ملفات محلية معقدة


حتى اليوم لا أفهم العلاقة القائمة بين الحكومة وشركة الكهرباء وأجد صعوبة بالغة في الربط بين المصفاة والكهرباء والحكومة فالعلاقة تبدو عضوية ومتشابكة وتستعصي علي الفهم. الشركة التي أنارت الأردن منذ عقود اصبحت أما لشركات عديدة فهناك التوليد والتوزيع والوسط والشمال والجنوب وغيرها من المسميات التي توالدت حول فكرة بسيطة تقوم على توليد كهرباء وايصالها للمشترك.

في السنوات الثمان الماضية كان غالبية عمل وبرامج الحكومات منصبا على ضبط مالية الدولة وحماية شركة الكهرباء ومصفاة البترول ودعم وجودهما والتعامل مع خسائرهما. بعض من دخلوا عالم الادارة الحكومية ابتدعوا وصفات مختلفة لتحقيق الهدف فقد جاء احدهم بفكرة الضميمة (اي مبلع مقطوع يجري ضمه الى المطالبات التي تقدم للمستهلك) واقترح آخرون التسعيرة الشهرية للمحروقات ولاحقا استقر الامر على تثبيت قيمة الضريبة والرسوم على كل نوع من المحروقات وإضافة بند آخر على فاتورة المستهلك تحت مسمى فرق أسعار المحروقات.

في العصر الذهبي للخصخصة جرى بيع بعض من ممتلكات الشركة الوطنية الى شركة “دبي كابيتال” بمبالغ قيل انها تقل كثيرا عن القيمة الفعلية وفي كل يوم تحمل الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي اخبارا عن اكتشاف حالات لاستجرار الكهرباء او سرقتها من الشبكات والخطوط دون ان نعرف الكثير عن مصير من يعتدون على هذه الشبكات ولا كيف جرى معالجة هذه الظاهرة ومن يتحمل الكلفة الاضافية للسرقات.

أحيانا يجري الحديث عن تعيين موظفين لا خبرة لهم بالكهرباء ولا بأساليب إدارة هذه الشركات وتطويرها برواتب فلكية وكل ما يعرف عن هؤلاء المدراء انهم يدورون في فلك الخصخصة والمشروعات التي تنشأ وتختفي بسرعة البرق.

الارتفاعات التي طرأت على أسعار الكهرباء تحملها المواطن ومع ذلك بقيت الحكومات تعزو ارتفاع معدلات المديونية لانقطاع الغاز المصري وارتفاع اسعار النفط. اليوم يدفع المستهلك الأردني اكثر من ضعف القيمة للتر البنزين والكاز والديزل يذهب جل هذه المبالغ للحكومة على هيئة ضرائب ورسوم في حين يتحمل المواطن آثار كل الهزات التي تحدث للأسعار دون ان يتغير نصيب الموازنة من ذلك.

في السنوات الاخيرة ومع تطور تكنولوجيا الطاقة البديلة أبدى المئات من المستثمرين رغبتهم في بناء مشروعات لتوليد الطاقة من الرياح واقامة حقول لخلايا الطاقة الشمسية. في الطفيلة والكرك ومعان والمفرق والزرقاء حيث تسطع الشمس لما يزيد على 320 يوما في السنة يسعى الكثير من الاهالي والشركات لإقامة مشروعات عملاقة لحصاد الطاقة المتجددة ومع ذلك لا يوجد تشجيع من الدولة فغالبا ما تصدم الطلبات بتعقيدات غير مفهومة .

الجهات المسؤولة عن ملف الطاقة تقدم حججا غير مقنعة ولا مفهومة فتارة تتحدث عن السعة التخزينية واخرى عن عدم قدرة الشبكة وفي مرات عديدة يمضي من يرغب في الاستثمار أشهرا وربما اعواما في انتظار الموافقات والتي تشتمل على شروط تعجيزية الا لمن رحم ربي او من كان مرتبطا بالجهات الميسرة.

في الأردن الذي يعاني من شح الطاقة لا يبدو مفهوما او مقنعا أن تشتري الشركة الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة بـ12 فلسا للكيلو في حين انها تبيعها للمستهلك بـ1100فلس. السياسات التي تتبناها ادارة القطاع تطفيشية ولا تفسير لذلك غير الرغبة في حماية الشركة التي تعمل بأساليب عفا عليها الزمن وتمنح رواتب خيالية للمدراء.

على الحكومة ان تتخذ خطوات جريئة وسريعة لتطوير هذا القطاع واستثمار مواردنا الطبيعية المتجددة للطاقة عوضا عن الاعتماد المبالغ فيه على الطاقة المستوردة. بدون ذلك يبقى المواطن يتساءل عن مدى جدية شعارات النهضة والاعتماد على الذات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات