العدالة و الإرهاب


من المعروف لدى الجميع إن الإرهاب ينتج عن فقدان العدالة , كذلك التطرف ينتج عن الظلم والقهر والتمييز العنصري أو الديني أو الاجتماعي , فمنذ انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية (1860- 1865) , أو الحرب بين الولايات ويطلق عليها عدة أسماء أخرى  حيث أعلنت إحدى عشر ولاية من ولايات الجنوب تحت قيادة جفرسون ديفيس  الانفصال عن الولايات المتحدة وأسست الولايات الكنفدرالية الأمريكية وأعلنت الحرب على اتحاد الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الجمهوري أبراهام لنكولن (محرر العبيد). منذ ذلك الوقت لم تعرف الولايات المتحدة الأمريكية التنظيمات السرية السياسية الداخلية المتطرفة التي تسعى إلى تغيير نظام الحكم بالقوة, بل احتكم الجميع إلى النهج الديمقراطي والتغيير السياسي الديمقراطي وتبادل السلطة من خلال صناديق الاقتراع.

كذلك في أوروبا لم يظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أي تنظيم سياسي داخلي متطرف باستثناء التنظيمات الانفصالية حيث عرفت تلك المجتمعات العمل السياسي الحزبي المنظم والمتعدد الذي يعتمد على تبادل السلطة بالطرق الديمقراطية واحتفل الجميع في انتهاء الدكتاتوريات و سلطة الحزب الواحد . للأسف إن معظم دول العالم الثالث تمسكت بالحزب الواحد أو بالديمقراطيات الشكلية أو بسياسة الإقصاء من خلال تزوير مدخلات ومخرجات العملية الانتخابية و صناديق الاقتراع حيث أصبحت هذه الأنظمة من الدول المنتجة والمصدرة للتطرف والإرهاب بالعالم ومنها على سبيل المثال لا الحصر الجزائر ومصر . من المفارقات الغريبة ما حصل في شهر آذار 2006 عندما خرج الفرنسيون أبناء المهاجرين العرب الجزائريين من ضواحي باريس ليسيطروا على العاصمة وليشعلوا النيران بالشوارع والسيارات والحافلات بدافع الشعور بالظلم والقهر والتمييز رغم إن الديمقراطية الفرنسية من أقدم الديمقراطيات بالعالم.  إن ما يحصل في الكثير من الدول العربية والإسلامية من خلال سياسة الإقصاء والإلغاء وتزوير إرادة المواطنين بكافة الطرق الجهنمية يفتح الباب على مصراعيه لولادة التنظيمات المتطرفة والإرهابية التي تسعى للتغيير من خلال العنف لا من خلال العمل السياسي وصناديق الاقتراع . إن إفرازات الانتخابات المصرية الأخيرة لا تبشر خيرا ومن المؤكد إن سياسة الإقصاء التي استعملتها السلطات المصرية لن تجدي نفعا حيث سنشاهد المزيد من التطرف وولادة التنظيمات الإرهابية الجديدة التي تؤمن بالتغيير من خلال العنف لا من خلال الطرق الديمقراطية وصناديق الاقتراع . أما إن الأوان لأصحاب القرار السياسي بالعالم العربي والإسلامي إن يفهموا إن كلفة الديمقراطية الحقيقية اقل بكثير من كلفة التطرف والإرهاب الذي يقف في وجه تقدمنا واستقرارنا واستمرارنا جميعا .

Sameer_emam55@hotmail.com

 



تعليقات القراء

التوطين@ضدكوم
هل هذا تهديدك بالقادم من ألأيام ؟
26-12-2010 08:16 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات