المعذبون في الأردن .. عمال الأردن


لمن هذه الأيادي ؟ لبشرٍ عشقوا وطناً فأقسموا أن يبنوا له مجداً ؟ أم لبشرٍ ظنهم أصحاب البطون المتخمة بالسحت عبيداً في سوق النخاسة يستعبدونهم ببضعة دنانير لا تغني ولا تسمن من جوع ؟ مخطئٌ من ظن أن زمن الرق ولّى ، بل تشكلت له ألف صورة بشعة ، ومن شك بذلك فليذهب إلى المصانع والورش وليرى بأم عينيه كيف يستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً .


لمن تلك الجباه المكللة بالعرق ؟ لأردنيين وأردنيات أقسموا أن يطهوا طعامهم بعرقهم وعلى نار كرامتهم ؟ أم لأردنيين ظن أصحاب القلوب الغليظة أنهم أردنيون برسم البيع بثمن بخس لا يكفي لقيمات ولا يبني سقفاً ؟ مخطئٌ من ظن أن زمن الإقطاع انتهى ، ومن شك بذلك فليذهب إلى مزارع وادي عربة والديسي والأغوار ، ويرى إقطاعيي العصور الوسطى لا زالوا موجودين و يحرمون أصحاب تلك الجباه الشريفة من أبسط الحقوق !


لمن تلك الأقدام القوية ؟ لرجالٍ ونساءٍ أقسموا ألا تدوس ولا تحرث أقدامهم غير ثرى الأردن الطاهر ؟ أم لرجالٍ ونساءٍ ظن أصحاب الخزائن المقفلة أنهم مطية لهم ليزيدوا ودائع خزائنهم التي لا تشبع ؟ مخطئٌ من ظن أن زمن قارون انتهى ، ومن شك بذلك فليذهب إلى المدن الصناعية المؤهلة وغير المؤهلة ويرى ألف قارون فيها يذهب مساءً بالغلةِ الثقيلة إلى خزائنه في عمان الغربية ، وكيس أسود يحوي بضعة أرغفة يذهب بها أصحاب الأقدام القوية الذين صنعوا غلة قارون إلى صندوقٍ قديم في شبه بيت في قريتهم المنسية .


الأيادي الكريمة هي لعمال الأردن المعذبين في وطنهم ، المهضومة حقوقهم ، الموضوعين دائماً تحت تهديد سيف الفصل التعسفي مرةً ، ومرةً أخرى الفصل بحجة الهيكلة ، والنتيجة واحدة وهي عدم الشعور بالأمان .


الجباه النقية هي لعمال مزارع الإقطاعيين ، النائمين على لظى الحاجة ، المنسيين من رحمة أسيادهم ، المجبورين على الخضوع والرضا بأقل القليل وإلا كان الطرد مصيرهم ، فأرباب المزارع حيتان لا يستطيع أحد أن يخضعهم للقانون !


الأقدام القوية هي لعمال المصانع والمعامل ، المسحوقين الذين يعلمون أن آلات المصانع أهم من أرواحهم عند ملاكها ! التائهين بين معدات سلامة ليست موجودة لتحفظهم وبين مدير لهم يتبجح في الإعلام عن أهمية تلك المعدات ! المغامرين بدمائهم وأوصالهم التي تتقطع أحياناً من ماكينات عفا عليها الزمن و لا يجرؤون على طلب تغييرها أو تجديدها .


هؤلاء هم المعذبون في الأردن ، العمال ، هؤلاء هم من بُنِيَ الأردن ويُبنى على أكتافهم ، من المفروض والمنطق أن يكونوا الأعلى دخلاً ، و الأكثر احتراماً منا جميعاً ، لأنهم بناة وطن حقيقيون ، ولكن هل هذا هو الواقع ؟ هل دخلهم يكفي ليوفر لهم حياة كريمة ؟ هل مستقبلهم آمن ؟


في الورش أطفال ملطخون بالشقاء يعملون بنصف دينار باليوم على الأكثر ، في البيوت خدم وخادمات يتم إهانتهم وتعذيبهم كل يوم ، في القطاع الخاص يتأخرون بالأشهر في دفع الرواتب القليلة حجمها أصلاً .


بعد هذا ، ماذا نقول للعمال ؟! ماذا نقول لضمائرنا ؟ هل نقول لهم اصبروا ؟ هل نقول أنهم بخير ؟ كلا ؛ فهم ليسوا بخير ، لذلك نقول للحكومة ولأرباب العمل أنتم بخير وسعادة لأنهم مريحون لكم ؛ فهم الأغلبية الصامتة على حقوقها !

إلى المعذبين في الأردن ، إلى العمال ، أعانكم الله .

Sameeh_nws@yahoo.com



تعليقات القراء

علاء ملكاوي
الف تحيه لك اخ سميح صاحب القلم الجريء والصريح ان ماتتحدث به سيدي هي معظله حقيقيه في بلدنا من قبل الاقطاعين والبرجوازين الذين ينامون هم واولادهم في بلد ويستفيقون في بلد اخر ولا الومهم بل الوم كله على حكوماتنا وتحديد الرواتب الشحيحه التي الكثير من المنابر طالبت باعادة هيكلة الرواتب فهؤلاء العمال هم الجند المجهولون هم بناة هذا البلد وهم الكادحون وللاسف لااحد يشعر بجوعهم وحوع اولادهم فهل يشعر وزير العمل بجوه هؤلاء تاعمال او رئيس الوزراء الذي يتمتع بذهاب الى السينما هل يعلم الجميع ان الحكومه انهت وحجمت الشركه الوطنيه لتشغيل واعادت الامتيازات الى مؤسسه التدريب المهني التي تختص فقط بالتدريب وهذا كله كان تصفية حسابات ونشاهد من انهى تدريبه اصبحوا بالشوارع واضاعة سنتين من العمر
06-07-2010 08:48 PM
م .ا .م
يا سيد سميح انت تتحدث عن بلد فتحت ابوابها لما يسمى التجارة الحره وتعويم الاسعار ومنحت تسهيلات كبيره لرؤوس اموال ضخمه من خارج البلد ومن داخلها فأصبحت شركات عملاقه اصحابها حيتان ياكلون الاخضر واليابس في هذا البلد حتى مؤساسات هذا البلد بيعت لهم بثمن بخس واصبحوا يملكون معظم البلد وكما هو معروف عندما تتحول اي بلد الى نظام راس مالي فان رؤوس الاموال هم الذين يتحكمون في القوانين وفي كل شيء لمصلحتهم ضاربين مصالح الغالبيه عرض الحائط وطبعا الذين اتحدث عنهم يمثلون فئه قليله جدا وهي التي تقبض على العصب الاقتصادي واما الباقون وهم نحن غالبية فئة الشعب عباره عن ايدي عامله مهضومة الحق عند هؤلاء الحيتان
فيا سيدي عصر الرق والاقطاع يتجلى في كامل حضوره واناقته لدينا الان
07-07-2010 08:45 PM
عمر شاهين
الاخ الحبيب سميح حقا اصبح الامر مشفقا غلى اليد العاملة فهي تنتج ان يدر لها شيء ساعات من الاستعباد والارهاق وكله مجانا عبرت انت بشكل وصفي وكنت اتمنى ان تدخل الارقام حيزا في مقالك ولكن من لا يدرك ما يوفره راتب 150 مقابل 8 ساعات عمل وبعض الشح لساعات عمل اضافاية ابدعت ولكن لا يوجد قلب لصاحب مال
08-07-2010 03:32 AM
سميح العجارمة
أشكر الكاتب المميز عمر شاهين والكاتب علاء ملكاوي و تعليق ( م .ا .م ) على مرورهم الكريم وتعليقاتهم القيمة .
08-07-2010 10:21 AM
ابن جبال الطفيلة
كتاباتك حروف من نور فليد هذا الوطن الف سميح وسميح شكرا .......
08-07-2010 10:46 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات