المكانة والدور!


ما هو الاختبار الحقيقي الذي يواجهه الأردن الآن في مواجهة أزمته الاقتصادية وفي التعامل مع التطورات الإقليمية، وبخاصة الحرب الدائرة في المنطقة المحاذية لحدوده الشمالية، ومع ما يسمى بصفقة القرن المبهمة، وما هي مكانته ووزنه وثقله في المعادلة الإقليمية التي يبدو أنها دخلت مرحلة إعادة توزيع الأوراق؟

قد تختلف أو تتفاوت الأجوبة على أسئلة من هذا النوع، ولكن بالإمكان التوقف طويلا عند الاتصالات التي جرت في عمّان، وتلك التي جرت في واشنطن بين جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين والرئيس الأميركي دونالد ترمب وعدد من لجان الكونغرس الأميركي، والإعلان عن منح جائزة جون تمبلتون لجلالة الملك تقديرا لجهوده في نشر التسامح والوئام بين الديانات، وفي التأليف بين المذاهب، وإبراز القيم العظيمة للإسلام، والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فكل تلك المؤشرات والدلالات تؤكد المكانة الراقية التي يحظى بها جلالة الملك لدى المحافل السياسية والفكرية والفلسفية والإنسانية على المستوى العالمي.

في الحسابات المنطقية لتقييم أوزان الدول تأتي الصفات التي يتحلى بها القادة وطبيعة الأنظمة السائدة في تلك الدول في مقدمة المعايير التي يتم القياس عليها لأنها انعكاس للدولة كلها، تاريخها وموقعها وثقافتها وإسهامها في الحياة الإنسانية، وتمسكها بالشرعية الدولية، ودعمها للسلام الإقليمي والدولي، وكلها معايير تنطبق على بلد مثل الأردن الذي يواصل دوره من أجل إحلال السلام العادل عن طريق التفاوض السلمي، ونبذ العنف والتطرف، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ويترجم مواقفه المبدئية إلى واقع عملي، كما هو الحال بالنسبة لمشاركته الفاعلة في قوات حفظ السلام الدولية، وغير ذلك كثير مما يؤكد أنه بلد يتفاعل مع القضايا الإنسانية تفاعلا إيجابيا.

بعض ما يبعث على الأسف أن نظرتنا لأنفسنا تتناقض مع صورة بلدنا على المستوى الدولي، وهناك حالة من الانفصام يتم التعبير عنها بتأثير من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يمر به بلدنا، حيث يتم التغاضي عن عناصر القوة الذاتية التي تم التصدى بها لكارثة الربيع العربي، والإبقاء على المخاطر في حدها الأدنى، مع الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومعالجة الاختلالات الناجمة عن وضع إقليمي غير مسبوق.

اليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لعناصر القوة التي سنجابه بها احتمالات المرحلة المقبلة، أي مرحلة إعادة توزيع أوراق المعادلة الإقليمية التي تلعب بها القوى الدولية الفاعلة، ومن الأهمية بمكان جمع عناصر قوة المكانة التي يحظى بها الملك على المستوى الدولي، وعناصر القوة الوطنية المتحالفة والمتضامنة معه، من أجل اكتمال الصورة.

ولا ننسى أن بعض القوى الإقليمية ليست سعيدة بتلك المكانة التي يحظى بها قائدنا وقدرته على التأثير في السياسة الدولية، وما يتمتع به من مصداقية، ومن احترام لوجهة نظره، وتحليلاته الإستراتيجية لمشكلات المنطقة وأزماتها، ولا شك أن هناك حملة لتشويه الصورة، بعضها مقصود، والآخر ناجم عن سوء تقدير أو فهم لتلك المعادلة المعقدة نوعا ما، وبالتالي لا بد من صياغة خطاب وطني أردني موحد يكون قادرا على التعبير عن المصالح العليا لبلدنا بالصورة التي ينبغي أن تكون عليها!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات