الدراما الاردنية… اين هي؟


انا اعلم ان اللامبالاة هي السبب…. فالكل يدير ظهره للمسؤولية… الكل يهوى النفاق على ممارسة المواقف الصادقة… الفن بالنسبة للسياسيين الكبار في آخر اولوياتهم فهم يفهمون لغة السياسة و المصالح الشخصية و لا يكترثون للمسلسلات و للافلام… فعلى ارض الواقع هنالك مصر و الفائض الذي لطالما استوردنا منه المواد لنملا الساعات على الفضائيات…. ام ربما الخليج و مسلسلاته… فالفضائيات بمتناول الجميع… لذلك لما نضيع وقتنا بالاهتمام بالانتاج المحلي؟…اكاد اسمعها في اذناي… الفنان؟ هو بطالة مقنعة في مجتمعنا الاردني… تارة اصبح يسافر الى الخارج لربما قد يجد له رزقة… او ربما قد يدعوه برنامج على فضائية اردنية ليظهر به… ليحكي كيف جلس في منزله عقود طويلة يلهث لسماع صوت رنة هاتفه… لربما من منتج اردني يعرض عليه دور يحمل في طياته بسمة و امل بمستقبل واعد للدراما الاردنية… التي مشت عرجاء من شدة اهتمامها بالتراث و اهمال بعدها المعاصر… اكاد اسمع حوار آخر يجعل قلبي يتمزق قهرا على فنانينا في المملكة… فاتصلت منذ بصعة اعوام بفضائيتنا الاردنية حينما سمعت من مؤسسات محلية بأن الدراما في هذه الفترة اردنية…لاصدم حينما سمعت بان الميزانيات محدودة… فقلت في ذاتي “معليش” اول الغيث قطرات من السماء… و لكن بعد سنة او ربما سنتين توقف كل شيئ و كأنها كانت كذبة.. . كيومين من الصيف الدافئ امتعتنا الطبيعة فيهما بعد برد قارص و شديد…فشاشتنا طغت عليها هويتنا ليومين ثم توقف الانتاج لنعود الى خانة الصفر مجددا…و و لتملأ شاشاتنا اللهجات الغريبة من جديد…

يا قطرات الدمع التي تنساب كلما اتذكر وضع بلادنا… بأن الدراما المعاصرة غائبة عن الفن التمثيلي و كان ليس لدينا امكانية لننتج و نصبح ند لمصر… و للخليج و للبنان… فراغ قاتل يعقد حل المشكلة و يهدد بلادنا بصورة حثيثة… الى متى؟ سألت مرة فنان اردني كبير عن شركات انتاج في الاردن… فقال لي بأنه لا يوجد و قد تكون التي تعمل تنتج اعمالا خاصة لبرامج فصائية من الفضائيات… بينما مصر و حتى اثناء نكستها في الربيع العربي تنتج سنويا عشرات المسلسلات غير الافلام… لبنان تستعيد عافيتها دراميا بصورة قوية… الخليج لطالما تمتع بحركة درامية قوية بالرغم من بعض التحديات التي لا متسع لنا هنا الخوض فيها… و لكن و كأن القدر ينسانا… يعبر عنا باستمرار من دون ان يحرك لنا عجلة الانتاج… لنبقى على بعض الاعمال القديمة… نقول بأن كان لدينا تجربة ناجحة بالماضي…نعلق فشلنا كمجتمع فني من شدة قهرنا على ثيمة ان المنتجين يثقون بمصر و باللهجة المصرية… او بلبنان و باللهجة اللبنانية… عفوا ايها القدر الذي ينسانا… فحان الآوان لنمسك هذه الشماعة و نرميها على مرمى يدينا وراء الافق بعيدا… حيث يهاجر ابناء مجتمعنا الفني الى مصر و لبنان و الخليج ليعملوا… و لتكتب الصحف المصرية عنهم بانهم فنانون من الصف الثاني مع الاسف متجاهلين ارشيفهم الدسم فقط لأنهم لا يعملون باستمرار في مصر… عذرا يا زمن فكنت لئيم كلئم القحبة عديمة الحنان و المشاعر. و الاحسيس معنا… تناسيت الا ردن كثيرا بالرغم من امكانياتنا… سامحوني على صراحتي افلا يغار احد على هويتنا التمثيلية و الدرامية المحلية… ما هي هويتنا المحلية الدرامية؟… هل التراث البدوي مع احترامي الاكيد له يلخص ما نصبو اليه كمجتمع فني؟ هل يلخص رؤية مملكتنا الدرامية بصورة شاملة و متكاملة؟ متى سنأخذ اول خطوة جادة لنغرز اظافرنا بقلب هذا القدر الذي تناسانا و نقول للعالم العربي نحن موجودين و قادرين على قول كلمتنا بالمنافسة الدرامية من خلال اعمال اردنية تحاكي الدراما المعاصرة و فئات مختلفة كالرعب و التراجدي و المغامرات و الاعمال الاجتماعية و التاريخية… ما اخبار المسرح؟؟… من سيطلق اول رصاصة تمويلية لتستعيد الاسواق ثقتها بمنتوجنا… المشكلة الوحيدة بالخطوة الاولى… بالحركة الانتاجية و ديمومتها في بلادنا… اظن ان اسواق الخليج و فضائيات الوطن العربي قد ترحب بانتاجنا ايضا… لكن يلزمنا منتيجين يثقون بالممثل الاردني و قدرته بكسب ود الجمهور العربي… و فنانين بلادنا قادرين على هذا الأمر..

من سيطلق اول رصاصة انتاجية… من سيدق على صدره و يبدأ بعمليات انتاجية دائما في بلادنا متكاملة الابعاد… انا اثق بفناننا الاردني انه قادر على صناعة نجومية مثل فنانين الوطن العربي… ولكن اتعطش ليكون في الاردن…تجربة على تراب الوطن الطهور… تعمدها شمس سماءنا الرحبة و تعطرها نسائم حدائقنا المشبعة بورود اردننا المشهورة… تدمع عيناي ألما لانها غائبة عنا… اريدها واقع لاكحل عيناي بها و بنجاحها… فحينها سيتوقف قلمي عن غربته المريرة… و سأصنع من اوراق الورود شربات اردنية لاسقى القاصي و الداني شراب الفرح… فحينها ستتوقف الطيور المهاجرة الفنية عن هجرتها و تعود الى اغصان اشجارنا المثمرة في الوديان و البراري في بلادنا الحبيبة… حينها سنغرز مخالبنا عميقا بقدر نسينا منذ ازمان طويلة… و سنشمت به بأننا انتصرنا على قساوته…. لأن الذل هو ان اعمل بعيدا عن بلدي و الذل هو ان يتساقط عرقي على تربة الغربة… ان اشارك و اصنع دراما لبلدان آخرى و ان يبقى بلدي الاردن اعرج دراميا من دون عطاء غزير… سامحوني على صراحتي… و لكن نحن موجودين… و و ينقصنا ثقة بعض المستثمرين… و انا متاكد بأننا قادرون على فعل الكثير و لكن في بلادنا… لا اكثر و لا اقل…



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات