وجبة تعيينات سوبر توصية المعلم


لا يخفى على المتتبع لمجريات الإحداث في الأردن أن هنالك أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة لازالت جراحها مفتوحة بألم شديد توجب على الحكومة التحلي بأكبر قدر من الصبر والحكمة والتعقل والعدالة في التعامل مع الشأن العام والمواطنين بعيدا عن القرارات الاستفزازية والارتجالية والعشوائية ذات الطابع التنفيعي والمصلحي القائمة على مبدأ الواسطة والمحسوبية ومسابقة الوقت لحجز وحصر الوظائف العامة بفئة خاصة تعتدي على حقوق الآخرين ظلما وعدوان وقهر وبسطوة رسمية عالية المكانة والنفوذ ومن ثم تحميل المواطن فشل السياسات الرسمية المتراكمة منذ عهد طويل وبعدما مارست الحكومة الحالية خلال فترة قصيرة أبشع أنواع الجباية والاستهتار والتهميش لحقوق المواطنين في العيش الكريم وما جرى من تعيينات مشبوهة مؤخرا في وزارة العدل بدون منطق ضروري ولا حاجة ملحة ومن غير وجه حق والتي تمت في غياب شفافية ونزاهة الانتقاء وكشفت بعدما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بوثائق تم تداولها على نطاق واسع تفيد باستثناء تعيين 3 أشخاص في وزارة العدل برواتب بآلاف الدنانير حيث جاء في الوثائق تعيين إحدى السيدات بوظيفة منسق مشاريع براتب 3 آلاف دينار شهرياً فيما تم تعيين شخصين آخرين براتب ألفي دينار لكل واحد منهما في وحدة إدارة منصات التواصل الاجتماعي بالوزارة وقد حملت الكتب المنشورة عبارة إشارة إلى كتاب رئيس الوزراء ما يعني أن الدكتور الرزاز وافق على تلك التعيينات قبل ان تنطلق العاصفة الجارفة على مواقع التواصل وتتسبب بإصدار قرار شامل لرئيس الحكومة يقضي من جديد بإيقاف جميع التعيينات في الدوائر والمؤسسات الحكومية بما فيها التعيينات الأخيرة في وزارة العدل .

اللافت العجيب في الأمر دائما أن تجاوزات من هذا القبيل على المال العام وحقوق المؤهلين لا ترصدها أجهزة المراقبة في الدولة ويتم التكتم عليها وتتخذ بكل سلاسة في الدهاليز المظلمة والخفاء ولولا وسائل الإعلام والتواصل الالكتروني التي تتصدى لكشفها ما عرفت ابدا ما يؤكد الانطباع السائد بأن كل الأطراف متواطئة في تجاوز القانون وتوفر له الرعاية والحماية اللازمة والحمد لله الذي هيأ لنا السوشيل ميديا لنحاربهم بأدواتها المختلفة ونكشف مؤامراتهم المتكررة ونسقط ورقة التوت عن سواتهم ونعري أكاذيبهم ومن حقنا اليوم أن نتسأل أكثر عن آلاف التعيينات التي تمت ولم يجري اكتشاف أمرها او نشر الكتب الرسمية التي بموجبها تمت وكيف تمت ولصالح من وبعد يومين فقط من تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية بالمباشرة باتخاذ الإجراءات العاجلة لوقف جميع التعيينات الخارجة عن القانون مما يؤكد وجود رغبة واضحة باغتنام ما تبقى من وقت لهذه الحكومة لتمرير تعيينات خاصة ومشبوهة ومرفوضة ومن يعاين ويتابع استمرار هذه التجاوزات لا يمكنه على الإطلاق أن يأخذ على محمل الجد تصريحات المسؤولين المضللة حول تكريس قيم دولة القانون والمؤسسات وتطبيق مبادئ النزاهة والشفافية وتعزيز الفرص المتساوية بين المواطنين وما تابعناه من ظلم وعدوان واستخفاف بعقول المواطنين في تعيينات العدل كاف لتبديد ما تبقى من ثقة شعبية بجدية نهج الإصلاح في الأردن حيث جاءت التعيينات في الوقت الذي يبيت فيه المتعطلين عن العمل أمام الديوان الملكي منذ أيام بأوضاع شديدة من الجوع وأجواء من البرد القارص للمطالبة بحقوقهم الوظيفية في التعيين بالمحافظات وبرواتب تتوافق مع موظفي الدولة وليس في بمواقع وظيفية استثنائية مفصلة على مقاسات البيكوات وبرواتب فلكية يشتم من ثناياها رائحة الفساد النتنة حيث تتسق مع سلم الرواتب في الوزارة أو نظام الخدمة المدنية بل هي رواتب فئات عليا في الدولة وليس موظفين في وحدة ولا نعلم حقيقة ما هي المشاريع التي ستنسقها المنسقة الجديدة ونجهل سبب تعيين الرزاز لموظفين في وحدة إدارة قنوات التواصل الاجتماعي بذلك الراتب المرتفع جدا وهو ما اعتبر هذا القرار استفزازاً حقيقيا متجددا للشعب الأردني بكافة أطيافه الكادحة .

هذه الخطوة الجديدة لا تختلف عن نهج سابقتها والتي شكلت فضيحة بجلاجل بعدما أطاحت قبل شهر تقريبا بأحلام وآمال عريضة علقها الأردنيون على رجل يصفونه بالمهذب والهادئ حين اجري صفقة توافق حكومي نيابي لتعيين أشقاء بعض النواب في وظائف قيادية عليا وفق سياسات غاية في الظالم تنفذ بشكل انتقائي وغير مبرر وبالاستهتار الكلي والمنظم بحاجات وحقوق المواطنين المغلوبين على أمرهم وتبدد أموال دافعي الضرائب على شهوات المحسوبية والواسطة وشراء الولااءات والذمم .

ولا نعرف أكثر ما هو سر التصريحات المتناقضة ما بين المسؤولين إزاء قضية واحدة وهل هي سياسة ( أنت اضرب وانأ اشجب ) أم ماذا ففي الوقت الذي يخرج علينا رئيس ديوان الخدمة الجديد بالقول أن تعليمات وتوجيهات رئيس الوزراء في مجال التعيينات واضحة من حيث إخضاع جميع التعيينات في الوزارات والمؤسّسات الحكوميّة إلى المعايير والرواتب التي يحدّدها ديوان الخدمة المدنيّة ووفقاً لأحقيّة الكفاءة والتنافس بين جميع المتقدّمين مع ضرورة تدقيق كافة عقود التوظيف وشراء الخدمات وفحص معايرها وضوابطها من قبل ديوان الخدمة المدنية مباشرة وبيان مدى الحاجة لها وأسباب عدم وجود كوادر في الوزارات وتقويم الوظائف المطلوبة وقيمتها ومن ثم يتم رفع التوصيات والمسببات إلى مجلس الوزراء حيث تخضع لأقصى درجات الحوكمة الرشيدة إضافة إلى تأكيد أمين عام وزارة العدل انه لم يوقّع على كتب التعيين وربما لا يعرف عنها حيث جاءت بتوقيع مدير الموارد البشرية في وزارة العدل وبناء على تنسيب وكتاب من رئيس الوزراء إذا كيف مرت هذه الصفقة المفاجأة من التعيينات دون حس أو خبر لدى الديوان وهل نسب الرزاز بها كما طالعنا ولماذا عاد وأوقفها وكيف تم الطلب من وزارة الصحة فحص المذكورين في التعيينات إن لم يكن أصلا صدرت موافقة على تعيينهم ومن يتحمل المسؤولية الأدبية والأخلاقية عن هذا التخبط والمراهقة الإدارية والعبث بالقواعد والأسس ولولا الحملات المستعرة من الشجب والاستنكار عبر وسائل الواصل الاجتماعي بعد كشفها وفضح خباياها وغاياتها لبقيت في الإدراج المقفلة او خلف الستائر السميكة فأين كان ديوان الخدمة المدنية غائبا عن كشفها او مجرد الاعتراض عليها بتقرير واضح ان كان ما يصرح به ريس الديوان ليس كلام استهلاكي لذر الرماد في العيون .

ومقابل كل ذلك نقول بصوت عال و فوق رؤوس الأشهاد أن اللعبة الحكومية في مجال التعيينات مكشوفة بل ومفضوحة منذ زمن بعيد وهي تمثل نهجا واحدا مشتركا وان جميع التعليمات والتعاميم تصدر للوزارات واللجان الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة ومجالس الخدمات المشتركة والبلديات وأمانة عمان الكبرى وسلطة منطقة العقبة الاقتصاديّة الخاصة والجامعات الرسمية بالتقيد والالتزام بالتعامل مع إجراءات التعيين على الوظائف القيادية والعليا وجميع الوظائف الأخرى وفقاً للتشريعات الناظمة دون واسطة أو محسوبية لأي كان وحسب الكفاءة والأحقية في التعيين وتحت طائلة المسؤولية لا يوجد لها أي هيبة أو احترام او التزام أو قيمة على الواقع وما هي ألا مجرد كتب روتينية لتسيير الاعمال وتهدئة غضب الشارع وتخدير وتغييب وعي المواطنين وما شاهدنا من تعيينات وزارة العدل الأخيرة خير دليل موثق على كل ذلك .

وإن هذه الظواهر الإدارية المتهالكة والخطيرة هي نتاج استمرار سلوك التنفيعات والمحسوبيات لا سيما في تعيينات الوظائف العليا في الدولة على حساب كثير من أصحاب الاختصاص والكفاءات الوطنية مما ساهم في تدمير الإدارة الأردنية ما يستوجب معه وبشكل عاجل وقف هذا النهج ورفع أي مظلة سياسية ترعى الفساد في التعيينات لما لذلك من أثر خطير على مستقبل الوطن واستقراره خاصة عندما تمارس الأمور برعاية رسمية عليا وبما شكلته من فضيحة بكل معنى الكلمة لم يكن المواطن يتخيل حدوثها في زمن تموج فيه البلاد بحركات الإصلاح ودعوات إرساء دولة القانون والعدالة و تسابق المسؤولين الحكوميين باطلاق الوعود بعهد جديد عنوانه الشفافية والمساءلة والرقابة على المال العام في حين ذات المسؤولين يخرقون أبسط القواعد القانونية والأخلاقية فيما بات يعرف بملف تعيينات وزارة العدل وبخلاف ما وجه جلالة الملك بأن تكون التعيينات حسب الأصول بحيث يتمّ اختيار أصحاب الكفاءات والخبرات اللازمة لإشغال المواقع الوظيفية العامة ولا زال دولة رئيس الحكومة يأخذنا الى النهر ونقف على ضفافه أملا وعملا دون ان نشرب قطرة ماء واحدة منه وباستهتار واستخفاف كبيرين بعقول المواطنين وحقوقهم وبفضيحة اكبر وأعظم إثما وخطرا مما سبق .

والسؤال هل يكفي اعتراف رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزّاز بتحمل المسؤولية عن قراراته الظالمة بكل ما فيها من اعتداء صارخ على حقوق الآخرين بالحصول على وظيفية شريفة انتظروها بسنوات طويلة من العمل والكد والسهر والإخلاص وهل يكفي أيضا ان يوعز بوقف جميع التعيينات في المؤسّسات والدوائر الحكوميّة التي تمّ البدء بإجراءاتها بما في ذلك التعيينات التي تمّت أخيراً في وزارة العدل بعد تداولها وألم يكن اوجب أن يتضمن تعميم الدكتور الرزاز توضيحا لما جرى والكشف عن هوية من عيّن ونسّب ووافق على تعيين أولئك الأشخاص وأسس التعيين وما هو سبب إلغاء التعيين بعد انكشاف الأمر بشكل فاضح عبر وسائل التواصل الاجتماعي والجميع يقولون صراحة إن رئيس الوزراء الرزاز هو وحده المسؤول الاول عن تلك التعيينات العشوائية والتجاوزات الخطيرة ومخالفة القوانين والتعليمات المرعية ويطالبونه بالرحيل بعدما فشل في الحفاظ على شعبيته والفاء بوعوده والتزاماته ولان سفينه الأردن أصبحت بحاجة الى قبطان ماهر وقوي يدير بوصلتها في الاتجاه الصحيح بعدما قتلت هذه التعيينات المجحفة روح الانتماء والولاء عند أبناء الوطن وعززت فقدان الثقة بالحكومة وبرامجها وأعضائها ويرون أكثر ان هذه الحكومة فاحت روائح فسادها ولم يعد المواطن يستطيع أن يتحمل وهو يرى هضم حقوقه أمام عينيه وبما يعبر عن دلالات مستجدة وخطيرة في مقدمتها قدرة المسؤولين على التحكم في تعيين من يخدم مصالحهم وإقصاء كل الكفاءات التي تقف في وجه الفساد وانتشاره بشكل مقنن ولان استمرار التجاوزات في التوظيف يلحق في النهاية الضرر بكل البلاد فالشخصانية والمحسوبية وعلاقات المنافع الذاتية باتت تشكل خطرا على الوزارات والمؤسسات ولها تداعياتها السلبية وفي مقدمتها ازدياد النقمة الشعبية على الدولة والحكومة وقد قلنا مرارا وتكرارا أن التذمر قد يؤدي الى ثوران البركان الذي لا يبقي ولا يذر ولا تحمد عقباه لا قد الله .

ومن المؤسف إن البعض لا زال يعتبر أن السرقة المباشرة وحدها هي الفساد وهذا غير صحيح وغير دقيق فالواسطة والمحسوبية وسرقة دور الغير وحقوقه والسكوت عن الخطأ ومجاراة الفاسد أو الانتظار لحين خروجه من المؤسسة هي روح فيروس الفساد المخطط والمدروس والجبان .

مسك الكلام

( يحكى إن حاكما فاسدا و ظالما زار إحدى ولايات بلاده فقال للمواطنين اكتبوا شكواكم في السر وفي العلن فسكت الجميع إلا المعلم الشاب حسن قال ياسيدي متى توفروا لنا المهن والعلاج والدواء دونما ثمن فقال الحاكم أكل هذه المشاكل موجودة في بلدي وإنا لا اعلم بوركت أيها المعلم حسن وبعد عام عاود الحاكم زيارة الولاية مرة أخرى وقال لسكانها اكتبوا شكواكم في السر وفي العلن فسكت الجميع إلا والد المعلم حسن قال سيدي لا نريد توفير المهن ولا العلاج والدواء دونما ثمن عذراً سيدي الحاكم نريد فقط أن نعرف منك مصير ابني حسن ) ؟

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات