الملك امام مؤتمر البحرين والخروج من الأزمة 


الحديث الذي بدأ يطغى على العديد من الوسائل الاعلامية في الكثير من المحطات الاعلامية وتحليلات السياسيين ، هو مؤتمر المنامة او البحرين والحقيقة الضائعة بين تصور البعض له في تحليلاتهم المسبقة دونما اي اطلاع على مضمونه . 

لا يهمني حقيقة بعض الاقلام وبعض المحللين الذين سيدخلون على خط اللعبة في هذا المؤتمر او هذا المزاد السياسي ، كما لا يهمني ما سيحمله جاريد كوشنر المكلف بخطة السلام الاسرائيلية الفلسطينية ومحاولته لحشد الدعم للخطة المعروفة بصفقة القرن من خلال اطلاقها بمؤتمر البحرين ، والذي ستتباين او تباينت بشانه المواقف العربية والخليجية والدولية مع رفض روسي وصبني عدم مشاركتهما في هذا المؤتمر . 

ما يهمنا هنا ، ما هي رهانات عراب صفقة القرن وكيف ستؤثر المواقف العربية والدولية على فرض نجاح المؤتمر او فشله ولصالح من ؟ 

معظم الاحكام المسبقة لهذا المؤتمر خالية من المنطق ، لانها ليست الا تحليلات لتعبئة فراع بالحديث ، والتي لا هدف لها الا دغدغة المشاعر واللعب بعواطف الناس من خلال هذه التحليلات ، فالقضية العربية بما فيها الفلسطينية ليست بصالح او فكر من يتاجرون بدماء ابناءها ، كما هي ليست للحصول على اوراق سياسية رابحة لبعض التنظيمات او الجهات او الاحزاب في بلدانهم والتي ليس لها اي مشروع حضاري او وطني على اراضيهم بقدر ما تعيش على استغلال كل حدث او لتاجيح الصراعات والاتهامات الدينية والسياسية او للظهور او من اجل الفوز بالانتخابات . 

ان معيار الحديث عن مؤتمر المنامة او مؤتمر البحرين الذي سيعلن من خلاله ما يسمى بصفقة القرن ، هو البعد الخارجي فقط ، والى اي درجة يمكن تقليل اثره علينا . 

فعندما تكون الازمة بالنسبة للدول العربية مركبة وفيها اعتبارات عديدة وخطيرة اهمها ، ضعف الاصطفاف العربي المشرذم خلف القضية الام ، ولاعتبارات خاصة بتلك الدول والموقف السياسي الضعيف لها ولرؤسائها بما فبها القيادة الفلسطينية ، وانفصال اغلبهم تمام عن حالة الاستقطاب لدعم قضيتهم والاصطفاف الاولي ، بمعنى التأييد في نهاية المطاف لكل خيارات واوصاف خطة المبعوث الامريكي . 

هذه بجملها مؤشرات لا تزال غير مطمأنة تشهدها الساحة السياسية العربية ، 
فمن ناحية هناك شبه اصرار على انهاء اطالة عمر الأزمة اذا ما تعثرت خطة جاربد كوشنر ، وهذه الاطالة عبر الاصرار على ايجاد صيغ للحوار والمبادرات الامريكية بدعم ومباركة بعض الدول العربية والخليجية لانجاح هذه الخطة ، ضمن خوف مسيطر على معظم الدول العربية المعنية والفلسطينية من ردة فعل وانتكاسة في كل المجالات التي تعيشها تلك الأنظمة ونعيش تبعاتها كشعوب عربية اليوم اذا ما فشل المبعوث الامريكي وهذا الامر مستبعد وهو فشل مهمته . 

ففي الوقت الذي نجزم به اننا كعرب لا نملك شروطا حاليا في ظل تلك المعطيات السابقة ، وعمق الفساد والتردي الفكري الذي تعانيه الدول العربية ، والأخطر من كل ذلك تصديق الشعوب العربية او معظمها بهذا الوهم الذي تنسجه لها بعض انظمتها بالشكل المعروض .وهو ما ادركه الاردن بقيادته الواعية بالرغم من وجود من يريد التلاعب به ، وادرك الاردن انه امام مسؤولية تاريخية عظيمة ان استطاع ان يضع الامور والقضية الفلسطينية على السكة الصحيحة بعد ان وضعتها انظمة عربية ودولية سابقا وحاليا على سكة خطأ . 

فمطالب الاردن حتى لو حضر مؤتمر البحرين او لم يحضره هي مطالب غير تعجيزية ، وقابلة للتطبيق لمصلحة كل الاطراف ضمن اطر مقبولة وشرعية يحكمها المنطق بعدم التهجير وما يمس الهوية الاردنية ورفض الوطن البديل .

لذلك اصبح من الحتمي الاصغاء الى الصوت الاردني وقربه من صوت العقل الذي يدعو الى ايجاد صيغ للحوار والمبادرات دون ان ينزلق الى وحل تحمل مسؤولية الاعباء وضياع هويته ، وهذا ما حافظ عليه لحد الان ولطالما يرسل رسائل متواترة بخصوصه . 

الان وفي ظل ضعف الدول العربية سياسبا وافتقادها للمرجعبات الحوارية وتأكيد تشرذمها وعلاقتها ببعضها البعض ، وفي ظل هذه التغيرات والاحداث الخطيرة ووقوفنا امام خطة امريكية حتمية ، فان هذه الدول تكاد لا تجد الحوار ، وهو ما يجعل الاصغاء للحوار الاردني ضرورة للدول العربية ، كمن سيبعثهم من بعد موت ولديه القدرة لتحقيق نوع من الاجماع المفقود . 

وفي نهابة الحديث ، فان ما يجب ان نعلمه ويعلمه الجميع انه لا امريكا ولا اي دولة باستطاعتها الغاء دور الاردن واذا اراد البعض في نهاية المطاف الانقلاب على الاردن لتمرير مصالحه من خلال هذا المؤتمر فقد اضلته البوصلة السياسية . 

فهل ستدرك باقي الدول العربية وجميع الاطراف ومن سيخوض بتحليل مؤتمر البحرين المرتقب كيف عليهم ان يبتعدو عن الاستدلالات الساذجة بحق الاردن وهل هذه الاستدلالات تعتبر دليلا على شيئ يستطيع عراب الصفقة ان يفعله ؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات