتأهيل البرجوازيين والبزنس وأبنائهم وأحفادهم وان كانوا غرباء عن الوطن والأمة…
وحتى ما بقي من مواقع المسؤولية مهما صغرت فهي للبطانة الخارجية والداخلية والسائقين والخدم والحشم ومن لف لفهم من …. ،ولنقل اختصاراً ندماء الليل وشركاء النهار وما بينهما الذين يتقنون النفاق وصنعة التزلف والعلاقات العامة ،والوصول الى الأكتاف والأيدي والهامات التي لا يتقنها اصحاب الكفاءات الحقيقية الذين يترفعون تقديراً لعلمهم ،واحتراماً لخبرتهم، وحفظا لكرامتهم ،وتواضعا لما اختزنته عقولهم ان يتعلموا صنعة النفاق وملحقاتها التي توصلهم الى اصحاب النفوذ ،فقد تركوها ترفعاً وكبرياًء لكفاءتهم وعلمهم وتواضعوا للناس أجمعين ،ليحمل صنعة النفاق والتزلف وتوابعها أشباه الكفاءات او عدًامها (الذين لا يملكون ذرة من هذه الكفاءة) ،والذين يتقنون التحذلق في تلميع شعار الكفاءة لتشملهم بعباءتها،يتسلقون في حقبها ،ويقفزون على غيرهم بينما يمارس الظلم والحصار والنزق والقهر على الآخرين من غيرهم…
ان الكفاءة عمل وليست كلاماً ،ممارسة وليست شعارا ،حتمية وليست خياراً للحديث والمفاضلة مع غيرها ،إنها تحصيل حاصل،وليست اجتهادا وتشدق، فالكفاءة في ابسط معانيها، التخصص في العلم والخبرة في العمل ،والرؤى في الأفق ، والحنكة في السلوك ،والتحفيز الذي يحرك ويحمس ويجعل الكفوء يندفع نحو العمل والإبداع والابتكار والريادة في خدمة الوطن ورفعته دون لعلعة وتبجح ونجومية ،بل تواضع وسكينة ،تجعل الآخرين يقدمون الاحترام لهم لا يثيرون حولهم الزوابع والحنق والاحتقان والتخبط والهوجائية فيلفظهم الشعب وينزعج منهم الناس ويصبح التذمر عنوان المرحلة وسياقه ….
ان تشكيل الحكومات اختيار سياسي من مجتمع الأكفاء القادرين على العمل والإبداع ،بعيدا عن الصداقات والشركاء وتوابعها ،بل في شفافية وعدالة في كل شيء (مطلقة)وبوضوح وأسس متعارف عليها معلومة للجميع ،وليست اجتهادا تتبدل ،ثم تبرر ،ثم تصلح في حلقة دوارة تختلط فيها المفاهيم ويكثر فيها الهرج والقيل …
والأمل كبير ان تقصر حقبة الكفاءة (الشعار والعباءة) وظلم الكفاءآت في عالمنا العربي وبعض الإسلامي بسرعة توصلنا الى حقبة الديمقراطية الحقيقية التي هي ليست امتداد للحقب السابقة يكون فيها للكلمة معناها والشعار مغزاه،وتشكل من خلالها الحكومات على أسس ديمقراطية واضحة ومدركة ومعروفة للجميع…

drmjumian@yahoo.com



تعليقات القراء

ابن مادبا
اللهم احفظ قلمك السيال من كل مكروه واجعله لسان حق دائما للاصلاح والتغيير
22-01-2011 10:06 AM
jordan
والأمل كبير ان تقصر حقبة الكفاءة (الشعار والعباءة) وظلم الكفاءآت في عالمنا العربي وبعض الإسلامي بسرعة توصلنا الى حقبة الديمقراطية الحقيقية التي هي ليست امتداد للحقب السابقة يكون فيها للكلمة معناها والشعار مغزاه،وتشكل من خلالها الحكومات على أسس ديمقراطية واضحة ومدركة ومعروفة للجميع…
22-01-2011 11:47 AM
منورالبخيت - ابو علي
كلام جميل قوي ومعبر وحقيقي ينم عن نفس موسيقار وفكر راقي وواقعية في الطرح وامنيات نتفق عليها جميعا ولا مجال للزيادة عليها . سلمت استاذنا الكريم وسلم قلمك ولك مني كل الاحترام والتقدير . منور البخيت - ابو علي
22-01-2011 11:59 AM
عجيل
لا أضيف على ما تفضل به السيد منورالبخيت - ابو علي , ولكني أقول أنت إستثنائي !
22-01-2011 12:39 PM
الكاتب
اشكرك استاذنا ابو علي / منور البخيت واشكر فيك عمق احساسك بالاخرين الذي ينم عن عظم تواضعك وسمو شخصك وسعة ادراكك لك مني اعظم التحيات والتقديرات ودم سالما نحو العلى . بوركت.
كما واشكر تعليق 4 عجيل دمت وبوركت وسدد الله خطاك
والى ابن مادبا كل المحبة والتقدير شاكرا دعواتك بوركت ودمت
22-01-2011 04:11 PM
خريوش دبوس
الاخ الكاتب الرائع \ لقد شاركنا بتعليقاتنا على مقالك السابق (لأن مواضيعك واقعية وتبين الوجع وتقدم العلاج اللازم ولكن ربما تكون غير مرغوبة من الذين لايرغبون أن تعلم قيادتنا الحكيمة عن الحقائق المخفية) ولكن لم يتم نشر أي تعليق.
لقد قامت مملكتنا الحبيبة (بتوجيهات من جلالة المرحوم الملك الحسين المعظم ) بتأهيل وتعليم وتدريب كفاءات عالية جدا في مجالات متنوعة كلفت ميزانية المملكة مئات الملايين أو أكثر لدعم تقنيات وانظمة متقدمة جدا في المجالات الطبية والاتصالات والانظمة الالكترونية والميكانيكية والدفاع و...و...و.... ولكن للأسف الشديد فقد شبكة الشللية المتنفذة بتصفية الغالبية العظمى منهم ليجد البعض أنفسهم عالة على المجتمع والبعض الاخر هاجروا للخارج لتوفير لقمة العيش.
حمى الله أردن الرباط وابناؤة المخلصين تحت ظل صاحب الجلالة الهاشمية المفدى.
22-01-2011 04:18 PM
الكاتب
الى خريوش اشكرك واثني على ملاحظتك واشاطرك الراي دمت وبوركت
23-01-2011 05:29 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات