نعم .. لقد استجاب القدر .. وكسر التونسيون قيدهم


نوع جديد من الثورة في عالمنا العربي قاده الشارع التونسي لتحقيق الحرية والكرامة ودفع الفقر والقهر والاستبداد اشعل فتيلها الشهيد - باذن الله - محمد البوعزيزي بائع الخضار الجامعي الذي لم يجد له ولعلمه مكاناً في وطنه فصنع لنفسه عربة خضار حتى يقطف رزقه بكرامة، ويحفظ ماء وجهه، ولا يتكفف الناس. ورغم ذلك فان شرطة الجلاد بن علي لم تقبل بذلك فقامت شرطية بضربه وإهانته وتحطيم عربته على مرأى من الناس، ولم يجد طريقة ليرد بها امام عصابة الشر الا ان اشعل النار بنفسه احتجاجاً على الفعلة النكراء.

نيران البوعزيزي لم تتوقف عند جسده الطري بل امتدت الى المدن التونسية لتفجر غضباً بجنرالات من نوع جديد بزّاتهم العسكرية ليست مرصعة بالنجوم كأولئك الذين طالما صحونا على انقلاباتهم التي كرستهم مستبدين يجثمون علي صدور شعوبهم الى ما شاء الله.

نعم استجاب القدر للشعب التونسي وجنرالاته الشباب الذين هيؤوا الاكفان بزّات لهم، وزينوها ببقع الدم الطاهر نياشين لهم، وارتضوا ان يدفعوا ثمن الحرية كاملاً من ارواحهم بعدما شَخّصُوا مرضهم وعرفوا الداء الخبيث، ورفضوا المسكنات التي لا تشفي، وأصروا على استئصال المرض وخلع رأس الفتنة، وأصل البلاء، وهذا سر نجاح ثورتهم واستجابة القدر لهم.

صديقي ابو محمود الذي لم ألمح الأمل والفرح بعينيه منذ زمن طويل أراه اليوم وعيناه تشعان أملاً يتحدث كثيراً عن ذلك الباب الذي فتحه الشعب التونسي لكل الشعوب المقهورة التي ترتع في وحل الذل والمهانة وما زالت تتخبط في تحديد سبب آلامها ومعاناتها لتصوّب بوصلتها في الاتجاه الصحيح وتقول للمستبدين كفى وسنحاسبكم على ما اقترفت ايديكم.

ابو محمود المفعم بالأمل هذه الايام ينحني احتراماًً للشعب التونسي الذي علّق الجرس للشعوب العربية ويتطلع الى القوى الوطنية والتقدمية في تونس لضبط الامور من الانفلات الذي تحاول فلول النظام السابق تكريسه، وتقطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه ان يحرّف ثورة الشعب التونسي أو يسرق أحلامه بالحرية والكرامة.

نعم لقد ذهب الدكتاتور، وما زالت فلوله تحاول اقتناص أي فرصة أو ثغرة لتعبث بأمن الشعب التونسي.

صديقي يدعو كافة الشعوب العربية ان تنبش اوراقها لعلها تجد بيتاً من الشعر لاحدى شعرائها تستهدي به كما استهدى التونسيون بشاعرهم الشابي :

إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر

ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر

ابو محمود ابتسم ضاحكاً وقال لقد علمنا التونسيون درساً جديداً في الحرية التي تنتزع ولا تستجدى.


esmel68@yahoo.com



تعليقات القراء

مراد
هذا القدر وليس القدر استجاب لهم
15-01-2011 01:28 PM
احمد العربي
لا تخلوا ذاكرة الشعوب العربية أبداً من بيوت شعر محلية تقود الأمة بأجمعها للتحرر والكرامة
فقط أن يعلق أحد ما الجرس..
فقط أن يطرق أحد ما جدران الخزان..
فمن يعلق الجرس..
من يطرق جدران الخزان..؟؟
15-01-2011 01:34 PM
ابو صالح
نعم هذا تسونامي تونس اشكر لك وتاكد ان الشابي موجود في كل دولة عربية لس بعده صغير بالسن
15-01-2011 01:39 PM
أم حلا
قد تكون أول ثورة عربية تطيح بأحد الأنظمة ولكن سبق الكثير أن طاحت أنظمة بطموحات الشعب
نتمنى أن تكون تونس الشقيقة عكست الصورة الحقيقية في مرآة المقاومة كما فعلت فلسطين من قبل و التي مازالت كل الأنظمة العربية تحاول إخفاء تلك الصورة المشرقة ..
تحيتي لشعب تونس و أبو محمود ولك يونس ..ربي يوفقك وبورك قلمك الشريف .
15-01-2011 01:57 PM
وليد الزعبي
كلام جميل وفكر مترابط وابداع في فن المقالة هذا من ناحية اما من ناحية اخرى فجرأة بالطرح وقوة في الاداء والحمد لله ان ابا محمود اصبح هذه الايام مفعما بالامل بينما كان كيئبا حزينا والفضل للشاعر العظيم ابو القاسم الشابي اذ رضخ القدر للأرادته الفولاذيه وابشرك وابشر ابو محمود ا ن الانظمة الدكتاتورية الى زوال واقرب من حبل الوريد......شكرا لك وبحق انك كاتب تمتلك كل الادوات والشروط الكتابية اللازمة للابداع
15-01-2011 10:58 PM
سامي الخطيب
شكرا على هذا المقال ولكن نرجو منك الاستمرار والطرق بقوة على مفاصل الوجع حتى جلاء الحقيقة كاملة شكرا للك ولجراسا ولكل الاقلام الشريفة
16-01-2011 08:28 AM
حر
انني اؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الايمان اقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب،
قد يتوقف عن القتال اذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه الى النهاية (عمر المختار)

كل الاحترام والتقدير استاذ يونس
16-01-2011 08:47 AM
yasmeenaa
يسعد صباحك يا ابو محمود وبتمنى يضل الامل والتفائل والضحكة الحلوة موجوده عندك على طول
وبتمنى انه هل شعوب تصحى وتغار من شعب تونس وتحاول تعمل وتغير ولو شيء بسيط

إن حرية أي إنسان في المجتمع لاتساوي اكثر من حرية اي عضو من اعضاء جسمك , لإنهم يفرضوا عليك ان تبقى مثلهم في أفكارهم وسلوكهم إنه لمن الضرورة أن تكون متمرداً كن حراً , كن أنت , كن فكرك كن إنسان ولو لمره واحده

متالق دائما يا بو شجاع
تحياتي الك
16-01-2011 08:52 AM
احمد
اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
16-01-2011 10:51 AM
أبو الخير- مغترب

إلى الكاتب المحترم :
الذي استجاب هو الله وليس القدر وهذا قدر الله ولا يستجيب إلا الله فكيف بالقدر ان يستجيب إن دعوته فالله من أجاب دعائي واستجابا ، قالشاعر أبا القاسم الشابي مخطئ بقوله لا بد أن يستجيب القدر !!!!!!!!!!!! بل إن صدقنا الدعاء فلا بد أن يستجيب رب العباد الذي لا قنوط من رحمته سبحانه وتعالى .
16-01-2011 12:37 PM
أبو الخير- مغترب

إلى الكاتب المحترم :
الذي استجاب هو الله وليس القدر وهذا قدر الله ولا يستجيب إلا الله فكيف بالقدر ان يستجيب إن دعوته فالله من أجاب دعائي واستجابا ، قالشاعر أبا القاسم الشابي مخطئ بقوله لا بد أن يستجيب القدر !!!!!!!!!!!! بل إن صدقنا الدعاء فلا بد أن يستجيب رب العباد الذي لا قنوط من رحمته سبحانه وتعالى .
16-01-2011 12:37 PM
أبو الخير- مغترب

إلى الكاتب المحترم :
الذي استجاب هو الله وليس القدر وهذا قدر الله ولا يستجيب إلا الله فكيف بالقدر ان يستجيب إن دعوته فالله من أجاب دعائي واستجابا ، قالشاعر أبا القاسم الشابي مخطئ بقوله لا بد أن يستجيب القدر !!!!!!!!!!!! بل إن صدقنا الدعاء فلا بد أن يستجيب رب العباد الذي لا قنوط من رحمته سبحانه وتعالى .
16-01-2011 01:34 PM
ابن علوان
شكرا" للكاتب على هذا الكلام الطيب والذي يعبر عن الظلم الذي تتعرض له الشعوب العربيه ونتمى ان تكون التجربه التونسيه الناجحه عبره لكل حاكم ظالم مستبد لا يفكر في شعبه ولا في همومه , والاص في الحاكم ان يكون على تماس مع المواطنين لا ان يكون في وادي اخر , نتمنى على كل حاكم مراجعة اموره قبل فوات الاوان , حيث لا ينفع الندم وعض الاصابع والتولول على ممن حوله من اصحاب النفوس المريضه
17-01-2011 03:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات