نقل قيادة الجيش من العبدلي


عام 1991 و في مبنى مستأجر لمنتدى الشباب العرب ( منتدى الشباب سابقا ) في شارع الشهيد وصفي التل ، تحدثت اثناء لقاء مع معالي المهندس على سحيمات و الذي كان يشغل منصب امين عمان و كانت عن عمان العاصمة و توسعاتها و اختناقاتها المرورية التى تعاني منها  .كان حديثي عن نقل معسكرات الجيش خارج المدن  لاجل تأمين بنية تنموية داخل حدود العاصمة و حل الازمة المرورية ، طبعا كانت النظرة الى الحديث انني تعديت الخطوط الحمراء.

اذكر انني قلت انه يوجد ما يقارب 850 دونم في وسط مدينة عمان ، و كان المقصود منطقة العبدلي ، و تحديدا معسكرات القوات المسلحة التى اعرفها تماما بالشبر و المللميتر و كنت قد مسحتها مع المرحوم الرائد المساح "الريحاني " و تقدمت بفكرة الى القيادة بهدف نقل المعسكرات الى منطقة اخرى وقت ان كنت ضابطا في القوات المسلحة الاردنية على ان تستثمر الارض و تعود بالفائدة على الضباط و اسكانهم .

كانت الفكرة التى تببنيتها هي الابقاء على مبنى القيادة العامة فقط  كمبنى ذو تاريخ و يرتبط بأحداث هامة و قرارت مصيرية في حياة الاردن و الاردنيين ، على ان يتم هدم البقية و اعادة تخطيط المنطقة و اعمارها بما يسمح بتحقيق حلول مرورية للازدحامات ، و اقامة ابراج سكنية خاصة بالضباط المستفيدين من صندوق الاسكان  الذي كان يعاني من اختنق مالي ، و اقامة منطقة ترفيهية و ابراج على غرار ما يقام حاليا من خطة معمارية متميزة و تنظيم جيد . وكان الرقم يدور في حدود مائتي مليون دينار للارض انذاك.

كانت احد الافكار ان تتحول القيادة العامة الى متحف للتاريخ العسكري في جزء منه و ان يكون الجزء الاخر مبنا للجامعة الامريكية المقترحة انذاك في عمان .

و لكن في العام 1991 كانت الظروف مختلفة ، و كان مجرد التفكير في اي مساس بارض تابعة للقوات المسلحة ضربا من المستحيل و الحديث عنها يصب في خانة "الاخلال ".

بل دفعت ثمن حديثي حول هذه الفكرة و ساهم في الدفاع عني و عن الفكرة  الصديق الفريق المرحوم سعد خير و الذي كان نائبا للفريق سميح البطيخي.

 كانت الفكرة التى نقلتها هي مماثلةلمشروع معسكرات مصطفى كامل المصرية و التى في عهد الرئيس محمد انور السادات تم نقلها من وسط مدينة الاسكندرية الساحلية الى خارج المدينة و تمت اقامة ابراج سكنية  و مشاريع للضباط بناءا على توجيه خاص من المشير ابو غزالة قائد القوات المسلحة المصرية . و بناءا على تلك الفكرة تم تمليك شقة لكل ضابط  من مرتب المخابرات العامة و الجيش و الطيران ، و كنات الشقق مطلة على البحر بسعر زهيد بل كاد ان يكون رمزيا ، و اقصد 6000 جنيه مصري اي 600 دينار اردني  و 60000 لغير الضباط اي ستة الاف دينار.

كنت احلم بنموذج مشابه يخدم ابناء القوات المسلحة ضباطا و افرادا وتحدثت عنه في اكثر من مناسبة .

و في نفس الوقت تم انشاء على ارض المصرية مسرح و مستشفى و محلات و مناطق ترفيهية في اكبر و اهم مشروع تحسين مدينة بفضل العقلية الهندسية العسكرية المصرية و سلاح المهندسيين .

لم تكن تلك المرة الاولى التى تحدثت فيها عن مشروع نقل معسكرات الجيش من داخل المدينة عمان ،بل حاولت ان اقدم حلقة متلفزة بالتعاون مع التوجيه المعنوي في التلفزيون الاردني من خلال برنامج نحو عام 2000 و الذي كنت اعده و اقدمه  و لكن لم يكن هذا مقبولا في الثمانينات و لا في التسعينات الا ان تغيرت النظرة الاحادية و سقطت شمولية الفكر المتسلط  من البعض  و جاء الانفتاح الفكري و الرؤى المستقبلية و الاهتمام بالتخطيط العمراني و كان ذلك مع بداية عهد جديد شرع اجنحة الابحار الى المستقبل و التطوير .

 و لكن و مع كل الاسف و رغم ان المشروع تحت التنفيذ  الا ان قرارا اعتبره البعض "سيئا تخطيطيا " قد جاء ملزما لاقامة مبنى المحكمة في وسط العبدلي ليزيد المنطقة ازدحاما  و تصبح الحلول المرورية اكثر تعقيدا، و يقضي على خصوصيتها المعمارية  و هو ما قمت بشرحه من خلال برنامج " صديقك المهندس " عبر فضائية العقارية و لكن هذه المرة من دبي  2006.

بعد المحاضرة الجميلة التى استممنا اليها من المهندس  الامين الودود ذو الابتسامة المريحة للنفس و الذي كان يصدق القول عن مشاريع تقيمها الامانه من بنات افكار الراحل عصام العجلوني  متأثرا برحيله المبكر واعترافا لهبرؤيته لعمان  المستقبلية ، خرجت مع امين عمان المهندس "ابو معن " و الذي قال لي بوجود عبد الله كنعان على باب المنتدى بصوت خافت ، احسنت الطرح و اشكرك عليه  و لكن .........!!!.  و اترك لكم ما دار من حوار لبنات افكاركم .

لم تكن الظروف تسمح بالحديث عن العبدلي او عن معسكرات الجيش انذاك ، اما اليوم  فنحن امام مشروع متميز يتم انجازه و ليس الحديث عنه همسا ، مشروع حل الازمة المرورية و اعاد وسط عمان الى الظهور كمنطقة مرغوبة  تماثل وسط بيروت ووسط الاسكنرية و بلا شك هو احد النقاط الجاذبة .

و كان قرار النقل صحيح مائة بالمائة او كما قال العين الفريق متقاعد خالد الصرايرة في لقاؤه بجريدة الدستور " لم يكن قرا النقل خاطيء" .

و اقصد ان النقل كان صحيحا  خصوصا و ان المقر انشيء في زمن و عهد لم تكن عمان توسعت الى العبدلي  ، و كان البناء  في منطقة تعتبر خارج حدود العاصمة ، بعيدا عن عمان المركزية ، و لكن مع امتداد العمران اصبح في وسط المدنية ، و في اكثر مناطقها ازدحاما ، و هو نفس الشيء الذي يحدث الان في منطقة المدينة الطبية  التى يجب اعادة تخطيطها و استثمارها.

و اريد ان اعود الى ارض  المطار العسكري في ماركا , لانه يماثل نفس فكرة العبدلي ، و لابد من السير في نقله الى منطقة اخرى و الاستفادة من الربوة العالية و اقامة مشاريع متميزة و مناطق ترفيه و ابراج سكنية يستفاد منها سواء من قبل الضباط العسكريين باسعار زهيدة او من قبل المستثميرن باسعار السوق التجارية.

لا شيء اسؤ من  تأخير قرار جيد يكلف الدولة ملايين مضاعفة حين "تنفيذه بعد حين " الا  منع اصحاب الافكار من الحديث عما يجول بخاطرهم و الجبن عند اتخاذ القرار.

 الدولة الاردنية ليست بحاجة الى افكار بقدر ما بحاجة الى اخراج الافكار من الصدور الى العلن دون خوف او محاسبة اوتحقيق. و العهد الجديد يثبت دوما ان ما يدور في الصدور ينفذ على الواقع او في طريقه للعلن قريبا.

aftoukan@hotmail.com



تعليقات القراء

مراقب اعلام - لندن
ما يعجبني في اطروحات د عبد الفتاح هي فتحه لمواضيع لا يتطرق لها أحد وقبل عدة شهور كتب عن المتقاعدين العسكريين والعمالة الأردنية في السعودية. شكرا وكل عام وانتم بخير.
28-12-2010 11:38 AM
صوت الحق
- أين مليارات العبدلي ذهبت ,,, و كأنها قدت هبــــة للبعض او بثمن بخس ,,,, وهل يعقل ذلك اننا فقدنا هذه الأرض العزيزة على قلوبنا بحجة الاستثمار المتعثر لغاية الآن ,, واذا لو بقي جزءا من هذه الأرض لصالح القوات المسلحة لكانت تغنيهم وتعينهم في المستقبل ,,,
28-12-2010 12:30 PM
ضابط متقاعد_ نخب ثاني
اخي الدكتور الفاضل
هل تعلم ان الضباط والافراد المتقاعدين القدامى لم يشملهم نظام التعديل التقاعدي فاصبحنا بحاجه لصندوق المعونه الوطنيه. هل تعلم ان ضابط او فرد يتقاعد حديثا يحصل على ضعفي او اكثر نظرائهم ممن تقاعدوا سابقا. ومن هنا فالقديم سواء مبنى العبدلي او من حملوا المسوؤليه في اصعب الظروف اصبحوا ذكرى سيئه من الماضي
28-12-2010 01:34 PM
عدنان
انا مع نقل مطار ماركا العسكري والاستفادة من موقعه الاستراتيجي فهو مساحة شاسعة يجب ان تستغل أما بالنسبة لمطار بديل فهناك الالاف الدونمات ملك للدولة ويمكن اقامة مطار قريب يربطه اوتوستراد مع المدينة يمكن شمال ياجوز اي المنطقة التي تقع شمال طبربور
28-12-2010 03:58 PM
ديكارت
اقترح ان يناط تنفيذي المشاريع الانشائية الكبرى بواسطة سلاح الهندسة الملكي بهدف ضبط الجودة والاداء ودقة الانجاز واستيعاب وتشغيل الايدي العامله الاردنيه من مهندسين وفنيين وعمال مهرة ، وكذلك التوفير في الكلف مقارنة مع ما نشهدة بكل اسف من المقاولين المحليين من سوء تنفيذ وغش في المواد وتاخير في الانجاز وهضم لحقوق العاملين والمقاولين الفرعيين والموردين
28-12-2010 07:59 PM
عقيد متقاعد عام 1991
أخي العزيز الدكتور عبد الفتاح طوقان : تحية لك وبعد : هل تصدق يا سيدي أن راتبي التقاعدي هو 300 دينار بينما زملائي من نفس الرتبة الذين يتقاعدون حالياً هو 800 دينار ، أي ظلم هذا يا سيدي ونحن في دولة واحدة وديمقراطية ولها قوانين جائرة لا تحترم ضباطها الكبار، أين الحكومة عنا ، ان راتبنا التقاعدي يستلزم منا أن نلجأ لصندوق المعونة الوطنية ، أو نبيع بيض في البكبات أو نعمل حراساً على أبواب الشركات ، هي دعوة من خلالك لإنصافنا ومساواتنا بنفس رتبنا من زملاءنا الذين يتقاعدون الآن ، ولك الإحترام.
28-12-2010 10:35 PM
ضابط متقاعد الى جلالة الملك
نعتذر
06-01-2011 06:40 PM
تعليق
ان مشروع العبدلي متعثر جدا والبنوك اوقفت قروضها للشركه المنفذه وذلك كما كتب احد الكتاب عن هذا المشروع ....... وحتى بعد ان ينتهي هذا المشروع فهل يستطيع المواطن العادي ان يشرب فنجان قهوه في احدى المقاهي التي ستقام هناك .............
19-01-2011 09:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات