بيان المجلس القضائي بلا معنى


بعد أن تقدم القضاة بمطالبهم وعريضتهم لرئيس المجلس القضائي واجتماعه بهم ليخرجوا بخفي حنين، وبعد التحرك الإعلامي المساند لاستقلالية القضاء، وبعد دعم نقابة المحامين الداعم لموقف القضاء، وبعد تصريحات رئيس الحكومة التي أكدت على أن التنسيب بقانون استقلال القضاء المعدل جاء من قبل رئيس المجلس القضائي الذي أخبر الحكومة خطياً بأن هذا القانون هو حصيلة نقاش وإقرار من قبل المجلس القضائي.

بعد كل هذه الضجة توقع الجميع أن يصدر المجلس القضائي بيانه الذي يطبق عليه المثل القائل ((قطعت جهينة قول كل خطيب)) حيث أعلن المجلس القضائي مسئوليته عن إصدار هذا القانون بعد أن ناقشه وإذا لم يكن الإعلان على هذا النحو فلا بد أن يعلن المجلس القضائي تحميل المسئولية لشخص رئيس المجلس القضائي الذي أدعى خطياً أنه قد ناقش القانون مع المجلس القضائي رغم أن ذلك لم يحصل.

وصدر بيان المجلس بالأمس مخيباً للآمال ومخالفاً، ذاك البيان الذي ركز على ثلاث النقاط التالية:

أولاً: لا يسمح موقعو البيان لأي سلطة بالتدخل في استقلاله ولا يسمح لنفسه بالتدخل بالسلطات الأخرى، ولا ندري من هي السلطة التي لن يسمح المجلس القضائي لها بالتدخل في استقلاله بعد أن نعرف أن على الساحة الأردنية في هذه الأيام سلطتين فقط هما التنفيذية والقضائية أما الثالثة فهي غير موجودة حتى نهاية هذا العام مما يترتب على ذلك أن خطاب المجلس القضائي موجه للحكومة ويشعرها ضمنياً بأن القضاء لن يتدخل في أعمال الحكومة مع ملاحظة أن رئيس المجلس القضائي قبل أيام وحين قرر المجلس إحالة أربعة من كبار القضاه على التقاعد بناءً على تنسيب معاليه حين أخبر أعضاء المجلس أن تنسيبه بإحالتهم كان توجيهات من فوق أي من جهة أعلى منه وهذا مردود عليه لأن من هم فوقه معنيون باستقلال القضاء ورعايته والاهتمام بالقضاه أكثر من أي جهة أخرى حكومية كانت أم شعبية.

ثانياً: أشار البيان العتيد إلى أنه يجوز للقضاه أن يمتنعوا عن تطبيق النصوص المخالفة للدستور وأن محكمة العدل العليا هي المختصة بدستورية القانون المؤقت، ولا أدري ما لجديد في هذه البيان فالقاضي تحت التدريب يعرف عن صلاحية القاضي بموضوع النص المخالف للدستور أكثر مما يعرفه بيان المجلس القضائي بل أدق أيضاً لأن صلاحية القاضي في هذا الموضوع جوازيه حسب البيان أما بموجب الدستور والفكر القانوني فهي وجوبيه لا جوازيه والتعليق على موضوع صلاحية محكمة العدل العليا فالحكم به متروك للقراء والمشاهدين الذين أصبحوا يعرفوا أكثر من بعضنا نحن المحامين.

ثالثاً: أشار البيان إلى عدم جواز استغلال المجلس القضائي أو القضاة في أي مآرب من قبل أي جهة كانت وهذا القول يسئ لمؤسستنا القضائية التي نعتز بها ونفاخر وأعضاؤها مسئولون عن أرواحنا وأعراضنا وأموالنا لا تجرؤ أي جهة أن تحاول استقلال من ائتمنوا على أغلى ما نملك.

وعودة للموضوع كل القرائن والدلائل تشير إلى أن رئيس المجلس القضائي وبالاتفاق مع وزير العدل لم يستشر أعضاء المجلس القضائي ولم يناقش معهم القانون المتعلق بهم من ألفه إلى يائه ونسّب باسم المجلس معتمداً على ما يسمى باللهجة العامية(المونه) أو بالجيبة، وبأن هذا المشروع سيمر دون أن يكتشف وخاب الظن حين ظهرت المشروحات الخطية من خلال كتاب رئيس الوزراء الموجه إلى رئيس ديوان التشريع والمرفق معه مشروع قانون استقلال القضاء المعدل المؤقت الذي ناقشه وأقره المجلس القضائي وما يؤكد على ذلك هو التزام الصمت من قبل رئيس المجلس القضائي هو وأعضاء المجلس بهذا الموضوع حتى أن البيان لم يتطرق للتنسيب على القانون من قريب أو من بعيد.

وخلاصة القول بعد المجزرة القضائية بإحالة عدد من كبار القضاة على التقاعد دون مسوغ قانوني سوى عبارة (توجيهات من فوق)التي كان جلالة الملك قد حذر المسؤولين من التستر بهذه العبارة بخطابات ملكية سابقة والتحذير من استغلالها وبعد البادرة الخطيرة الغريبة علينا التي تجلت في عريضة القضاة والتي وقعها أكثر من ربع قضاتنا وأيدها معظم الباقين وبعد البيان الذي لا يسمن من جوع ولا يؤمن من خوف وعلى أساس المثل الإنجليزي بأن المسؤول لا يخطئ فإني وكواحد من رجال القانون وحراس العدالة انصح رئيس المجلس القضائي بأن يقدم استقالته ويضحي بالمنصب من أجل المصلحة العامة التي توجب عليه أن يستقيل بعد الذي حصل على يديه.

أما بالنسبة لوزير العدل فهو من مسؤولية رئيس الحكومة الذي نجل ونحترم ذاك الرئيس الذي كان ومازال مع استقلال القضاء.

faisalbatayneh@gmail.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات