جراسا -

شرعت سلطات الإحتلال الصهيوني في الأعوام القليلة الماضية، قوانين كثيرة تنتهك خصوصيات الأفراد خصوصا بما يتعلق في حرية التعبير عن الرأي تمتلك في أحيان كثيرة طابعا عنصريا وتمييزيا، ومنها تشريعات سُنت لمراقبة شبكة الإنترنت والسيطرة عليها واستغلاها لتقييد حرية الأفراد والمجموعات في انتقاد ممارساتها القمعية.

وشملت هذه القوانين بنودًا تهدف إلى تقييد حرية التعبير ومساندة القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين بشكل عام أو أي نشاط آخر يُعارض الأجندة السياسية والاقتصادية والعسكرية الصهيونية .

وأصدر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة"، ملخصًا سياسيًا تناول فيه التشريعات الصهيونية العنصرية التي تتعلق بالمضامين التي على شبكة الإنترنت والإعلام بشكل عام.

وذكر تقرير المركز مشروع القانون الذي عرضته اللجنة الوزارية للتشريع في أيار/مايو الماضي الذي يهدف إلى حظر تصوير وتوثيق الجنود الصهاينة وممارساتهم القمعية، حيث يُجرم تصويرهم خلال "أدائهم لعملهم" بالفيديو أو بصور فوتوغرافية، بالإضافة إلى منع نشر مضامين مصوّرة تنتقد الجيش الصهيوني في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المركزي، وتفرض سلطات الإحتلال عقوبة مدّتها 5 سنوات لـ"مخالف" القانون في حال إدانته.

وقال المركز إن بحجة هذا القانون، تُمهد السلطات الصهيونية "الطريق لحماية ممارسات عسكريّة غير قانونيّة من خلال تحديد أشكال المساءلة، ويعتبر هذا انتهاكًا لحريّة التعبير عن الرّأي بحسب القانون الإسرائيليّ، وبحسب القانون الدوليّ لحقوق الإنسان".

وشدد المركز في تقريره على أن سلطات الإحتلال لم تكتفي في تحديد أشكال التوثيق والمساءلة، بل طورّت أيضًا "استراتيجيات عديدة للضّغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعيّ للامتثال لتعريفها الخاص 'للتحريض'، هو تعريف واسع النطاق ويتعارض مع القوانين الدوليّة لحقوق الإنسان ،  كما أنّه يركّز بشكل تمييزيّ ضد النشاط من أجل حقوق الإنسان المتعلّق بالفلسطينيّين".

وأضاف المركز أن في سبيل ذلك "وافق الكنيست في 3 كانون الثاني/ديسمبر 2017 على القراءة الأولى مما يُسمّى “مشروع قانون الفيسبوك”، والذي يمنح الصلاحيّة للمحاكم الإداريّة الصهيونية لحجب مضامين قد تعرّف بـ'تحريض' أونلاين بطلب من الحكومة".

ويتيح القانون إمكانيّة إصدار أوامر لمسح مضامين في حال "أضرّت بسلامة الإنسان والجمهور والاقتصاد والدولة وبنى تحتيّة مهمّة" بحسب ما تزعمه السلطات، كما أنّه يمهّد الطريق للقيام بإجراءات قانونيّة ضدّ شركات التواصل الاجتماعيّ مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب ومحرّكات بحث مثل جوجل، ولفرض غرامات ماديّة ضخمة عليها في حال نشرت هذه المضامين.

وأشار التقرير إلى أن هذا القانون "يجسّد التأثير الذي من الممكن أن تمارسه حكومات قويّة، مثل الحكومة الصهيونية ، على شركات خاصّة من أجل دعم وتسيير أجندتها السياسيّة التي تتعارض وتخالف قانون حقوق الإنسان الدوليّ".

وطرح مكتب رئيس الوزراء الصهيوني ، بنيامين نتنياهو، مسودة لـ"قانون الأمن الرقميّ" في حزيران/يونيو الماضي، الذي يوفّر "القاعدة القانونية" لإنشاء مديرية الفضاء الرقميّ "القوميّة الإسرائيليّة" والتي قال مركز "حملة" إنها ستكون مسؤولة عن " مشاركة المعلومات بين أجسام مختلفة من القطاع الحكوميّ والقطاع الخاص، وإدارة قاعدة بيانات لمؤشّرات تهديد، والتي كانت موضع جدل جماهيريّ كبير بسبب قضيّة خصوصيّة المستخدم الأوسع نطاقًا".

وأضاف التقرير أن هذه المديرية "ستخضع لمساءلة رئيس الحكومة مباشرةً، وسيكون هو من سيعرّف ويحدّد أولويّات تهديدات الفضاء الرقميّ، و يمكن تشغيل موظّفي المديريّة بدون إجراءات تشغيليّة رسميّة، وستوعز إليهم مهمّة قرصنة حواسيب وهواتف أي شخص أو تنظيم خاص قد يُعرّف على أنّه يشكّل تهديدًا لأمن الفضاء الرقميّ الصهيوني .

وستحصل المديريّة على تصريح لاختراق الجهاز واستخراج البيانات منه في غضون 24 ساعة من تحديد التهديد المحتمل بدون أمر محكمة أو أي إجراء قضائيّ ، علاوة على ذلك، سيتمتّع هؤلاء الموظّفون بحصانة قضائيّة وستتم حمايتهم من التعرّض للمقاضاة أو تقديم شكاوى ضدّهم".

ولفت التقرير إلى أن هذه الممارسات تُجسد "نقطة تحوّل مهمّة بطريقة تعامل الكيان الصهيوني مع مواضيع الأمن الرقميّ الوطنيّ ،  فإنّ هذا القانون يوسّع ويشرعن وينظّم هذه الممارسات ويمكّن حكومة افحتلال من الالتفاف على الإجراءات القانونيّة بحجّة محاربة الجرائم الرقميّة، ممّا يشكّل خطرًا غير مسبوق على السكّان المحليّين وعلى المعايير العالميّة".

وخلص تقرير "حملة" إلى القول "فإنّ الحكومة الصهيونية تخلق سياقًا يتم من خلاله مراقبة التعبير والسيطرة عليه بشكل متزايد من خلال مصطلحات غامضة مثل “الأمن الرّقميّ” و”التهديد الرّقميّ”.

ويأتي هذا في وقت تشعر فيه الحكومة الصهيونية بقلق متزايد جرّاء تعاطف العالم مع حقوق الإنسان للفلسطينيّين وشعبيّة الحركة السلميّة التي تنادي بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، فضلاً عن اهتمامها السابق بموضوع “الأمن القوميّ”.

ولا تمنح هذه التشريعات الحكومة السلطة القضائيّة لاختراق خصوصيّة وحجب وكتم المضامين التي تنتقد الحكومة فقط، وإنّما تعطي هذه السياسيات صبغة دستوريّة".