فك وتركيب ..


سجلت الحكومة الحالية سبقاً على المستوى المحلي وربما العالمي أيضاً في عدد التعديلات التي أجريت عليها، أربعة تعديلات لا تفصل بين كل منها سوى بضعة أشهر فقط، على الرغم من أن رئيسها قد أخذ أكثر من إسبوع كامل من المشاورات والتحضيرات عندما كلف بتشكيل هذه الحكومة - وهذا رقم قياسي آخر- ، تمارين حية وتطبيقات عملية شهدناها على كافة الأمكانيات والاحتمالات والبدائل التي يمكن أن تجرى على أية حكومة، وكأننا في مختبر في جامعة أو معهد إبحاث يسعى إلى شرح أو إثبات نظرية علمية معقدة، وزير يدخل الحكومة للمرة الأولى ويخرج بهدوء وسلام بعد خمسة شهور محملاً براتب تقاعدي ولقب، يتم إلغاء وزارة تطوير القطاع العام واستبدالها بوزارة للتطوير المؤسسي، ليتم دفن الأخيرة في التعديل اللاحق، ثم بعثها للحياة من جديد في التعديل الذي يليه، استحداث وزارة دولة لشؤون الإستثمار لعدة أشهر فقط ثم إلغائها، دون أن ندري هل تم الإلغاء بسبب تحقيق هذه الوزارة للأهداف التي خلقت من أجلها، أم أن الفكرة برمتها قد ثبت فشلها أم أن من تولى حمل الحقيبة لم يكن الأنسب لها ... وزارات مهمة كالتخطيط والتربية والتعليم والنقل يتعاقب على كل منها ثلاثة وزراء في أقل من سنة ونصف، وزارات يتم دمجها أو إسناد حقائبها لوزير واحد بحجة توفير النفقات وتقليل عدد الوزراء ، ليتم بعد أشهر قليلة فقط فصلها لتعود بحقيبة مستقلة ووزير متفرغ، وزير جديد جدا يتولى حقيبة مهمة جدا لأشهر فقط، يتم استبدال حقيبته بأخرى أيضاً مهمة جداً ...وزراء محافظون مخضرمون وذوي خبرات واسعة.... يدخلون نعيم الدوار الرابع مجددا ثم سرعان ما يخرجون، ووزراء كانوا معارضين وحراكيين يثبتون في مواقعهم .... وزارة يراها كثيرون غير ضرورية وحملاً زائداً ولم تحدث أثراً على أرض الواقع كوزارة التنمية السياسية لم يطالها ولم يطال وزيرها أي تغيير .... وزارات يتم تغيير أسمائها وتعديل مهامها ..... وزارات سبع فقط حافظت على استقرارها وبقائها أمام تسونامي التغيير الذي لا يبقي ولا يذر وهي وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وهذه وزارة هي الأكثر ثباتاً واستقراراً في كل الحكومات وليس في الحكومة الحالية لأسباب يعلمها الجميع، إضافة إلى وزارة الصناعة والتجارة والتموين، وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية، وزارة الدولة للشؤون القانونية، وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وزارة الشؤون البلدية "الحكم المحلي لاحقاً"، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات "الإقتصاد الرقمي والريادة لاحقاً".....

إن إجراء التعديلات المتعددة ضمن الحكومة الواحدة يجهض فلسفة ثبات الحكومات وإعطائها فتراتها الدستورية التي تستحق لتمكينها من وضع الخطط والبرامج وتنفيذها وتعديلها اذا اقتضى الأمر، فإستبدال غالبية الوزراء ضمن تعديلات متتالية لا يقل ضرراً بل قد يفوق الآثار السلبية للحكومات قصيرة الأعمار، ربما نحتاج تعديلاً دستورياً يضبط هذه القضية بحيث لا يسمح بأن يتجاوز عدد التعديلات الوزارية حداً معيناً إو أن لا تطال مثل هذه التعديلات ما يزيد على نصف الوزراء خلال فترة عمر الحكومة الواحدة، ذلك أن التعديلات المتعددة ضمن نفس الحكومة ليست دليل صحة وعافية وهي نتاج خلل أو خطأ في إختيار أو أداء هذا الوزير أو ذاك وهذا طبيعي ومقبول طالما تعلق بوزير واحد أو إثنين أو حتى خمسة أما أن تبقى الأمور مفتوحة على مصراعيها بحيث يتم استبدال غالبية الوزراء فهذا مؤشر على خلل كبير قد يستوجب تغيير الحكومة برمتها فذلك أقل كلفة وضرراً من الإبقاء عليها.

إن وجود الوزير في موقعه واستمراره فيه يجب أن يكون محكوماً بمعيار واحد فقط هو الأداء والإنجاز ، ويجب أن تكون الجغرافيا والكيمياء وحتى التاريخ أيضاً بعيدة كل البعد عن التأثير أو ألمس بهذه القاعدة.

ربما يكون من حق الرئيس عند تكليفه بتشكيل الحكومة أن لا يبرر لماذا أختار زيداً أو استثنى عَمراً لهذه الوزارة أو تلك، فهو المسؤول عن الفريق الذي اختاره لتنفيذ المهام الموكلة إليه، فهو يُسأل في النهاية عن النتائج لا عن الأشخاص، أما في حالة التعديل لا بل التعديلات المتعددة يغدو من حقنا نحن المواطنين أن نعرف لماذا خرج سعد ولماذا بقي سعيد، وهو في هذه الحالة - أعني دولته- مدين لنا بإصدار كتاب أبيض White Paper يبين لنا فيه فلسفة التعديلات ومبرراتها والتي يجب أن تكون مقنعة تماماً، بغير ذلك كيف لنا أن نقتنع بأن التعديل الحكومي الأخير سوف يسهم في تنفيذ المبادرات الأخيرة لتحفيز الاقتصاد ومبادرات أخرى قادمة لإستكمال ذلك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات