ونحن على مشارف العفو العام


اُدرك حجم الفرح والسرور الذي سينتاب اُمّاً لطالما إنتظرت خروج إبنها من السجن, وزوجة لطالما طال إنتظار عودة زوجها, وطفل كَبُرَ ومرت سنوات طويلة فاقداً لأبيه الذي لم يرهُ إلا من خلف القضبان, لا أجهل أن ثمة مُخطئين نادمين على ما فعلوا ويردون الفرصة بعد التوبة. الفرصة التي تُعيدهم لحياتهم الطبيعية التي كانوا عليها من قبل إرتكابهم الإخطاء والجرائم. ولأنه لا يمكنني ولا حتى غيري أن نحكم على من سيشملهم العفو العام بأن جميعهم يستحق أو يستحق؛ مؤهل لمخالطة المجتمع أو غير ذلك؛ صَلُح حاله وإعتزل فكره الجُرمي أو أنه لا زال يفكر بالعودة لتصرفاته التي ستوثر على المجتمع وتؤذيه. لن أقف مع القانون ولن أكون ضده, لن اؤيده ولا حتى ساُعارضه, لأنه بالمحصلة لا يفيدني كمواطنٍ صالح ولا حتى يعنيني بشيء, فلو أن أقرب الناس كان مُجرماً او مُخطئا لما تعاطفت مع القانون ورحبت به لأجله. فلابًد لمن أذنب أن يلقى جزاهُ ولمرتكب الجريمة أن يُعاقب على جزاء فعلته.

لكن حقيقة ما يُهمني بكل الموضوع هو أن أجدَ من يُمكنه إجابتي على تساؤلاتٍ مشروعة قد طرحها من قبلي الكثيرون, فمن مصلحتنا اليوم أن نعرف هل البيئة مناسبة لإحتواء خريجي السجون الذين سيُشملون بمشروع العفو العام الذي جميعنا أردناه دون أدنى تفكير بما ستكون عواقبه؟ لأن هؤلاء لن يخرجون من ظلمات السجن إلى أنوار الحياة, لن يكونوا قادمين من الجحيم إلى النعيم. فلا اُبالغ إن قلتُ أن عالمهم الضيق أكثر راحة من عالمنا الفسيح, لأن ثمة ما يُضيّق علينا كل متنفاستنا ويجعلنا في سجن دائم لا ندري متى سنخرج منه, ألا تتفقون معي أن جُل الشباب العاطل عن العمل هو في سجن اليأس, أليس الفقير مُكبّل بقيود العوز والحاجة, حتى الوطن الكبير قد يكون هو الآخر بأمسّ الحاجة للخروج من خلف اسوار أزماته...بالفعل نحن من يلزمنا عفواً يُخرجنا مما نحن فيه.

لا إدري إن كانت الحكومة قد فكّرت بكيفية التعامل مع هؤلاء عندما يخرجون وما إذا كانت قادرة على إعادة دمجهم بالمجتمع وتغيير فكرهم وإنتزاع ما فيه من صور جُرمية وشريرة, وخلق فرص العمل لهم بما يضمن تأمين حياتهم بطرقٍ مشروعة تجعلهم لا يفكرون بسلوك الطرق الخاطئة التي قد تكون آخر الحلول بالنسبة لهم فلا أظنهم أنفسهم يريدون الخروج إلى مستقبلٍ مجهول وهم يعرفون الواقع القاسي الذي يعيشه من في خارج أسوار السجن...أعلم أن الحكومة تُفكر ولكني لستُ متأكدة من أنها قادرة على التنفيذ.

لن اُقلل من حجم موضوع مشروع قانون العفو العام الذي تنشغلُ فيه السُلطيين التنفيذية والتشريعية لبلورته على أرض الواقع في هذه الأيام, لكني أجزم أن هذا الإهتمام الكبير لو وليتموه لقضيةٍ تخصُ عامة الشعب لكان أفضل ولشملكم الجميع برضاهُ, فليس من هم بالسجون وحدهم من ينتظرون العفو العام بل الشعب كل الشعب يريد أن يكون على مشارف العفو العام لتُصبح الفرحة أعمّ وأشمل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات